أثر الألعاب الذكية في تنمية مهارات حل المشكلات والدافعية للإنجاز
Smart Games Program
برنامج الألعاب الذكية
: نبذة عن البرنامج
يعد مصطلح الألعاب الذكية مصطلحاً حديثاً على الساحة التربوية بشكل خاص وعلى الألعاب بشكل عام، وسبب ظهور هذا المصطلح يكمن فيما يأتي:
التقنية الحديثة والدقة اللامتناهية في التصميم والإخراج للآلات الكهربائية والميكانيكية وتوافر المواد الخام التي يمكن تشـكيلها وقولبتـها حـسب المطلوب وبأدق التفاصيل، بالإضافة إلى الدور الكبير الذي تقوم به الشركات المتخصصة في صناعة الألعاب من استقطاب العقول والبحث الدائم عن الأفكار الإبداعية، كما ساهمت سهولة التسويق من خلال طرق الاتصالات الحديثة: معارض، الانترنت…ووجود جمهور كبير تستهويه مثل هذه الألعاب التي بنيت وصممت بشكل يلبي طموحات المراحل العمرية كافة، والباحثين عن المتعة والفائدة بآن واحد. ولهذه الشركات المصنعة حقوق ملكية محفوظـة قانونياً من الصعب تجاوزها، وحقوق الإنتاج والتسويق والتعديل والإضافة، وتتميز هذه الألعاب بدرجة عالية جداً من التشويق والإثارة سواء الفردية منها أم الجماعية، ويظهر فيها عنصر التحدي بحيث يستغرق اللاعب في مراحل اللعبة والتي تتصف بتدرج الصعوبة من خلال مراحل محددة مسبقاً، وتتدفق الأفكار لديه وتتولد الحلول لاختيار الحل الأمثل.
ولعل ما يميز هذه الألعاب عن غيرها: أنها متدرجة في الصعوبة حسب المراحل العمرية، وتتطلب قدراً رفيعا من التفكير، ويمكن تصنيف مرحلة العمل بها ضمن المرحلة الحسية، حيث يمكن للاعب أن يحرك وينقل أي جزء من اللعبة، من خلال مجسمات حقيقية ملموسة في سبيل الوصول إلى الحل المنشود.
ويمكن تقسيمها إلى:
1-ألعاب فردية مثل لعبة ساعة أزمة السير، ولعبة حواجز الطريق، ولعبة لغز الحيوانات، ولعبة البحار العاصفة، ولعبة الضفادع القافزة، ولعبة برج هانوي،…
2-ألعاب زوجية مثل لعبة الكوارتو، ولعبة البيكسل، والأربعة تـربح…
3-ألعاب جماعية مثل لعبة، ترتيب الأرقام، ولعبة أبالون…
كما يمكن عقد منافسات طويلة الأمد بين اللاعبين، على غرار لعبة الشطرنج، ولقد قام الباحث على مدار سنوات بتجميع هذه الألعاب واختيار المناسب منها، ومراسلة شركات تصنيعها لمتابعة كل جديد، حتى أصبح لديه مجموعة شكلت بدورها البرنامج الإثرائي الحالي، وهو برنامج يعتبر فريداً من نوعه، حيث لم يعثر الباحث على أي دراسة تـدور حول الألعاب الذكية باستثناء دراستين أجنبيتين إحداهما عن لعبة الشطرنج، ودراسة وحيدة عن لعبة برج هانوي ، وأسباب شح الدراسات في هذا المجال تعود –من وحهة نظر الباحث– لأسباب يلخصها الباحث فيما يلي:
*حداثة الألعاب الذكية وتطويرها بشكل دائم.
*وجود عدة شركات متخصصة في مجال صناعة هذه الألعاب في بلدان مختلفة، مما يجعل من الصعوبة توفرها وتجميعها في مكان واحد.
*عدم وجود دراسات لها علاقة بالألعاب الذكية مما أتاح للباحث مجالاً واسعاً لاختيار الألعاب وتصنيفها وإعداد البرنامج الإثرائي الحالي.
وتتميز هذه الألعاب باحتوائها على مهارات التفكير الأساسية والعليا مثل الترتيب، والتصنيف، والملاحظة، وتحديد المشكلة، واكتشاف العلاقات، وتوليد البدائل، واتخاذ القرار، واختيار الحل المناسب من بين البدائل المتعددة، والتخطيط للحلّ، وتوليد الحلول.
وتعمل الألعاب الذكية وخاصة الزوجية منها والجماعية على تأكيد التنافس والرغبة الأكيدة للوصول إلى الحلول الصحيحة بأقل جهد ووقت، وفي الوقت نفسه تقوية روح العمل ضمن الفريق الواحد، وتعزيز التواصل البّناء بين اللاعبين، ومن حسن الحظ أنه أصبح هناك شركات متخصصة بإنتاج مثل هذه الألعاب، واحتضان الأفكار المبدعة في هذا المجال، وتصنيفها حسب المرحلة العمرية.
كما يمكن محاكاة هذه الألعاب وتطويرها وإجراء المنافسات لاستحداث العاب جديدة يمكن أن تحمل أفكارا إبداعية أخرى، كما يمكن أن تستغل هذه الألعاب في المدارس بحيث يشمل تطبيقها على الطلبة العاديين وطلبة صعوبات التعلم، وغيرهم مع مراعاة القدرة العقلية والمرحلة العمرية لهم.
وقد أثبت البرنامج الحالي نـجاحه من خلال استـخدام تلك الألعـاب على فـئة الطلاب المتفوقين على المستويين التطـبيقي والنظري، ولقد اهتمـت الجمعـية الأمريكية للطلبة الموهوبين (NAGC) National Association for Gifted Children مؤخراً بموضوع الألعاب وقامت بتخصيص موقع على الشبكة العالمية (الإنترنت) يضم مجموعة من الألعاب التي تناسب الموهوبين والمتفوقين، ولم يتم إجراء دراسات على تلك الألعاب من قبل هذه الجمعية حتى الوقت الحاضر.
