لماذا حرّم الله الربا؟

شياطين النظام المالي لماذا حرّم الله الربا؟

لماذا حرّم الله الربا؟

في قديم الزمان، لم يكن البشر يعرفون نظاماً مالياً، ولا نقود كانت للسلع قيمتها الحقيقية، لذا ساد نظام المقايضة وهو نظام عادل لأنه يعتمد على قانون فطري في الاقتصاد اسمه قانون العرض والطلب وهو القانون الذي بمقتضاه تكون العلاقة عكسية بين قيمة السلعة وتوافرها فحين تكون سلعة ما قليلة الوجود ترتفع قيمتها والعكس بالعكس

الذهب على سبيل المثالمعدن قليل الوجود في الطبيعة كما أن استخراجه يحتاج جهداً وهذا ما يجعل قيمة الذهب أعلى من قيمة الرمل المتوافر بكثرة تخيل لو أن رمال العالم تحولت إلى تبر، أي برادة ذهب فبلا شك سوف يفقد الذهب قيمته، ويصبح أقل قيمة من الفحم ولو أن جميع الفلاحين في العالم زرعوا قمحاً، عدا فلاح واحد زرع طماطم فلا شك في أن قيمة حبة الطماطم الواحدة سوف تتجاوز قيمة طن من القمح هذه مجرد أمثلة لقانون العرض والطلب وهو كما أسلفنا قانوناً طبيعياً يتحكم في قيمة السلع

لهذا كان طبيعياً أيضاً أن تعتمد عليه الشعوب الأولى في نظام التبادل أو المقايضة لكن كانت هناك ثغرة في نظام المقايضة جعلته لا يصلح كنظام مالي بمفهوم الكلمة خاصة مع زيادة عدد البشر في المجتمعات، وتنوع الأنشطة لأن هذا القانون يحكمه عامل فرعي هو حاجة الناس لاقتناء سلعة ما

ولأن الحاجة تختلف من شخص لآخر فكان لا بد أن يتفق الناس على اعتماد سلعة واحدة تفي ببعض الشروط والمعايير لتكون أساساً للتبادل بما في ذلك أن تكون ذات قيمة، وسهلة التخزين والتداول ولا تتلف بمرور الزمن، والناس في حاجة إليها أو ترغب فيها وكان الذهب هو السلعة التي تُحقق هذه الشروط لذا اعتمدوه أساساً للتبادل التجاري وأصبحت جميع السلع والخدمات تُقدر وفقاً لقيمة الذهب فلو أن هناك سلعة نادرة الوجود، والطلب عليها كبير فإن قيمتها تكون مساوية لقيمة الذهب والكيلو جرام منها يساوي كيلو جرام من الذهب بينما لو أن هناك سلعة أخرى متوافرة إلى حد ما، والطلب عليها متوسط فإن قيمتها تكون مساوية لنصف قيمة الذهب والكيلو جرام منها يساوي نصف كيلو جرام من الذهب وهكذا،

وبهذه الطريقة اكتسب الذهب قيمته كأساس لتقييم السلع والخدمات أيضاً بدلاً عن نظام المقايضة لكن ظهرت مشكلة أخرى بسبب القيمة التي اكتسبها الذهب حيث أصبح المطمع الأول للصوص فلماذا يسرق لص أطناناً من القمح إذا كان من الممكن أن يسرق بضعة جرامات من الذهب

تساوي هذه الحمولة الكبيرة أي بإيجاز: صار الذهب ما خف حمله وغلا ثمنه وعند هذه النقطة حدث تحول تاريخي حيث قام أحد العباقرة من الرأسماليين الأوائل ببناء خزانة كبيرة يحرسها الحراس كي يحفظ الناس فيها ذهبهم مقابل نسبة صغيرة من هذا الذهب أجل، كانت هذه البذرة الأولى للأنظمة المصرفية إذن، يأخذ صاحب الخزانة الذهب من الرجل ويعطيه صكاً مدوناً فيه قيمة الذهب الذي أودعه وعندما يحتاج صاحب الذهب إليه، يذهب إلى الخزانة يُسلّم الصك، فيسترد ذهبه مُقتطعاً منه النسبة المتفق عليها

