مهارات حل المشكلات بقلم الدكتور يحيى القبالي

مهارات حل المشكلات بقلم الدكتور يحيى القبالي

مهارات حل المشكلات

تعريف مهارات حل المشكلات: عبارة عن مستوى رفيع من التفكير، يكمن في توليد كثير من البدائل والمترادفات أو الأفكار عند الاستجابة لمثير معين والسرعة والسهولة في توليدها أو توليد أفكار غير متوقعة، وتوجيه مسار التفكير حسب تغير المثير أو متطلبات الموقف ( جروان،2004م)

ويعرفها كورمر و نوريوس ( Cormier &Nurius,2003) بأنها عملية معرفية سلوكية يحاول الفرد من خلالها تحديد واكتشاف وابتكار وسائل فاعلة للتعامل مع المشكلات التي يواجهها في حياته اليومية.

ويعّرف الباحث مهارات حل المشكلات : طريقة معالجة البيانات التي يقوم بها الفرد مستخدما المعلومات والمعارف التي سبق تعلمها والمهارات التي اكتسبها في التغلب على موقف( مشكلة) بحل جديد غير مألوف ويكون مقبولا.

نظريات حل المشكلات وأنواع العمليات العقلية:

يتمّيز ميدان سيكولوجية التّعلم بتعدد النظريات وأشباه النظريات التي تسعى إلى تفسيره، وجاء هذا التمّيز من أهمية موضوع الّتعلم كمحور مركزي يدور في فلكه كثير من الموضوعات من بينها التفكير وحل المشكلات، وبسبب هذا التعدد كان لابد من الوصول إلى تفسيرات شمولية يكون اهتمامها صياغة نماذج تفسر بعض ظواهر التّعلم الذي يشتمل على التفكير وحل المشكلات؛ لذا كان علينا أن نستعرض عددا من النظريات التي تفسر مثل هذه الظواهر( أبو حطب، 1980م).

أولا :النظرية المعرفية:

ركزّت هذه النظرية على جانب العمليات المعرفية كالقيم والتفكير في التعلّم ، والأنماط المركّبة من العمليات العقلية، ومن هذه النظريات:

ا. نظرية برونر

ب. نظرية أوزبل

ثانيا: النظريات السلوكية:

ركزّت النظريات السلوكية على جوانب كثيرة ، منها : أسلوب المحاولة والخطأ والذي يعني أن الفرد عندما يواجه مشكلة ما فإنه يحاول إيجاد حل لها عن طريق المحاولة والخطأ وذلك بالاعتماد على خلفيته التعلمّية وما لديه من معلومات ، وعلى هذا الأساس فإن المشكلة تكون عند الفرد على شكل مثير ، ومحاولة حلها على شكل استجابة (الزيود،1989م).

ثالثا : نظرية الجشطالت:

أجرى أصحاب هذه النظرية وعلى رأسهم ( كوهلر) تجاربهم على الحيوانات للتحقق من طريقها في حل المشكلات، وتتلخص هذه النظرية بأن التفكير نوع من التنظيم الإدراكي للبيئة التي تحيط بالفرد وعملية استبصار للمواقف التي يتعرض لها عند مواجهة موقف مشكل ، فالاستبصار عندهم أن الكائن الحي وبعد عدة محاولات فاشلة في الوصول إلى الهدف يلجأ إلى التأمل والاستكشاف ، ويستخدم أسلوبا ما لحل المشكلة، وقد يكرر هذا الأسلوب، بمعنى أنه يلجأ إلى الاستبصار والذي يبدو فيها الكائن الحي في بعض مراحل حل المشكلة كما لو أنه أدرك العلاقات الداخلية بين عناصر الموقف .

خصائص الاستبصار:

اولا – يعتمد الاستبصار على تنظيم الموقف المشكل

ثانيا – إذا حدث حل بالاستبصار فإن ذلك الحل يمكن أن يتكرر في الحال ، وإذا كان الحل المتدرج هو القاعدة في التعلم عن طريق المحاولة والخطأ فإن القاعدة في الاستبصار هي الحل المفاجئ.

ثالثا – الحل الذي يمكن الوصول إليه بالاستبصار يمكن استخدامه في مواقف جديدة ؛ لأن ما يتم تعلمه بالاستبصار ليس استجابة نوعية ولكنه علاقة معرفية بين وسائل وغايات.