كما قامت دولة روسيا الاتحادية بتجريب ادخال لعبة( الشطرنج) في البرنامج الدراسي الأسبوعي بواقع حصة أسبوعية على خمسين مدرسة، في عام 2012م، وبعد النتائج الإيجابية التي تحققت على أرض الواقع، قامت وزارة التربية والتعليم بتضمين البرنامج الأسبوعي بحصتين الزاميتين لهذه اللعبة لكافة مدارس البلاد.
وقامت أيضا دولة أرمينيا بالخطوات نفسها ، وأصبحت لعبة الشطرنج ، ضمن البرنامج الدراسي الأسبوعي لكافة مراحل التعليم المدرسي.
رسالة البرنامج
مساعدة الطلبة للتعرف على الطرق التي تعمل على تنمية التفكير من خلال مهارات حل المشكلات وتطبيقاتها على الألعاب الذكية، ومن ثم انتقال أثر التدريب إلى الحياة العملية.
أهداف البرنامج
أن يلمس الطالب أثر الألعاب الذكية في تطوير عملية التفكير
أن يتعرف الطالب على مدلول كل من المفاهيم التالية: الألعاب الذكية، تنمية مجال التفكير، مهارات حل المشكلات
أن ينمو في نفس الطالب الدافعية للإنجاز
أن ينتقل أثر التدريب إلى المواقف الحياتية
أن يحرص الطالب على كل ما من شأنه تنمية مجال التفكير لديه
أن يطبق الطالب خطوات حل المشكلات بشكل علمي فعّال
تعويد الطالب على استثمار وقت الفراغ بما يعود عليه بالفائدة
تنمية الجانب الوجداني لدى الطالب ، وهي حالة نفسية مصاحبة للحظة الاستشراق( الاستبصار) التي يمر بها الطالب عند الوصول للحل
تنمية روح المنافسة الشريفة بين الطلبة
ميزات البرنامج
يعتبر هذا البرنامج هو البرنامج الأول في مجال الألعاب الذكية
يعمل البرنامج على تفعيل استراتيجيات التفكير و توسعة مجاله
التعرف على الجانب النظري و التعرف على النظريات المتعلقة بأثر اللعب على التفكير
تنويع برامج الموهوبين والمتفوقين اكاديميا وعقليا من خلال استخدام هذه الألعاب، وإمكانية دمجها مستقبلا في البرنامج الدراسي للطلبة
الجانب النظري لبرنامج الألعاب الذكية
يستند البرنامج إلى مجموعة من الأسس التي سنتناولها بالتفصيل وهي
التعلم من خلال اللعب ، علاقة اللعب بحل المشكلات ،اللعب و التعلم بالاستبصار
أولا : التعلم من خلال اللعب:
ان اللعب من الاستراتيجيات المهمة في التعليم، ويعد اللعب أحد مفاتيح التعلم في حياة الطفولة، ويعد التعلم من خلال اللعب أسلوب فعال، وتناولته كثير من الدراسات، وقامت وتبنت الطبيبة الإيطالية( منتسوري ) هذا النهج وأسست مدرستها على ضوء ما تم من نتائج ناجحة، ولا ينتهي دور التعلم باللعب في حياة المخلوق الحي أبدا.
إن برنامج الألعاب الذكية يقدم إضافة علمية جديدة من خلال تنازل موضوع تطوير مهارات حل المشكلات و الدافعية للإنجاز لدى الطلبة بشكل عام، والمتفوقين أكاديميا بشكل خاص، ويساهم هذا البرنامج في تنويع البرامج الاثرائية وبث التنافس الشريف المفتوح بين الطلبة، وبناء اتجاه إيجابي نحو المدرسة والعملية التعليمية، وتوسعة مجال التفكير وتنميته، حيث أن التذمر من الوضع المدرسي الروتيني هو السمة الغالبة على فئة الطلبة ولا سيما المتفوقين منهم.
التعريفات العلمية لّلعب:
هناك عدد كبير من التعريفات التي تمثل أطراً نظرية لمفهوم اللعب يظهر فيها بين وجهات النظر المختلفة، فيما يلي نماذج لها:
يعرف فروبل Frobel) ) اللعب باعتباره وسيلة يـحافظ بها الطفل على خبراته الكلية، حيث إن اللعب لديه هو:”ميكانيزم موحد للخبرة، وهو أكـثر أنشطة الطـفل روحانية” (بروس، 1992م).
ويعرف بياجـيه (Piaget) اللعـب كما ورد في حـمزة (2008م) “بأنه سيادة لعملية التمثل على عملية المواءمة، فاللـعب عبارة عن تـمثل خالص يغير المعلومات القادمة لكي تلائم متطلـبات الفـرد، وكل من اللعـب والمـحاكاة لهـمـا دور تكامـلي في تطـور الذكاء.
ويعرف جروس (Gross) اللعب بأنه “نشاط غريزي يُكتسب من خلال التدريب والمِران، تدريباً للغرائز ليس على النحو الغريزي والجسمي وإنما على النحو السيكولوجي“. (السيد، 2002م).
يعرف ويلكر (Welker) اللعب “بأنه يتكون من مدى متنوع من الأنشطة القوية والحيوية، والتي تحرك الكائن الحي أو أجزاءه خلال الفراغ، مثال ذلك :الجري، والقـفز، والتدحرج، وأحياناً الانقضاض ومطاردة الأشياء أو الحيوانات، والمصارعة، والمعالجات اليدوية النشطة لأجزاء الجسم أو للأشياء بطرق متنوعة (خليل، 2002م).