ولكن ظهرت مشكلة جديدة حيث أصبحت عملية تبادل السلع تستغرق وقتاً أطول فإذا أراد شخص شراء سلعة بقيمة عشر قطع ذهبية يجب عليه أن يذهب أولاً إلى الخزانة، يُسلّم الصك، ثم يستلم الذهب ثم يرجع إلى صاحب السلعة، يشتريها ويدفع القطع الذهبية العشر فيأخذها البائع ويذهب إلى الخزانة ليودعها ويستلم صكاً بقيمتها هذا وقت طويل يضيع حسناً لنختصر المسافات فعند شراء السلعة يكفي أن يُسلم المشتري البائع الصك الذي يحمل قيمة القطع الذهبية ويأخذ السلعة وبهذه الطريقة تحول الذهب الموجود في الخزانة إلى أوراق تداولها الناس بينهم بالضبط كما يخطر في بالك هذه الأوراق تحولت فيما بعد إلى الأوراق النقدية

لكن دعنا لا نتعجل، ولنبقى في ذلك الزمن قليلاً صاحب الخزانة، أو لنسميه صاحب البنك أدرك أن الناس لا يأتون لاستلام ذهبهم عوضاً عن ذلك، استخدموا الصكوك كونها تمثل قيمة الذهب المحتفظ به في البنك وهنا تفتق ذهنه عن خدعة عبقرية لماذا لا أطبع صكوكاً دون أن يكون لها رصيد من الذهب في البنك مجرد أوراق لا قيمة لها، لكنها تستمد قيمتها من الذهب الوهمي المحفوظ في الخزانة ولن يلحظ الناس ذلك إلا لو أتوا جميعهم دفعة واحدة في الوقت نفسه لطلب ذهبهم وهذا لا يحدث

وبهذه الخدعة حقق صاحب البنك ثروة طائلة من العدم حيث جعل قيمة الورق تساوي قيمة الذهب وما كان لأحد أن يكشف هذه الخدعة لولا قانون العرض والطلب فالذهب سلعة مثل أي سلعة والأوراق التي يُفترض أنها مساوية لقيمة الذهب، أصبحت الآن سلعة أيضًا وقانون العرض والطلب يقول إن أي سلعة تنخفض قيمتها إذا توافرت، والعكس صحيح وبما أن الذهب أصبح سلعة متوافرة بكثرة بسبب الصكوك الوهمية التي طبعها صاحب البنك، لذا انخفضت قيمته وأصبحت السلعة التي كانت تساوي عشر قطع ذهبية تساوي الآن عشرين قطعة ذهبية لأن قيمة السلعة ارتفعت في مقابل الذهب ولا تنس أن الذهب لم تقل قيمته في الحقيقة وإنما الذي قل هو قيمة الصكوك أو الأوراق النقدية التي يتداولها الناس وعليه فإذا كنت أريد شراء ثوب من القماش ثمنه عشر قطع ذهبية وذهبت إلى البنك واستلمت ذهبي فحين أرجع إلى تاجر الأقمشة أكتشف أن ثمن الثوب أصبح عشرين قطعة ذهبية وأن قيمة الذهب الذي في يدي تقلصت إلى النصف دون أي سبب واضح ونتيجة لذلك أصبحت مطالباً أن أعمل أكثر كي أحصل على أقل على الرغم من أن الذهب هو الذهب، والأقمشة هي الأقمشة

ما الذي تسبب في هذه الفجوة أو بالأحرى ما يُعرف في علم الاقتصاد بالتضخم أي زيادة قيمة السلعة في مقابل قيمة النقود بالطبع الخدعة التي ابتكرها صاحب البنك الأول وجنى من ورائها أموالاً طائلة ولو كنت تظن أنه أكبر لص في التاريخ لأنه استطاع تحويل الورق إلى ذهب وسرق أموال الناس في غفلة، فظنك ليس في محله إنه لم يكن سوى هاوٍ مبتدئ بالمقارنة بنسله من الشياطين الذين نهبوا ثروات الشعوب واستعبدوهم

والآن، تعال نغادر ذلك الزمن، ونقفز إلى حاضرنا هل سألت نفسك يوماً كيف تربح المصارف الأموال؟ أو بعبارة أبسط، لو أنك وضعت مبلغاً من المال في البنك كوديعة فسوف تحصل على عائد شهري أو سنوي هو نسبة معينة من المبلغ الذي أودعته ثم تسترد المبلغ كاملاً بعد بضع سنوات، لتكتشف أن المال قد ربا، أي نما وزاد فمن أين جاءت هذه الزيادة؟ وهل هي زيادة حقيقية؟

