أين تكمن مسؤولية النظام التربوي في معركة التحرير
الدكتور: محمود المساد
منذ عهد الاستقلال، والتساؤل المثير للجدل لا يزال يحوم حول طاولة بحث الحركة الصهيونية والمنظّرين لها: “أيهما الأكثر أهمية لضمان تنفيذ مخططات الحركة الصهيونية باحتلال أرض فلسطين، والتوسّع؛ انطلاقا منها، والتفوق في الإنجازات التي تخولها قيادة الإقليم؛ هل هي في امتلاك السلاح المتفوق، أم في هزيمة الإنسان العربي من داخله، أم في العمل على كلا الأمرين معا“؟!
من هنا، بدأ التوجه الجاد نحو استهداف الإنسان العربي عبر بوابة النظام التربوي التعليمي الشامل، وتوظيف آلة الإعلام العالمي التي يملكونها بذكاء، وشراء ذِمَم ضعاف النفوس، ومحبّي المال والنفوذ؛ ليكون الفعل أكثر صدقا من الداخل، وربط مساعدات الدول دائمة الاستجداء من بنوك الإقراض العالمية، بمشاريع ومبادرات فنية، ظاهرها مسايرة التحديث العالمي، وباطنها مسموم يحمل أدوات النخر في كينونة الإنسان العربي، وأطره الفكرية، ومنظومته القيمية والوجدانية.
وفي أثناء هذه العقود التي تلت عام 1967 وصل العدو الغاصب إلى مبتغاه في هزيمة الإنسان العربي من داخله، إذ هزّ ثقته بنفسه، وهشّم قيمه النبيلة، وأشعره بضعف حيلته، وضعف فرص الفرَج أمامه، وبرّر لدى ضعاف النفوس منهم، المتلونين الطامعين بالتسلق على جدران الوطن، وناسه المتعَبين في مساعدتهم العدو بقصد أو بغير قصد في تنفيذ مخططاته، من خلال تسطيح المعلومات، وتشويه الحقائق، وتغييب القيم، وحرف بوصلة العمل عن مساره، وتغيير ماهية العدو بخلق عدو جديد، وتصوير العدو الأول على أنه صديق منقِذ!!
وهنا، يأتي دور النظم التربوية العربية، ودور التربويين المخلصين في استثمار هذا النصر المؤزّر للكرامة العربية، والزهوّ المرافق للعبور، ونقله المعركة إلى أرض العدو المحتلة، وتهشيمه أسطورة العدو فيما يتصل بالتفوق والقوة.
ويحق لنا أن نقول بأن هذا الحدث العظيم الذي نعيشه اليوم هو بداية تحول الموازين باتجاه إعادة الحياة للإنسان العربي، بعد أن أشعل هذه الجذوة أبطال عبور 07 اكتوبر 2023 من غزة هاشم الأشاوس، إذ باتت معه عملية الإحياء ممكنة ولازمة، كما بات العمل المبرمج المخطط له على كل المستويات ضروريّا ومطلبًا؛ لدعم ثقة الإنسان العربي بنفسه وقدراته، بل وأنه قادر على النصر والنهوض، وتحقيق كل الأهداف بفعالية عالية.
ومن هنا أصبحت مسؤولية النظام التربوي تنحصر في بناء الإنسان كي يكون قادرًا على المطالبة بحقوقه، قويًا واثقًا من نفسه،مفكرًا يمحص ويميز بين الأفكار والأشياء استنادًا لمعايير مقبولة ومطلوبة، وكي يكون حرًا أبيًا يعيش كامل إرادته وكرامته، ويقدّر النظام والقانون ويحترم سيادته، ويقف بصلابة ضد أي انتهاك لهويته ووطنه، هذه إن تحققت جميعها يكون النظام التربوي قد قام بدوره ومسؤليته بشكل جيد.
دام فضل المخلِصين، وخارت عزائم المحبِطين المتسلقين
وزارة التربية والتعليم (moe.gov.jo)