وتعرف كاترين تايلور اللعب بأنه: “أنفاس الحياة للطفل، وأنه حياته، وليس فقط مجرد طريقة سارّة لتمضية الوقت وملء الفراغ“(Taylor,1972).
ويعرف فيجوتسكي اللعب فيقول:”إن اللعب هو خلق لمواقف متخيلة وينشأ من جملة العوامل الاجتماعية والانفعالية والمعرفية” (Vygotsky,1983).
كما يعرّف زهران اللعب على أنه: “أي سلوك يقوم به الفرد دون غاية عملية مسبقة، ويفهم بها العالم من حوله” (زهران، 1997م).
ويرى (جان بياجيه) أن اللعب يتكون من استجابات يؤديها المرء من أجل الاستمتاع الوظيفي.
وهناك ملامح معينة يمكن أن تميز اللعب وهي:
– إنه سلوك موجه داخلياً.
– يتميز بالتركيز على الوسائل والطرق وليس على الأهداف النهائية.
يختلف عن السلوك الاستكشافي، فالأخير يُوجَّه بوساطة سؤال يدور في الذهن وهو:
ما هذا الشيء؟ ومن الذي يفعله؟ بينما يُوجِّه اللعب السؤال التالي: ما الذي يمكن أن أفعله بهذا الشيء؟
– يتميز بعدم الحِرَفية أو التمثيل.
– متحرر من التطبيق للقواعد الخارجية.
إن كل التعريفات الـسابقة مجتمـعة تقدم تعريفاً مـقبولاً لمفهوم اللعب، ويظل الاختلاف قائماً ومرتبطاً بالإطار المرجعي لكل باحث وتوجهه النظري، وكذلك بالطبيعة الإجرائية لكل دراسـة بعينـها وهو ما يجعلـنا نتفق مع ما أشـار إليه شـيفر وأوكونر (Schaefer & Oconner,1983): إنه من الصعب لأي مهتم بدراسة اللـعب أن يحصل على تعريف محدد يشمل اللعب بكل جوانبه.
ولقد أصبح اللعب في عصرنا الحالي محط أنظار الباحثين والدارسين من علماء النفس والاجتماع والتربية والفلسفة وغيرهم، بعد أن كان ظاهرة عاديّة يمارسها الأطـفال في كل زمان ومكان، إلا أنه لم يتم التنبه إليه كظاهرة لها دورها ووظيفتها في الحياة الاجتماعية والنفسية، حتى جاء عصر النهضة، عندما اتجه عدد كبير من الأفراد إلى العمل الصـناعي والتجـاري وغيره، وما ترتب عليهما من انتشار ظاهرتي تقسيم العمل وزيادة الخدمات، ومن ثم انتظمت أوقات العمل وتحددت، وأصبحت تخص شريحة معينة من الناس، وهي شريحـة الذكـور الراشـدين في كثير من بلدان العالم، وأصبح هو نشـاط الكـبار، وبات اللعب من الأنشـطة التي تخص الصغار، ولقد كان للعب دورٌ في الحـضارات القديمة، واتخذ أشـكالاً متنوعةً، إلا أنه كان نشاطاً يمارسه كل من الصغار والكبار، دون محاولة لتفسيره أو معرفـة معناه وطبـيعته (السيد، 2002م).
وفي الحضارة اليونانـية القديمة، نجد أن (أفلاطون) كان أول من اعتـرف بأن للعـب قيمة عملية، ويتضح في مـناداته في كـتاب القوانين (Laws) بتـوزيع التـفاحات على الصـبية لمساعدتهم على تعلم الحـساب، وبإعطاء أدوات بناء واقعيّة مُصغّرة لأطفال في سن الثالثة، كان عليهم أن يصبحوا بنّائين في المستقبل.
وكان أطفال قدماء المصـريّين أول من عرفوا اللعب بالكرة، واللعب بالكرات الزجاجية، حيث كانوا يلعبون بكرات صـغيرة مأخوذة من الحجارة، كما عرفوا العديد من أنواع اللعب الأخرى وخاصةً تلك التي تصدر أصواتاً تثير متعة الطفل كالخشخاشة والجلاجل، حيث كانت تتخذ أشـكال الأواني والحيوانات المصنوعة من الطـين المحروق وبداخلها أحجار صغيرة؛ لإحداث صوت عند تحريكها (الحمامي، 1999م).
فالإنسان بشكل عام مارس اللعب منذ بـداية الـتاريخ، إلا أنه لم يـتوفر لديـه الإدراك الاجتماعي (Social Perception) الكافي، ولا الوعي الكافي بوظائفه، لذلك فإنـه لم يتأمله ويدرسه دراسة علمية، بل إن آراء وأفكار الفلاسفة والمفكرين القدماء عن اللعب لم تخرج عن كونها محاولات لوصفه وصفاً سطحياً أو تـأمله تأملاً نمطياً، حتى إنَّ إشـارات أفـلاطـون وأرسطو لأهمية النماذج المُصغّرة لأدوات المهنة في لعب الصغار كانت مجرد إرهاصـات أولية، ظهرت أصداؤها في الكثير من الأفكار والمحاولات العلمية الحديثة التي تناولت اللعب بالبحث، والتي أخذت في الظهور واقتناع المتعلمين بالفكرة التي نادى بها كبار المصلحـين التربـويين، ابــتداءً من كوميــنيوس (Comenius) في القـرن السـابع عشـر، إلى روسو (Rousseau) وبستا لـوزي (Pasta Lozzi) وفـروبل (Frobel) في القرن الثامن عشر، وبـداية القرن التاسع عشر، والتقبل المتزايد لفكرة أن التربية ينبغي أن تأخذ بالاعتبار ميول الطـفل الطبيعية، ومراحل نموه، وقد بلغ هذا الاتـجاه ذروته في تأكيد فروبل على أهمية اللعب في التعلم، باعتباره تفتُّحاً لبراعم الطفولة (ميلر،1987م).
