الموهوبون ذوو صعوبات التعلم بقلم الدكتور يحيى القبالي

الموهوبون ذوو صعوبات التعلم بقلم الدكتور يحيى القبالي

الموهوبون ذوو صعوبات التعلم

ما إن يتم الحديث عن هذا المصطلح حتى يتم التطرق مباشرة إلى مصطلح آخر وثيق الصلة به ألا وهو المتفوقون عقليا ذوو التحصيل المنخفض ( الثناية غير العادية) ، وكثيرا ما يتم الخلط بين المصطلحين، ويتجاوز مدى الخلط بين الخصائص والسمات لكلا الشريحتين إلى الخصائص الجسمية والنفسية وحتى إلى نسبة انتشارهم في المجتمعات

هناك ثمة ترابط وحيد وأوحد بين هاتين الشريحتين من الطلبةما دام الحديث في مجال التعليمفي المجتمع المدرسي ألا وهو التسّرب من السلم التعليمي والانطلاق لخوض غمار العمل خارج الأسوار المدرسية، فكلا من الموهبة تتيح لصاحبها مكانة اجتماعية مرموقة يستطيع من خلالها شق طريقه في الحياة والاكتفاء ماديا عن غيره، وكذلك التفوق العقلي يفتح مجال اختيار المهنة لصاحبه وينطلق مخترقا بأفكاره وقدراته أسواق العمل والتي هي بحاجة لمثل هذه القدرات

قلة من هاتين الشريحتين من يصل إلى التعليم الجامعي والقليل منهم من يتخرج من هذه المرحلة بعد عناء طويل وتغيير لمجال تخصصهم الجامعي لأكثر من تخصص مع ضعف ثقتهم بالمجال الأكاديمي؛ لأنهم بقرارة ببساطة يجدون أنفسهم خارج التعليم الأكاديمي، فتقل دافعيتهم للتعليم

من هم الموهوبون ذوو صعوبات التعلم

هم بكل بساطة طلبة على مقاعد الدراسة لديهم موهبة فطرية وفي الوقت نفسه يعانون من صعوبات التعلم، ولكي نفهمهم أكثرا لا بد من تعريف الموهبة، وتعريف صعوبات التعلم أيضا

إن أول من تطرق لمفهوم التفوق والموهبة هو ( جالتون1883م) والملقب بجد علم تربية الطلبة المتفوقين، حيث كان يعتقد أن التفوق وراثي وثابت في الأفراد، ولعله كان متأثرا بتخصصه في علم الأحياء حيث ألّف كتابه الشهير ( وراثة العبقرية)

ونلاحظ الخلط قد بدأ بهذا التعريف ؛ لأن الحديث بدأ بالموهبة ومن ثم انتهى بالتفوق ، واعتبر أن الموهبة تفوقا عقليا ، وأن مفهوم التفوق هنا يحتاج إلى تفصيل: هل هو تفوق عقلي أم تفوق أكاديمي؟ حيث أن لكل من الموهبة والتفوق العقلي والتفوق الأكاديمي طرق قياس وبرامج وخصائص تميز كل منهما عن الآخر

تعريف الموهبة: تعريف الرابطة الأمريكية الأطفال الموهوبين ، حيث يعرّف الموهوبين بأنهم أولئك الأفراد الذين يكون أداؤهم عاليا بدرجة ملحوظة بصفة دائمة

وفي هذا التعريف يظهر استثناء الجانب الأكاديمي حيث أن التفوق الأكاديمي مكتسب ويكون في كثير من الأحيان غير دائم

تعريف مكتب وزارة التربية والتعليم الأمريكية حيث –تعريف ميرلانديعرّف الموهوبين : هم أولئك الأطفال الذين يملكون قدرات وإمكانات غير عادية تبدو في أدائهم العالي والمتميز والذي يتم تحديدهم من خلال خبراء متخصصين مؤهلين ومتمرسين ، وممن لا تخدمهم مناهج المدارس العادية وبحاجة إلى برامج متخصصة ليتمكنوا من خدمة أنفسهم ومجتمعهم

وتشمل مجالات الأداء العالي المتميز واحدا أو أكثر من المجالات التالية

 اولا – القدرات العقلية العامة

 ثانيا – القدرة الأكاديمية المتخصصة

 ثالثا – القدرة القيادية

 رابعا – القدرة الإبداعية والابتكارية

 خامسا – المهارات الفنية والأدائية

 سادسا – القدرات النفس حركية

إن التفوق الأكاديمي ليس بحاجة إلى خبراء ومتخصصين حتى يتم كتشافه

تعريف كاتب المقال: الموهبة هي قدرة استثنائية فطرية تتكون من مجموعة من المهارات المتسقة الدائمة والحقيقية وتفصح عن نفسها ولكنها تحتاج إلى رعاية وصقل ومستوى ذكاء فوق المتوسط وتصنّف إلى مستويات من قبل متخصصين في مجالها، وأكثر ما تظهر بعد سن الرشد، ومقدّرة من المجتمع ولا تخدمها المناهج المدرسية بشكل كاف

ولا توجد مقاييس عامة لقياس الموهبة بل يعتمد الكشف عنها من خلال الملاحظة المباشرة لكل مجال من مجالاتها.( قبالي، عبد الهادي 2018م)