هناك من يعتقدون أن المصارف تستخدم أموالك في إقامة مشاريع صناعية وتجارية وأن الزيادة في المبلغ هي نسبة من أرباح هذه المشاريع صدق أو لا تصدق، هذه إجابة ساذجة لأبعد ما تكون حدود السذاجة أو بالأحرى إجابة اخترعها البعض لتسكين ضمائرهم، أو ضمائر النائمين الحقيقة أن المصارف تحقق ربحًا من خلال القروض ضعها نصب عينيك القروض دائرة الاستعباد المالي، والبئر الذي لا ينضب طالما يسبح فيه النائمون تعال نشرح الأمر بطريقة أوضح كي نفهم دورة المال الحقيقية وكيف صنع الشياطين النظام المالي لخدعة واستعباد البشر هل تذكر الشيطان الأول الذي ابتكر فكرة الخَزانة لحفظ الذهب؟ لاحظ أنه لم يطبع صكوكًا بقيمة الذهب دون أن يكون لديه رصيد من الذهب وحسب بل أقرض هذه الصكوك للناس أيضًا وبذلك أصبح دائنًا وامتلك أموالًا مُقرضة لم تكن موجودة أبدًا واعتمد في هذه العملية على الاحتفاظ بجزء صغير من الذهب في الخزانة كاحتياط في حال أتى شخص يطلب ذهبًا حقيقيًا وليس صكوكًا لا قيمة لها في الحقيقة هذا الجزء هو ما يُعرف بــ نظام الاحتياطي الجزئي والذي تعتمده المصارف إلى يومنا هذا فعندما تقوم بإيداع عشرة آلاف دينار في البنك على سبيل المثال فإن البنك يحتفظ بنسبة صغيرة من هذا المبلغ في خزائنه تسمى: نسبة الاحتياطي الجزئي وتختلف هذه النسبة من دولة لأخرى في الولايات المتحدة كمثال، تبلغ هذه النسبة عشرة بالمائة ما يعني أن البنك يحتفظ بألف دولار في خزائنه من العشرة آلاف التي أودعتها

إذن، ماذا يفعل البنك بالمبلغ المتبقي تسعة آلاف دولار؟ حسناً، هناك شخص آخر يرغب في شراء سيارة فيذهب إلى البنك ويقترض مبلغ تسعة آلاف دولار ثم يعطي هذا المبلغ للبائع والذي بدوره يودعه في البنك الذي يتعامل مع هذا المبلغ كإيداعٍ جديد فيحتفظ بنسبة عشرة بالمائة من هذا المبلغ، أي تسعمائة دولار ويُقرض الباقي لشخص آخر وهكذا تدور الدائرة حتى تصبح العشرة آلاف مائة ألف وبذلك يكون النظام المالي للبنك قد خلق مائة ألف دولار من مجرد استخدام أموالك في القروض وعليه تكون النسبة الربوية التي تتقاضاها نظير إيداعك الأموال في البنك نسبة ضئيلة بالمقارنة بما يحققه البنك من أرباح من أموالك ولاحظ أننا لم نتحدث عن عوائد البنك من فوائد القروض

لكن يجب أن نتحدث عن التضخم الذي يخلقه هذا النظام الشيطاني وكيف أن المال الذي تودعه في البنك لا يزيد بنسبة الفائدة كما تظن بل ينقص في الحقيقة التضخم في أبسط تعريفاته هو انخفاض القدرة الشرائية للمال بمعنى أن العشرة آلاف التي أودعتها بالبنك كانت قادرة على شراء منزل ولكنك اخترت استثمارها بنسبة فائدة مضمونة وفعلاً بعد سنة أو أكثر ربا المال وأصبح اثني عشر ألفاً قد يبدو ذلك جيدًا، ولكن عندما تفكر في شراء المنزل ذاته الذي كان بقيمة عشرة آلاف تكتشف أن سعره الآن أصبح خمسة عشر أَلْفاً بسبب ارتفاع الأسعار وهنا تتساءل: لماذا ارتفعت الأسعار؟ إن قيمة السلع لا ترتفع ولا تنخفض وتكاد تكون ثابتة بحسب العوامل الجغرافية لكن ما يرتفع أو ينخفض هو قيمة الأوراق الملونة التي نعتقد أن لها قيمة حقيقية في حين أنها اكتسبت قيمتها من خدعة شيطانية خدعة النظام المالي الذي أُخفي على القطيع كي لا يعلم كيف تُدار الأمور في قمة الهرم وكيف استعبده الشياطين بالجهل في حين يكافح المستيقظون من أجل إيقاظ الآخرين وإخراجهم من المصفوفة التي أطبقت على عقولهم، وطمست على عيونهم