وقدّم الألمانيان لازارس وشالر (Lazars & Shalr) كُتيِّبـاً عن اللعب وركّـز الكاتبان على تفسير معنى اللعب وعلاقته بالراحة والاسترخاء للجسم المتعب وكيف يؤثر على تنشيط الجسم والعقل، وذلك لمواجهة الحياة اليومية (عثمان، 1995م).
أمّا استخدام اللعب كعلاج، فقد أشارت أكسلين (Axline ,1969) إلى أن المغزى الذي يستند إليه استخدام اللعب في العلاج هـو أن اللعب يستند إلى حقيقة مهمّة، وهي أن اللعب عند الأطفال هو الوسيط الطبيعي الذي يُعبِّر به الطفل عن ذاته، فاللعب يتيح للطفـل أن يعبر من خلالـه عن مشاعره ومشاكله بنفس الطريقة التي يستطيع بها علاج الراشـدين أن يعبـِّروا بالكلام عن مشاعرهم ومشاكلهم.
ويساعد اللعب في تطوير النظام الخُلقي عند الأطفال، إذ إن ممارسة الألعاب الجماعيـة، تزوّد الطفل بقيم خُلقية، إضافةً إلى اكتسابه معارف ومفاهيم ومهارات سلوكـية، كالالتـزام بالدور والنظام واتّباع القواعد الناظمة (قطامي، 1990م). ويكتسب الطفل المعارف والخبرات من خلال اللعب، مما يُنمِّي قدراته العـقلية كالتفكير والتمثيل (حافظ، 2002م).
كما أنَّ اللعب وسيلة فعّالة في اكتشاف شخصية الأطـفال وإمكانـاتهم النفسـية والعقلية والثقافية، بالإضافة إلى أنه أداة تشخيص تكشف عمّا يعانيه الأطفال من اضطرابات سلوكية وانفعالية (الخوالدة، 2003م).
وهو ما يؤكده الباحثان شارلز ولندا (Charles & Linda , 1988) فيما أشارا إليه من استخدام اللعب في إرشاد الطفل كضرورةً يفرضها النمو المعرفي المحدد للطفل في التعبير اللفظي عن المشاعر والأفكار، كـما أنّ اللعـب هو الوسـيط الطبيـعي للتعبير والاتصـال لديهم. إن المعلم الفاعل هو الذي ينظـم اللعب لطـلابه، ويوجِّـهه كأدوات لتنمية تفكيرهم، ويختار الألعاب التي تشجعهم على التفكير العلمي (الحيلة، 2003م).
ويذكر بنكر(Bunker,1991) أنَّ الأطفال الذين يمارسون اللعب كانت ثقتهم بأنفسهم أعلى من ثقة الأطفال الذين كانوا منعزلين ولا سيّما اللعب والمهارات الحركية والأنشطة.(صوالحة، 2004م).
ويتابع (صوالحة، 2004م) أن اللعب يؤدي إلى تطوير القوى العقلية المعرفية عـند الأطفال الذين يمارسونه بكفايـة، وتتمثل دلالات النمو العقلي المعرفي في تطوير الخصائص العقلية بعامة التي يستدل عليها بإنماء القدرة على التفكـير، والتذكر والتصور، والتخيل، والتبصر، والملاحظة، والتحليل، وإدراك العلاقات، والتوقع والتنبؤ والتحكم، وزيادة الفهم لطبيعة الأشياء وخصائصها، واكتساب المعلومات ومفاهيم جديدة عنها.
نظريات تفسير اللّعب:
هناك عدة نظريات قامت بتفسير اللعب، وبالرغم من التباين الواضح بين هذه النظريات في تفسيرها للعب من زوايا مختلفة، إلا أنها في الوقت نفسه تُكمِّل بعضها بعضاً، وأن الألعاب بشكل عام تجمع بين كل هـذه النظريات، ولقد كان لنظرية( بياجيه ) في اللعب صـدىً كبيراً في الأوساط التربوية حيث ترتبـط نظريته ارتباطاً وثيقاً بتفسيره لنمو الذكاء، ويعتقـد (بياجيه)أن وجود عمليتي التمثل والمـواءمة ضروريتان، ويحدث التكيف الذكي عندما تتـعادل العمليتان أو تكونان في حالة توازن، فاللـعب والتـمثل جزء مكمل لنمو الذكاء ويسيران في المراحل نفسها.
إن نظرية (بياجيه) في اللعب تقوم على ثلاثة افتراضات رئيسة وهي كالآتي:
*يسير النمو العقلي في تسلسل محدد من الممكـن تسريعه أو تـأخيره، ولكن التجربة لا يمكن أن تغيره وحدها.
*إن هذا التسلسل لا يكون مستمراً بل يتألف من مراحل يجب أن تتم كل مرحلة منها قبل أن تبدأ المرحلة المعرفية التالية.
*إن التسلسل في النمو العقلي يمكن تفسيره اعتماداً على نوع العمليات المنطقية التي يشتمل عليها.