ويبقى الخلط قائما ما بين الموهبة والتفوق العقلي والتفوق الأكاديمي حتى لحظة كتابة هذا المقال

تعريف صعوبات التعلم

يمكن القول بأن العناية بذوي صعوبات التعّلم قد نمت وتزايدت منذ منتصف الستينيات من القرن الماضي وتبلورت في غضون عقد من الزمن بعد ذلك ، ويرجع الأصل في طرح مصطلح صعوبات التعلم إلى ما كان يلاحظه المربون في أواخر الخمسينيات وأوائل الستينيات من القرن الماضي من وجود كثير من الطلبة الذين كانوا يقبلون في المدارس العادية ولا يستطيعون السير في المهمات التي تقدمها البرامج التعليمية العادية ولا يعطون في الوقت نفسه الحق في الانتساب إلى الصفوف الخاصة بذوي الإعاقة ؛ لأنهم لم يكونوا يعانون من فقد البصر أو التخلف العقلي أو الشلل الدماغي أو غير ذلك من العوامل التي تميز هؤلاء عن الطلبة العاديين، وتفتح لهم برامج في التربية الخاصة

وقد ظهر مصطلح صعوبات التعّلم على يد ( صامويل كيرك عام 1963م ) من خلال المؤتمر الذي تم عقده في شيكاغو بالولايات المتحدة الأمريكية

إن التعريف المتداول لصعوبات التعلم هو التعريف الذي تبنته اللجنة الاستشارية الوطنية للأطفال المعوقين في الولايات المتحدة الأمريكية وينص على : إن الأطفال ذوي الصعوبات التعلمية هم أولئك الأطفال الذين يعانون من اضطرابات في واحدة أو أكثر من العمليات السيكولوجية الأساسية المتضمنة في فهم واستخدام اللغة المنطوقة أو المكتوبة، وهذه الاضطرابات قد تتضح في ضعف القدرة على الاستماع أو التفكير أو التكلّم أو القراءة أو الكتابة أو التهجئة أو الحساب، وهذا الاضطراب لا يشمل حالة مثل الإعاقات الإدراكية ، التلف الدماغي والخلل الدماغي البسيط وعسر الكلام والحبسة الكلامية النمائية ، وهذا المصطلح لا يشمل الأطفال الذين يواجهون مشكلات تعليمية ترجع أساسا إلى الإعاقات : البصرية أو السمعية أو الحركية أو التخلف العقلي، أو الاضطراب الانفعالي أو الحرمان البيئي أو الاقتصادي أو الثقافي

وهناك عدة تعريفات لاضطراب صعوبات التعلم ( المحددة) وكل تعريف يرجح أسباب اضطراب صعوبات التعلم ( المحددة) من وجهة نظره الخاصة حسب المجال الذي ينتمي إليه سواء كان ذلك في المجال الطبي، أو الأكاديمي، أو النفسي أو غيره من المجالات 

وعلى ما تقدم فإن الموهوبين ذوي صعوبات التعلم هم أولئك الطلبة الذين تتوفر لديهم مظاهر موهبة ما، وفي الوقت نفسه يعانون من صعوبات التعّلم مما يضطرهم إلى التسرب من السّلم التعليمي والتجاه لتحقيق ذاتهم خارج أسوار المدرسة، ويمكن التعرف عليهم من خلال انتشارهم في المجتمعات من خلال الإشارة التي وردت في تعريف( ميرلاند

المهارات الفنية والأدائية.( والشعر والخطابة و الغناءالخ)

القدرات النفس حركية.( الألعاب الرياضية، الرقص، والتمثيل، والعزف على الآلات الموسيقية و الرسم، والخط…)

ومن خلال لمحة استعراضية إلى المواهب الرياضية( كرة قدم، سلة، الخ) نجد أكثر اللاعبين لم يكملوا السلم التعليمي بل لم يلتحقوا بالتدريس الجامعي أصلا، وهذا الكلام ينطبق على الفنانين ( المطربين ) والخطاطين كشريحة من الموهوبين

محكّات الموهبة

التباين: وجود فرق شاسع بين قدرات الموهوب مهما كان مستوى موهبته والأشخاص العاديين

تقدير ذات مرتفع: يتمتع الموهوب بتقدير ذات مرتفع ناتج عن أسباب اجتماعية حيث يتقرب الناس من صاحب الموهبة 

الأصالة: تكون الموهبة نابعة من الموهوب نفسه ولها طابع خاص يميزها عن غيرها ، وفي نفس الوقت تكون الموهبة فطرية وحقيقية

*قد يعاني الموهوبون من صعوبات التعلم، وكذلك المتفوقون عقليا، أما المتفوقون أكاديميا فهم أبعد الناس عن صعوبات التعلم لأنها ببساطة نقيض للتفوق الأكاديمي

وهناك خصائص أوردها( الزيات) للموهوبين ذوي صعوبات التعلم، والمتفوقين عقليا ذوي التحصيل الدراسي المنخفض، سنتطرق إليها –إن شاء اللهبالتفصيل بمقال آخر

أقرا المزيد

You May Also Like