ولقد استخدم الجشطالتيون قوانين الإدراك كقوانين للتعلم وحاول ( كوفكا) أن يزيد الأمر وضوحا باستعانته بأربعة قوانين اقترحها( فريتمر) وهي: قانون التشابه، قانون التقارب، قانون الإغلاق، وقانون الاستمرار الجيد.( قبالي، عبد الهادي،2019م)

رابعا نظرية جانيه:

يرى جانيه أن جميع أنماط التعلم ليست متشابهة ؛ لذا صنّف أنماط التعلم إلى ثمانية أنواع منظمّة في ترتيب هرمي( نظرية النموذج الهرمي) فيه كل نمط من مستوى مرتفع يتضمن الأنماط السابقة عليه جميعا ، وهذه الأنماط:

1-التعلم الارشادي

2-تعلم العلاقة بين مثير واستجابة

3-التعلّم التسلسلي

4-الارتباط اللغوي

5-التميز المتعدد

6-تعلّم المفاهيم

7-تعلم المبادئ

8-تعلّم حل المشكلات

خامسا النظرية الثلاثية للذكاء ل سنبر نبرغ:

يعد أسلوب حل المشكلات شكلا من أشكال العمليات المعرفية، ويحاول الفرد التغلب على العوائق التي تحول دون تحقيقه لهدف معيّن، ويتطلب حل المشكلات استخدام المعرفة والخبرات السابقة ، وهما:

1-التفكير المنتج: ويحدث ذلك عندما تسمح القواعد التي تم تعلمها سابقا بإيجاد حلول جديدة للمشكلة.

2-التفكير الإبداعي: والذي يتضمن إنتاج قواعد جديدة لحل المشكلات ( الخطيب والحديدي 2005م)

وتقوم النظرية الثلاثية على فكرة أن جميع الطلبة يجب أن يتعلموا دور حل المشكلات ضمن الذكاء التحليلي والتي تتضمن الخطوات التالية:

1-تحديد المشكلة

2-تحديد المصادر اللازمة لحل المشكلة

3-البحث عن استراتيجية مناسبة للتعامل مع المعلومات

4-المراقبة والمتابعة أثناء الحل

5-التقييم والمتابعة وإجراء التعديلات المناسبة ( Sternberg Grigorinka Garvin,2000)

أنواع المشكلات:

حصر ( ريتمان) أنواع المشكلات في خمسة أنواع استنادا إلى درجة وضوح المعطيات والأهداف:

1-مشكلات تحدد فيها المعطيات والأهداف بوضوح تام.

2-مشكلات توضح فيها المعطيات ولكن الأهداف غير محددة.

3-مشكلات أهدافها محددة واضحة ، ومعطياتها غير واضحة.

4-مشكلات تفتقر إلى وضوح الأهداف والمعطيات.

5-مشكلات لها إجابة صحيحة ولكن الاجراءات اللازمة للانتقال من الوضع القائم إلى الوضع النهائي غير واضحة وتعرّف بمشكلات الاستبصار.

الطرق الرئيسية في حل المشكلات:

ثمة طرق رئيسة يرى العلماء بأنها تفضي إلى حل المشكلات يتبعها الكائن الحي للخروج من الموقف المشكل بحل مناسب أو على الأقل بأقل الخسائر ، إلى جانب طرق عديدة أخرى هي مزيج أو توليف للطرق الرئيسة في السلوك على النحو التالي:

1-طريقة المحاولة والخطأ

2-الطريقة الكلية ( الجشطالت)

3-الطريقة الجزئية.

مكونات مهارات حل المشكلات:

 دقة الملاحظة: وهي نشاط حسي وذهني ( عملية تنقيبية) بهدف جمع المعلومات والبيانات الضرورية بغية تفسيرها وفهمها الفهم الصحيح.

اكتشاف العلاقات: هي عملية استقصاء تشمل المشكلة بشكل عام يتم من خلالها تحديد العناصر ذات العلاقات المتشابهة أو المتقاربة برابط ظاهر أو خفي يمكن من خلالها الوصول إلى الحل بأقل جهد ووقت.

المقارنة: هي مهارة عقلية تستخدم لفحص شيئين أو أمرين أو فكرتين أو موقفين لاكتشاف أوجه الشبه ونقاط الاختلاف، أو أنها تلك المهارة التي تبحث عن الطريق التي تكون فيها الأشياء متشابهة تارة ومختلفة تارة أخرى.