وتضفي نظرية( بياجيه ) على اللعب وظيفة بيولوجية واضحة بوصفه تكراراً نشـطاً وتدريباً يتمثل المواقف والخبرات الجديدة تمثلاً عقلياً ويقدم الوصف المـلائم لنمو المناشط المتتابعة
لقد كرّس (بياجيه) سنوات كثيرة من حياته لدراسة الأطفال دراسة متعمقة، ودفعته مواجهته للتكيف البيولوجي– كعالم بيولوجي– إلى تـوجيه اهتمامه لتكيف الإنسان والـبيئة، وتعتبر خاصية التكيف وظيفة أساسية للإنسان؛ فهو يحاول دائماً أن يوائم بين قدراته وبين متطلبات البيئـة، وبعد ذلك أصبح (بياجيه) أكثر اهتماماً بنمو قدرة التفكير، وركزت نظريته على الطبيعة البدائية للمعرفة ونموها، فقد اهتم بالنشاط العـقلي فيما يفـعله الإنـسان بتفاعـله مع العالم، واعتقـد أن المعرفة لا تأتي بالملاحظة السلبـية فالنـشاط الفعّال هو الذي يُحـوّل معـرفة الواقـع وإعـادة تشكيله.
وجاءت نظرية النمو المعرفي ل( بياجيه) تتويـجاً لأعماله التي أكدت على أهمية التكيف والتواؤم كنتيجة للتفاعل بين الفرد والبيئة المادية والاجتماعية، ويرى (بياجيه)أن اللعـب يخدم وظيفة استمرارية الأنا للأطفال الصغار، وأشار إلى أن تلك الوظيفة لا علاقة لها بعملية التفكير، ويرى( بياجيه ) أن الطفل في عمر (2–4) سـنوات يستمر باللعب الرمزي أو اللعـب الإيهامي وفي الفترة ما بين (4–7) سنوات يكون اللعب الرمزي أكثر ارتباطـاً بالواقـع، وفي المرحلة التالية يصبح اللعب أكثر دقة وتنظيماً وإحكاماً (عبد الباقي، 2004م).
نجد أن بياجيه قد استخدم مفهوم اللعب في معناه الوصفي من خلال ذلك التتابع النمائي المتدرج لتطور اللعب، وهو أمر مرتبط بتصوير مفهوم المراحل التي يستند إليها في نظريته، أما اللعب بمعناه الدينامي فلم يدرجه في تصوره لمفهوم اللعـب الآمن من خـلال عرض ومناقشة مفهومه عن الرمزيةSecondary symbolism)) وقد ورد هذا التصور الدينامي لأصحاب نظرية التحليل النفسي (عبد الرزاق، 2002م).
استخدامات اللعب في العملية التعليمية: يُعد فروبل (Frobel) من أوائل التربويين الذين طالبوا بإدخال اللعب في المناهـج التربوية في جـميع مراحل التـعليم، وفي جميـع المواد الدراسـية، لاعـتقاده بأن اللعب يرسخ التعليم في ذهن المتعلم.
وأصبح اللعب في نظر الكثير من التربويين ذا دور بارز في حياة الطفل، مما دفـعهم إلى إدخاله في العملية التربوية، بوصفه أسلوباً من أساليب التدريس وعرف باسم التعلم (من خلال اللعـب)
إذ اسـتخدمت الألعـاب اللـغوية في تدريـس مـهارات اللـغة العـربـية في المرحلة الأساسـية.(الصويركي، 2005م).
ويمكن أن تستخدم الألعاب اللغوية أيضاً في دروس التدريب اللغوي؛ لما تثيره من مرح وترويح عن الطفل، والتخفيف من رتابة الدروس وجـعل المتعلمـين أكـثر تفاعـلاً مع ما يتعلمونه، وأكثر تجاوبا مع هذا النوع من النشاط. (جابر، 1991م).
وأجريت العديد من الدراسات والبحوث التي تناولت أهمية الألعاب في العملية التعليمية، فقد استخدمت في تدريس موضوعات مختلفة من المواد الدراسية مثل: العلوم، الرياضيات، العلوم الاجتماعية والوطنية، والتربية الإسلامية، واللغة العربية، واللغة الإنجليزية، فضلاً عن استخدامها في تنمية بعض المهارات الحياتية والسلوكية في مراحل عمرية مختلفة، وتحصيل مفاهيم معينة.
ويرى بلقيس ومرعي (1987م) أنَّ الألعاب التربوية عبـارة عن نماذج مبسطة تعبر عن الواقع، يمر المتعلم خلالها بمواقف تشبه مواقف الحياة اليومية، ويمارس فيها أدواراً تشبه الأدوار التي يمارسها الكبار في حياتهم، ومن هنا فإنَّ فكرتها الأساسية تدور حول جعل المتعلم مشاركاً وإيجابيا في المواقف التعليمية.
ومن الذين آمنوا بقيمة اللعب في النمو المعرفي، عالم النفس الروسي (فايجوسكي) الذي أرجع عدم قدرة الطفل على التفكير المجرد، إلى ربط المعنى بالشيء نفسه بحيث لا يمكنه التفكير في الحصان مثلا إلا إذا رآه، ولكن الطفل يتعامل في لعبه الإيهامي مع العصا وكأنها حصان فإنَّ ذلك يساعده على فصل المعنى عن الشيء نفسه، وهكذا يصبح اللعب الرمزي من وجهة نظر فايجوسكي ليس خيالا عابرا وإنما يعد وسيلة معينة على بناء تفكير الطفل، ثم يستمر كعملية موازنة للمنطق الراقي في مرحلة الرشد Blanchard etl,1983
وقد أكد (برونز) على أهمية اللعب في تنمية الابتكارية والمرونة، وأشار إلى أن الطفل تعنيه عملية اللعب نفسها أكثر مما تحققه من نتائج، كما أن الأطفال في لعبهم ينهجون أكثر من سبيل، ويقومون بمحاولات متنوعة لمعالجة مشكلات من صنع خيالهم تساعدهم على مواجهة مشكلات حقيقية في حياتهم مستقبلا، كما أن إدراك الطفل يتطور من خلال إدراك الأشياء المتشابهة في مجموعات، ويوجد العلاقات بينها لاستقراء المفهوم العام (البلهان، 2002م)، وعليه فإنَّ (برونز) قد أكد على أهمية ألعاب التصنيف والمطابقة وقدرتها على المساهمة في النمو المعرفي للطفل.
