بين السياسة والتربية

بين السياسة والتربية بقلم ذوقان عبيدات

بين السياسة والتربية

بقلم: د. ذوقان عبيدات

قرأت أمس مقالًا ملتبسًا حول السياسة والتربية كتبه الأستاذ محمود المساد، وعلى الرغم من غموض المقالة فإن فضلها هو في ربط التربية بالسياسة، أو السياسة بالتربية

والأصل في التربية أنها سياسة الدولة في إنتاج مواطنيها حسب مواصفات معينة، ولذلك تريد من التربية أن تنقل فكر الدولة إلى الأجيال، كما تريد نقل تقاليد المجتمع وتراثه ليحافظ على هويته ووحدته! فالتربية هي مؤسسة سياسية لها أغراضها وغاياتها

ولكن عن أي سياسة نتحدث؟

لقد تركت الدولة تعليمها وتربيتها حرة بأيدي فئات معينة، طبقت فلسفتها لا فلسفة الدولة، وأصدرت مناهج ومعلمين لم تستطع السيطرة عليهم، فقيل في المناهج إنها تشجع أو شجعت في الماضي الفكر الداعشي، وقيل في المعلمين أنهم قادوا توجهات متطرفة

وقد خشيت الدولة من تطرف المعلمين وربما من وعيهم، فأعاقت إنشاء نقابة لهم بعد أن أغلقت نقابتهم في الخمسينات في القرن الماضي بداعي سيطرة الفكر القومي عليها. وخدمة مجانية للفكر الإخواني، وبقيت ممانعة للنقابة حتى بدايات أو مطلع القرن الحادي والعشرين حين غامرتبالسماح لنقابة معلمين، اتهم الفكر الإخواني بالسيطرة عليها

إذًا: كانت مشكلة الدولة مع سيطرة القوميين، فأنعشت الإخوان –بل وتواطأت معهم، حتى صاروا أغلبية عددية اختطفت سائر المعلمين، فضاقت ذرعًا بهم وبنقابتهم!! ولذلك تقول كانت السياسة متقلبة مع جهة ضد جهة، حتى وصلنا إلى الوضع الحالي

فما هذا الوضع؟

المعلمون في معظمهم –وهذا رأيليسوا مسيسين ! ولكن معظمهم قد اختطف لصالح فكر ما استغلهم عدديًّا وسياسيًّا!! وهنا أرى مركز الحديث

قلت مرارًا: إذا لم تتحدث الدولة مع الشباب، سيتحدث معهم غيرها، وهذا حصل، انحاز قسم كبير من شبابنا إلى – ليس الفكر الداعشي – بل إلى القتال مع داعش

وفي نطاق التعليم، لم يتحدث أحد مع المعلمين! وتركنا غيرنا يحدثهم، وحدثوا طلابهم – وهذا رأيي – فانحاز طلبتهم إلى نفس تلك الأفكار

لعّل المطلوب! عقلاء من أي مكان في الدولة أو خارجها أقصد الحكومة طبعًا. يتحدثون مع المعلمين، ولكن بماذا يتحدثون؟

المعلمون حاليًّا لا يعرفون غير لغة مصالحنا، علاواتنا، وبعض كرامتنا المسلوبةفكيف نتحدث معهم؟

سواء كانت مطالبهم محقة أم لا، وأظنها محقة، فإن حديثنا مع المعلمين

يكون حوارًا ديالوجًا وليس مونولوجًا

حوارًا للتفاهم وليس لفرض موقف

 حوارًا توعويًّا، يرفع من وعيهم

 حوارًا ينطلق من الاعتراف بحقوقهم

 حورًا يدعم انفتاحهم، ويبعدهم عن مختطفيهم

 حوارًا يرتبط بتطوير انتمائهم للمهنة

وهذا يعني أنّ على التربويين وكل المعلمين كذلك، أن يتفقوا على مشتركات تربوية ومشتركات وطنية

والمشتركات التربوية هي تطوير مهنة التعليم وتطوير أدواتها ومناهجها وأساليبها

والمشتركات الوطنية هي المشاركة الفاعلة في قضايا الوطن

وبحساب بسيط، لو كان التربويون واعين سياسًّا بمعنى وطني لكان لهم عشرون نائبًا على الأقل! وهذا يتطلب تحريرهم أولًا من أي ارتباط عقائدي، وتوجيههم نحو ارتباط تربوي، والارتباط التربوي هو

 وطنية ومواطنة

حب وإخلاص

 تطوير للذات وللعمل

 التزام بسياسات تربوية لا بالسياسة إياها

You May Also Like