تحديد أوجه الشبه: وهي مهارة يتم من خلالها التعرف على أكبر كم من التشابه بين عناصر المشكلة، وحصر الأمور المتشابهة والابتعاد عن الأمور المختلفة بين العناصر لتشكيل تقاطعات يمكن أن تسهم بحل المشكلة.

التخطيط: إن التخطيط هو المهارة الأولى في كل عمل، والتخطيط عملية مستمرة تتضمن تحديد طريقة الإجابة عن الأسئلة مثل : ماذا يجب أن نفعل؟ ومن يقوم بالعمل؟ وأين؟ ومتى؟ وهو المهارة اللازمة لتحقيق الأهداف.

توليد البدائل: وتعني القدرة على( إيجاد ) توليد عدد كبير من البدائل أو المترادفات أو الأفكار ، أو الاستعمالات عند الاستجابة لمثير معين، والسرعة والسهولة في توليدها .

التقييم: وهو وضع ميزة أو أهمية أو قيمة للأشياء أو أهميتها والحكم على نجاح الأعمال وأهميتها، والتقييم مرحلة تسبق عملية التقويم.

اتخاذ القرار: تعدّ هذه المهارة من أهم مهارات حل المشكلات؛ لكونها تأتي في المرحلة النهائية في سلّم ترتيب المهارات ، إذ إن قبلها يكون الفرد في متسع من التبديل والتقديم والتأخير للمهارات كافة، وحين اتخاذ القرار يكون الأمر قد انتهى وتم اختيار الحل الأنسب أو الأقرب للخروج من المشكلة.

الاستبعاد: ونعني به حذف أو شطب كل الحلول التي يراها الفرد لا تفيد في حل المشكلة، وهي عبارة عن معطيات زائدة لا تفيد في حل المشكلة.

التمثيل: وهي عملية تخيّل الحلول المناسبة للخروج من المشكلة بأقل خسائر.

التجريب: وهي محاولات متعددة للخروج بحل مناسب ، وترتيب الخطوات في كل مرة لتجنب التكرار.

سرعة معالجة البيانات: وتظهر بشكل واضح من خلال ردود الفعل السريعة كسرعة بديهة.

مصوغات التدرب على مهارات حل المشكلات:

– مهارات حل المشكلات ضرورية وينبغي أن يتسلح بها أفراد المجتمع لمعالجة مشكلات مجتمعهم وتحسين ظروف حياتهم

  • – مهارات حل المشكلات من المهارات الضرورية لمجالات مختلفة سواء كانت مجالات حياتية أو أكاديمية تكيفية.

– مهارات حل المشكلات تساعد المتعلم على تحصيل المعرفة بنفسه، وتزوده بآليات الاستقلال.

  • – مهارات حل المشكلات تساعد المتعلم على اتخاذ قرارات مهمة في حياته وتجعله يسيطر على المواقف التي تفرضها عليه الظروف.

– مهارات حل المشكلات تعمل على توسعة مجال التفكير لدى المتعلم وتجعله ينظّم خطوات الحلول التي يقوم بها.

وقد توصل علم النفس المعاصر ( برونر، جانيه، بوشكين…) إلى استنتاج مفاده: أنه يجب عدم استبعاد جميع الصعوبات التي تعترض المتعّلم؛ لأنه من خلال التصدي لها والتغلب عليها فقط يستطيع تنمية قواه وترقية عملياته المعرفية( منصور، 1991م)

وهنا تتجلى الحكمة التي أشار إليها ( كرامشي) بقوله:” يجب مقاومة النزعة نحو تبسيط ما لا ينبغي تبسيطه لأنه لا يعود كما كان أصلا“. أي أن المبالغة في التبسيط تفقد الجانب الإشكالي مزاياه العديدة بما ينطوي عليه من تحد واستثارة ، وما يقتضيه من يقظة واستنفار واندفاع، وأن الخبرة السابقة وآليات العمل المجرّبة من قبل تكفي عندئذ لاسترجاع حل أو توليف حل جديد، لذا فمن الواجب الابتعاد عن المبالغة في التبسيط لأنه يمنع ظهور أنماط التفكير الإبداعي على اختلافها.

قرا المزيد

You May Also Like