وهناك علاقة أصلتها الدراسات العلمية بين اللعب والتفكير الابتكاري، لأن التفكير بمعناه العام، هو خبرات وأنشطة مصاحبة للإنسان، أو أنه نشاط ذهني يشتمل على مجموعة أفكار تثيره مشكلة تحتاج إلى حلّ، أو أنه عملية طرح الأفكار بطريقة منطقية متسلسلة، وتدعيم الأفكار بأساليب ملائمة (السرور، 2001م).
تنوعت الدراسات المعنية بالعلاقة بين اللعب والتفكير تنوعا ملحوظا، ومن أهم الدراسات العربية تلك الدراسة التي هدفت إلى فحص أثر بعض برامج تنمية التفكير الابتكاري لدى أطفال الروضة، من خلال برنامجي اللعب والرسم (وحيش، 1984) وقد استخدمت اختبار) تورانس( للحركات والأفعال واختبار )تورانس( لأشكال الصورة، وتوصلت إلى وجود فروق دالة إحصائياً لصالح المجموعة التجريبية، وتفوقها على المجموعة الضابطة.
كما هدفت دراسة ياوكي وهرنسر (Yawkey & Hrncir, 1982 (إلى تحديد تأثير أنماط اللعب الخيالي على النمو اللغوي والإدراك اللغوي عند الأطفال الصغار، وقد توصلت الدراسة إلى وجود تأثير جوهري لهذه الأنماط، كما أنَّ هناك فروقا دالة إحصائيا بين الذكور والإناث في التطبيق القبلي والبعدي للمقياس لصالح الإناث.
وفي دراسة قام بها جودمان (Godman, 1991) هدفت الكشف عن العلاقة بين النمو اللغوي لدى أطفال الروضة وألعابهم التمثيلية، وتوصلت الدراسة إلى وجود علاقة إيجابية، وأنَّ النمو اللغوي يزداد لدى أطفال الروضة الذين يمارسون تلك الألعاب.
أما دراسة راند Rand, 1991) فقد هدفت إلى تحديد مدى أهمية وفائدة تخطيط خبرات اللعب السيودرامي في تنمية اللغة لدى الأطفال الذين خضعوا للعلاج بالقصص من خلال اللعب السيودرامي، قد حصلوا في الاختبارات على درجات أعلى بكثير من هؤلاء الذين خضعوا للعلاج بالقصص دون استخدام اللعب. وفي السياق نفسه هدفت دراسة دكتروف (Docptoroff, 1991) إلى معرفة تأثير مهارات تدريس اللعب السيودرامي في استخدام لعب الدور السيودرامي والتفاعل الاجتماعي لدى الأطفال، وقد توصلت الدراسة إلى أن التحسن الذي طرأ على سلوك الأطفال لم يكن عاليا، ولكن بصفة عامة فإنَّ الإكثار من استخدام لعب الأدوار مع الأطفال يسهم في تنمية سلوكهم وتفاعلهم الاجتماعي.
كما هدفت دراسة تايلور وستيل Taylar & bSsteel,2002) )إلى الكشف عن العلاقة بين اللعب والابتكار، وتوصلت الدراسة إلى أن الأطفال الشغوفين باللعب يتمتعون بالقيادة النشيطة وحب الاستطلاع والابتكار والحفز الذاتي.
تكثر الدراسات الأجنبية التي تلفت الانتباه إلى أهمية دور اللعب في النمو السليم المتوازن للطفل في الجوانب الجسمية والاجتماعية والنفسية والمعرفية؛ وذلك لأنَّ اللعب يوفر بيئة غنية بالخبرات (Pepler,1986, Manning & Boals,1987) كما كشفت دراسات أخرى عن مساهمة اللعب في مساعدة الطفل على القيام بالأنشطة الخلاقة، وتنمية قدراته واستعداداته، والارتقاء بمستوى دافعيته (Karnes, 1983).
وذهبت دراسات أخرى إلى أن أنشطة اللعب – بسبب أنها محببة ومرغوبة وممتعة للطفل – يمكن أن يستفاد منها في توجيه الطفل نحو أنشطة أكثر إبداعاً وثراء، وكذلك تنمية مهارات التفكير الابتكاري لديه وحل المشكلات عند الأطفال الصغار.
أمّا دراسة دنسكاي (Danskyk, 1980) فقد هدفت إلى اختبار الفرض القائل: بأن اللعب الحر لا ينمي الطلاقة أوتوماتيكيا، لكنه يعزز الطلاقة عندما تتمثل في اللعب خصائص اللعب الرمزي، وقد توصلت الدراسة إلى أن اللعب يعزز الطلاقة إذا كان يساعد الأطفال على التخيل، بمعنى أن هذه الصفة (استثارة التخيل) هي المتغير الوسيط في تأثير اللعب في الطلاقة كأحد جوانب التفكير الابتكاري. وهناك دراسة أخرى قام بها ببلر وروس (Pepler & Rose) هدفت إلى معرفة السلوك الذي يقترن باللعب مع مواد تشجع التفكير المحدد أو اللعب بمواد التفكير المنطلق وكذلك معرفة تأثير اللعب في حل المشكلات بطريقة واحدة أو أكثر من طريقة، أظهرت الدراسة فروقاً ذات دلالة إحصائية لصالح المجموعة التجريبية، حيث تفوقت مجموعة اللعب المنطلق في مقياس التفكير المنطلق، كذلك تفوقت مجموعة اللعب المحدد في قياس التفكير المحدد. كما هدفت دراسة ياوكي وهرنسر (Yawkey & Hrncir) إلى تحديد أنماط اللعب الخيالي على النمو اللغوي والإدراك اللغوي عند الأطفال الصغار، وقد توصلت الدراسة إلى وجود تأثير جوهري لهذه الأنماط، كما أظهرت الدراسة فروقاً فردية دالة إحصائيا بين الذكور والإناث في التطبيق القبلي والبعدي للمقياس اللغوي لصالح الإناث.