تعال نعود في الزمن مرة أخرى إلى القرن السادس عشر ونقف في مدينة فرانكفورت الألمانية أمام مصرفي يهودي يُدعى ماير أمشيل بدأ حياته في مصرف أوبنهايمر وما لبث أن أصبح شريكاً فيه مستفيداً من دروس والده في إدارة المال والمعاملات الربوية بعد ذلك عاد ماير إلى المؤسسة المالية التي أسسها والده قبل رحيله وأعاد إليها الحياة واختار لعائلته اسمًا جديدًا مستوحى من درعٍ أحمر كان والده قد علقه على باب المؤسسة تمكن هذا المصرفي من تأسيس نظام مالي سيطر في وقت لاحق في القرن التاسع عشر على اقتصاد أوروبا بعدما ترك من وراءه واحدة من أشهر العائلات في العالم إن لم تكن الأشهر على الإطلاق وهي عائلة الدرع الأحمر أو كما تُنطق معّربة عن اللهجة الجرمانية روتشيلد أرسل ماير روتشيلد أولاده الخمسة إلى أكبر وأهم الدول الأوروبية بعد تدريبهم ليصبحوا عباقرةً في إدارة المال فتحكموا في مال واقتصاد إنجلترا، وفرنسا، وإيطاليا، والنمسا وبالطبع موطنهم الأم ألمانيا وضع ماير روتشيلد نظاماً صارماً في العائلة يمنع الرجال من الزواج إلا من نساء يهوديات ومن أسر ثرية بهدف الحفاظ على ثروتهم وعدم تشتتها لعبت هذه العائلة دوراً غير مباشر في الحياة السياسية في أوروبا واستفادوا من الحروب أيما إفادة لا سيما سلسلة الحروب التي وقعت في أوروبا خلال فترة حكم نابليون بونابرت لفرنسا وعُرفت بالحروب النابليونية وفي الثامن عشر من يونيو عام 1815 كان بونابرت يخوض معركة فاصلة ضد بريطانيا في قرية واترلو بالقرب من العاصمة البلجيكية بروكسل كان ناثان روتشيلد الذي أسس بنك عائلة روتشيلد في إنجلترا يدعم المجهود الحربي البريطاني، ويُقرض الدول المتحالفة مع بريطانيا بينما أخوه جيمس روتشيلد الذي أسس بنك عائلة روتشيلد في فرنسا، كان يدعم الفرنسيين تمكن ناثان وجيمس مع أخوتهم من تنسيق العلاقات بشكل مذهل في جميع أنحاء القارة وطوروا شبكة تواصل من الوكلاء لضمان وصول المعلومات السياسية والمالية لأفراد العائلة مما أتاح لهم الاستفادة القصوى في الأسواق وقصور الحكم أيضاً

لقد فطنوا مبكراً إلى قوة المعلومات وتمكنت هذه الشبكة من نقل أخبار معركة واترلو إلى ناثان روتشيلد قبل يومٍ كامل من وصولها إلى حكومة إنجلترا يُقال إنه أشاع شائعات تفيد بانتصار فرنسا في المعركة مما أدى إلى انخفاض أسعار الأسهم في البورصة استغل ناثان روتشيلد هذا الوضع واشترى الأسهم بأسعار منخفضة عن طريق وسطائه ثم باعها بعد وصول الأخبار الحقيقية بانتصار إنجلترا وارتفاع أسعار الأسهم فحقق ثروة طائلة من وراء هذه الحيلة ويُقال أيضاً إنه تنبأ بالانخفاض المستقبلي للاقتراض الحكومي مما سيؤدي إلى انخفاض قيمة سندات الحكومة البريطانية فقام بشراء سندات الحكومة ثم انتظر لمدة عامين وباع السندات ليحقق عائدًا وهو مبلغ كبير مقارنة بثروة العائلة الضخمة وبهذه الطريقة، استطاعت عائلة روتشيلد تعزيز سيطرتها على الاقتصاد البريطاني، والأوروبي