وهدفت دراسة والدون (Waldon,1982) إلى التحقق فيما إذا كانت هناك فروق بين أطفال الروضة الذين مارسوا اللعب الخيالي لمدة طويلة، والذين مارسوا اللعب لمدة قصيرة من حيث القدرة على التفكير المتشعب، واستخدمت الدراسة اختبار تورانس للتفكير الابتكاري، وتوصلت الدراسة إلى زيادة الدرجة على مقياس الطلاقة، ومقياس المرونة، بفروق ذات دلالة جوهرية لدى الأطفال الذين مارسوا اللعب الخيالي لمدة طويلة، عن الأطفال الذين مارسوا اللعب لمدة قصيرة.
كما هدفت دراسة دنسكاي وسلفرمان (Dansky & Silverman, 1975) إلى اختبار تأثير اللعب على طلاقة الطفل، وأجريت الدراسة على ثلاث مجموعات، إحداها مارست اللعب، أما المجموعتان الأخريان فلم تمارسا اللعب، وتوصلت الدراسة إلى تفوق مجموعة اللعب على المجموعتين الأخريين، ودعمت النتائج الفرض القائل بأن أنشطة اللعب تتيح المجال لصقل الطلاقة الترابطية للطفل.
كما هدفت دراسة لي (li, 1978) إلى فحص تأثير اللعب على الاستجابات التي تتميز بالجدة عند أطفال الروضة، وقد توصلت الدراسة إلى تفوق أطفال مجموعة اللعب الحر واللعب الرمزي على المجموعات الضابطة، كما دعمت النتائج الفرضية القائلة بأن اتجاهات اللعب الرمزي تتيح الحرية للطلاقة التعبيرية.
أما دراسة (منسي، 1987) فقد هدفت إلى تحديد أثر استخدام الأطفال للألعاب المحببة إليهم في تفكيرهم الابتكاري، والسمات الابتكارية لديهم، وتوصلت الدراسة إلى أن أداء الأطفال في اختبارات التفكير الابتكاري يتأثر بالأنشطة التي تسبق تطبيق الاختبارات عليهم، وبالتالي يتعين ضبط تلك الأنشطة أولاً قبل أعمال المثير حتى يمكن معرفة تأثيره في التفكير الابتكاري.
كما قام منسي (1987) بدراسة أخرى كان الهدف منها معرفة علاقة التنبيه الموجب والسالب باستخدام اللعب وعلاقته بالتفكير الابتكاري لدى الأطفال، وقد استخدمت اختبار تورانس للتفكير الابتكاري (اختبار الصور) وتوصلت إلى أن سلوكيات اللعب لدى الأطفال ما قبل المدرسة ذات علاقة موجبة بالطلاقة.
كما هدفت دراسة (صادق، 1989) إلى التعرف على خبرة اللعب (سلوكيات، أنماط، أدوات) في ضوء قدرتين من قدرات التفكير التباعدي (الطلاقة، المرونة). وقد توصلت الدراسة إلى أن الأطفال ذوي السلوك الرمزي يتمتعون بدرجة عالية من الطلاقة والمرونة، بينما الأطفال الذين يختارون أدوات لعب متنوعة يحققون درجة عالية في الطلاقة.
ما فائدة أساليب التعلم باللعب؟
أكدت البحوث التربوية الكثيرة أن الأطفال كثيرا ما يخبروننا بما يفكرون فيه، وما يشعرون به من خلال لعبهم التمثيلي الحر واستعمالهم للدمى والمكعبات والألوان والصلصال وغيرها، ويعتبر اللعب وسيطا تربويا يعمل على اكتساب التعلم وتشكيل شخصية الطفل بأبعادها المختلفة في الوقت نفسه، إذ من خلال اللعب يفرغ الأطفال طاقاتهم وتوترهم في كثير من الأحيان بالألعاب التي بين أيديهم، ويستخدمون الألفاظ والحركات الدالة على ذلك، مما يعكس صورة حقيقية واضحة عما يفكرون فيه.
وهكذا فإنَّ الألعاب التعليمية متى أحسن تخطيطها وتنظيمها والإشراف عليها، تؤدي دورا فعالا في تنظيم التعلم، وقد أثبتت الدراسات التربوية القيمة الكبيرة للعب في اكتساب المعرفة ومهارات القول إليها إذا ما أحسن استغلاله وتنظيمه. ويعتبر أسلوب التعلم باللعب هو استغلال أنشطة اللعب في اكتساب المعرفة وتقريب مبادئ العلم للأطفال وتوسيع آفاقهم المعرفية.
أهمية اللعب في التعلم:
إن اللعب أداة تربوية تساعد في إحداث تفاعل الفرد مع عناصر البيئة لغرض التعلم وإنماء الشخصية والسلوك.
يمثل اللعب وسيلة تعليمية تقرب المفاهيم وتساعد في إدراك معاني الأشياء.
يعتبر اللعب أداة فعالة في تفريد التعليم وتنظيمه لمواجهة الفروق الفردية وتعليم الأطفال وفقا لإمكاناتهم وقدراتهم.
يعتبر اللعب طريقة علاجية يلجأ إليها المربون لمساعدة الطلبة في حل بعض المشكلات التي يعاني منها بعض الأطفال.
يشكل اللعب أداة تعبير وتواصل رائعة بين الأطفال.
تعمل الألعاب على تنشيط القدرات العقلية، وتحسين الموهبة الإبداعية لدى الأطفال
يساعد اللعب على التخلص من اضطرابات عدة من ضمنها اضطرابات النطق، وبعض الإعاقات البسيطة
العلاقة بين الألعاب الذكية وحل المشكلات
لقد أجرى كل من بلهارس و فيررا( Palhares, Ferreira,2008) دراسة بعنوان “الشطرنج مهارات حل المشكلات باستخدام الأنماط التعليمية” هدفت الدراسة لإيجاد علاقة بين لعبة الشطرنج ، بوصفها لعبة من الألعاب الذكية والقدرة على حل المشكلات باستخدام الأنماط التعليمية الهندسية والرقمية، كما هدفت الدراسة إلى تحديد المشاكل الرياضية التي تواجه الطلبة على أساس الأنماط التعليمية، تكونت عينة الدراسة من (80) طالبا من طلاب الصف الثالث – السادس، تم تقسيم العينة إلى مجموعتين متكافئتين، مجموعة تجريبية مكونة من (40) طالبا، ومجموعة ضابطة مكونة من (40) طالبا، وتم تصميم برنامج تدريبي يرتكز على طرح أسئلة متشابهة على الطلبة.
أظهرت نتائج الدراسة وجود فروق ذات دلالة إحصائية بين متوسطات درجات المجموعتين التجريبية والضابطة لصالح المجموعة التجريبية ، كما أظهرت نتائج الدراسة أنه يمكن تطوير تنمية التفكير المنطقي باستخدام استراتيجيات التفكير المختلفة التي تتطلبها لعبة الشطرنج، كما يمكن تطوير مهارات حل المشكلات عن طريق تدريب الطلبة على احترام المبادئ التوجيهية في المناهج الدراسية، وأظهرت النتائج أهمية لعبة الشطرنج في مساعدة الطلبة على تحديد المشكلات الرياضية التي تواجههم ، ومساعدتهم على حلها باستخدام الأنماط التعليمية ، كما أظهرت الدراسة أهمية لعبة الشطرنج في كونها لعبة استراتيجية تساعد الطلبة على تنمية مهارات الذات في مواجهة أحداث الحياة اليومية، وأوصت الدراسة باستخدام مثل هذه الألعاب في تنمية قدرات الطلبة على التفكير، مع الإشارة إلى ألعاب أخرى مثل : الداما، وبطاقة كانوتا( أوراق اللعب المعتادة –الكوتشينة)(قبالي، 2014م)
كما أثبتت دراسات متعددة أن الألعاب التي يلعبها الأطفال الأكثر ذكاء بصورة أكبر ، هي الألعاب التركيبية و الإنشائية، بالمقارنة مع أقرانهم من العمر نفسه، وأن الأطفال المتفوقون يزاولون الألعاب التي تحتوي أوجه نشاط أكثر ، من ميلهم إلى اللعب الجسدي الصاخب كما أشارت الدراسات إلى أن الأطفال المتفوقون يقضون وقتا أطول في اللعب من الوقت الذي يقضيه أقرانهم العاديين عند مزاولة الفعالية نفسها، مما يدل على أن الانتباه والمثابرة على أداء نشاط معين أطول عند الأطفال المتفوقين(ماميلا، 1999م).
تؤكد الدراسات بأن العملية الإبداعية لا تبدأ بمحض الصدفة، بل عن تفكير عميق ونضال وجهد، وهي من أهم لحظات التفكير الإنساني الإبداعي ، فالحلول لا تأتي على طبق من ذهب، أو صدقة للمبدع على نفسه، وإن المعاناة تبدأ من لحظة الشعور بالمشكلة إلى تخمرها حتى الوصول إلى لحظة الاستبصار.
فما هي لحظة الاستبصار:
من طرق حل المشكلات في نظرية الجشطالت (الطريقة الكلية): تظهر العلاقات في إدراك السلوك بين الوسائل والغايات عن طريق الاستبصار، ويتميز السلوك هنا بأنه سلوك ضمني وترقبي وفجائي؛ أي أن الفرد يفكر في طبيعة العلاقة القائمة بين أجزاء الموقف ويحاول أن يربطها الواحد بالآخر حتى يستنبط العلاقة بينها.
وتعتبر نظرية الجشطالت أن التفكير الإبداعي يبدأ عادة مع مشكلة ما، وعلى هذا التحديد تلك التي تمثل خاصته أو جانبا غير مكتمل… وتستطرد هذه النظرية إن الحلول الإبداعية هي تلك الأخيرة ، فالفكرة الجديدة هي التي تظهر فجأة على أساس من الحدس ، لا على أساس من السير المنطقي. سلوك
وقد تناولت معظم النظريات مرحلة حل المشكلة أو الوصول إلى الإبداع( الاختراع) وقامت هذه النظريات حسب وجهة نظر منظريها بتسمية لحظة توليد الحل بمسميات مختلفة مثل: الاستبصار، الإشراق، الإلهام، الحدس، التنوير، وهي حالة تعتري المبدع يحقق من خلالها إبداعه لمرة واحدة أو أكثر من مرة في حياته.
المرجع *فاعلية برنامج إثرائي قائم على الألعاب الذكية في تطوير مهارات حل المشكلات والدافعية للإنجاز لدى الطلبة المتفوقين في السعودية ( اطروحة دكتوراه ، قبالي ،يحيى، 2009م) إشراف ، أ. د. فتحي جروان.