ومن يملك المال يملك السلطة، والتأثير، والقرار ويستطيع تعديل أو تمرير القوانين التي تخدم مصالحه، وتحقق له الاستفادة القصوى الخطوة التالية للعائلة كانت نحو العالم الجديد في ذلك الوقت أي الولايات المتحدة الأمريكية لكن آباء الأمة الأمريكية الأوائل فهموا الدرس وقاوموا النظام المالي الذي حاولت عائلة روتشيلد تطبيقه للاستيلاء على أمريكا تحت اسم البنك المركزي أو البنك الفيدرالي قال الرئيس الثالث للولايات المتحدة توماس جيفرسون لو سمح الشعب الأمريكي للمصارف الخاصة بالتحكم في أمورهم المالية فإن المصارف والمؤسسات الخاصة ستنهب ثرواتهم

فيستيقظ أبناؤهم بلا مأوى واستمر الرؤساء في محاربة النظام المالي وخاصة الرئيس السابع للولايات المتحدة أندرو جاكسون الذي خاض صراعًا سياسيًا في الفترة من عام 1829 إلى عام 1837 والذي عُرف بـ حرب البنوك تعرض جاكسون لمحاولة اغتيال في يناير عام 1835، لكنه نجا وحين مرِض قال جملته الشهيرة البنك يحاول قتلي، لكني سأقتله ونجح بالفعل في إغلاق البنك الثاني للولايات المتحدة والذي تأسس كمؤسسة خاصة واستبدله بمصارف الدولة ونتيجة لذلك، ازدهر الاقتصاد الأمريكي بأموال حقيقية وصعدت الولايات المتحدة كقوة عظمى في العالم لكن الشياطين لا تيأس أو تستسلم ولا تعَدم الوسائل لإشعال الحروب، أو تأجيج الثورات، أو خلق الأزمات وإقراض الحكومات لاحتلالها اقتصادياً، والتحكم في سن القوانين والتشريعات والاحتيال على مُكتسبات الشعوب واستمرت المخططات لإنشاء المصارف الخاصة والسيطرة على اقتصاد الدولة إلى أن تمكنوا في فترة ولاية وودرو ويلسون من إنشاء دائرة الإيرادات الداخلية والتي تُعد جزءاً من وزارة الخزانة الأمريكية وتتولى إدارة قوانين الضرائب الفيدرالية فأصبحت الضرائب لا تذهب إلى الحكومة الأمريكية بل إلى أوغاد النظام المالي الذين حصلوا على حق طباعة الأوراق النقدية بموجب سلطة البنك الفيدرالي الذي يعتقد النائمون أنه بنك حكومي واستمرت الحرب بين الرؤساء والشياطين وفي عام 1963 وقّع الرئيس الأمريكي جون كينيدي الأمر التنفيذي 11110 الذي يُسند لوزارة المالية الأمريكية مهمة إصدار أوراق نقدية مدعومة بالفضة الموجودة لدى الوزارة وتمت طباعة أوراق نقدية فئة دولارين، وخمسة دولارات وتم توقيعها بـعملة الولايات المتحدةبدلاً من عملة البنك الفدرالي كان هذا الأمر التنفيذي ضربة قوية للمصرفيين الذين يملكون بنك الاحتياطي الفدرالي إذ أنه سوف يؤدي إلى تجميد حقوق البنك واحتكاره لطباعة الأوراق النقدية وبعد ستة أشهر، وفي نوفمبر عام 1963 ذهب كينيدي في زيارة إلى مدينة دالاس بولاية تكساس مستقلاً سيارة مكشوفة الأمر الذي سهل مهمة قناص محترف فأصابه برصاصة قاتلة في الرأس بعد اغتيال كينيدي تولي نائبه ليندون جونسون رئاسة الولايات المتحدة وكان أحد أول قراراته إلغاء الأمر التنفيذي 11110 كان جون كينيدي آخر رئيس حاول التصدي لشياطين النظام المالي والوقوف في وجه البنك الفيدرالي ولم يجرؤ رئيس بعده على مواجهة هذه القوة التي ابتلعت الولايات المتحدة الأمريكية

هل تتخيل أن هذه الحرب كانت دائرة في بلاد العالم الأول إذن كيف كان الحال في بلاد العالم الثالث وهل واجهت الشياطين مقاومة مثلما حدث في الغرب؟ لا تستعجل الإجابة، فما زال للقصة بقية مثيرة في وقت سابق وفي عام 1944 انعقد مؤتمر النقد الدولي حيث اجتمع في منطقة بريتون وودز بولاية نيوهامبشير الأمريكية ممثلي 44 دولة لبحث تطوير النظام النقدي الدولي وتشجيع إنماء التجارة بعد الحرب العالمية الثانية وضمان استقرار سعر الصرف، ومنع التخفيضات التنافسية، وتعزيز النمو الاقتصادي وتم توقيع اتفاقية بريتون وودز التي ربطت عملة الدولار بالذهب بسعر صرف ثابت قدره 35 دولاراً للأوقية حوالي 31 جراماً

وجعلت الدولار هو المعيار النقدي الدولي لجميع العملات وتعهدت الولايات المتحدة بدعم كل دولار في الخارج برصيد من الذهب حيث تمتلك رصيدًا من احتياطي الذهب يعادل قيمة الدولارات المطروحة باختصار، فإن كل دولة تمتلك 35 دولاراً تحصل في المقابل على حوالي 31 جراماً من الذهب بالطبع لا تستلمه ذهباً حقيقياً، وإنما يتم الاحتفاظ به في الخزائن الأمريكية تماماً مثلما فعل الشيطان الأول الذي ابتكر فكرة البنك لكن مع الفرق أنه احتال على أفراد في حين كانت الولايات المتحدة التي استحوذ عليها شياطين النظام المالي في طريقها للاحتيال على العالم في أكبر عملية سرقة في التاريخ فبموجب اتفاقية بريتون وودز، أصبح الدولار يعادل الذهب وتسابقت الدول لتخزينه كما لو كان ذهباً حقيقياً يمكن الحصول عليه في أي وقت في البداية، عمل نظام بريتون وودز بكفاءة عالية مما أدى إلى استقرار أسعار صرف العملات الأجنبية مقارنة بالدولار لكن في عام 1970 تشاور الرئيس الأمريكي ريتشارد نكسون مع رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي، ووزير الخزانة، ووكيل الوزارة لشؤون النقد الدولي ثم خرج إلى العالم في العام التالي 1971 ليلقي خطابه الشهر الذي عُرف بصدمة نكسون في هذا الخطاب، قام نيكسون بالتنصل من وعود الولايات المتحدة بتسليم الذهب مقابل الدولار وقرر تحرير سعر صرف الدولار أي تعويم الدولار مما يعني أن قيمته سوف تخضع لآليات السوق بناءً على العرض والطلب وهكذا استيقظ العالم على حقيقة أن الولايات المتحدة كانت تطبع الدولارات دون غطاء من الذهب واستولت على ذهب العالم في مُقابل حفنة من الأوراق وبطبيعة الحال لا يجرؤ أحد على الاعتراض أو مواجهة القوة الاقتصادية والعسكرية للولايات المتحدة وإلا أصبحت ملايين الدولارات التي حفظها في خزائنه أرخص من المناديل الورقية

وهكذا سلّمت الشعوب ثرواتها طواعية إلى شياطين النظام المالي الذين أصبحوا يطبعون ما يشاءون من الدولارات ويُغرقون العالم بما فيه الولايات المتحدة نفسها في التضخم وينهبون ثروات الأمم في مقابل أوراق خضراء لقد امتلكوا المال الذي يجعلهم قوة تتحكم في العالم كأنه رقعة شطرنج يشعلون الحروب، يؤججون الثورات، يتحكمون في الأنظمة يغيرون ويبدلون كما يحلو لهم يأمرون فيُطاعون والويل والثبور، وعظائم الأمور لمن يحاول الخروج عن الخط المرسوم له إنهم لا يعرفون قواعد اللعبة وحسب بل هم من وضعوا هذه القواعد وألبسوا الباطل ثوب الحق، وخدعوا النائمين بأهمية الاقتراض في حين أن القروض هي أوسع الطرق لخراب البيوت هل عرفت الآن لماذا حرّم الله الربا؟

هل فهمت كيف تسللوا إلينا ونحن نيام وأفرغوا جيوبنا؟ هل رأيت كيف خدعوا العالم، ونهبوا أموال الشعوب واستعبدوهم؟ صدقني أنت لم ترَ شيئاً بعد فقد سرق هؤلاء الشياطين الأهم من المال

وزارة التربية والتعليم (moe.gov.jo)

Loading...
Play ButtonPlay Button

You May Also Like