مسؤولية الأدوار
الأستاذة إسراء المسّاد
ماجستير في إدارة الموارد البشرية
لكل منا دور يؤديه في هذا الكون ويتحمل مسؤوليته وعبئه، ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها، يقول الله تعالى في كتابه العظيم (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56)) وفي هذا السياق يعد العمل عبادة والعلم عبادة لتعمير الأرض والاستمرارية فيها وكل فرد يجب أن يؤدي دوره على أكمل وجه ويعلمه لخلفائه في الأرض والغرض من ذلك تحقيق هذه الغاية والاستمرارية في البناء والتطور.
فالدور كتعريف هو كل سلوك يتطلبه المكان، الزمان والمنصب أو الموقف الحالي من الانسان ليصل للنتيجة أو الهدف المطلوب منه في هذا الوقت وقد تختلف الأدوار باختلاف المكان والزمان والمواقف للشخص نفسه فدوره كأب يختلف عن دوره كموظف يختلف عن دوره كقائد فريق عمل …. إلخ
ويترجم دور الانسان بكل ما يصدر عنه من أفعال وأقوال وسلوكات وإيماءات انعكاساً لمكنوناته من أفكار ومعتقدات وخبرات في موقف معين أو منصب معين، والأصل في الدور أن ينتج كل ما هو إيجابي يواصل التطور والنمو والاستمرارية. وأي خلل أو تقصير مهما صغر قد يؤثر على الغاية النهائية بنتائج كبيرة لأن أدوارنا متسلسلة تبنى بشكل متطلب على أدوار الآخرين كمبدأ نظرية تأثير الفراشة والتي تشير إلى ” فكرة مفادها أن أجنحة الفراشة تحدث تغيرات طفيفة في الجو يمكنها في النهاية أن تغير مسار أو تسرع أو تؤخر أو حتى تمنع حدوث إعصار في مكان آخر، وهذا لا يعني أن رفرفة الفراشة تقوم بتوليد الطاقة أو إنشاء الإعصار مباشرة، ولكن المقصود من المصطلح أن رفرفة الأجنحة جزء من الظروف المبدئية؛ والتي قد تؤدي مجموعة من الظروف إلى إعصار وأخرى لا، وبذلك تمثل رفرفة الجناح تغيرًا طفيفًا في الحالة الأولية للنظام يؤدي إلى تغير شامل في الأحداث و النتائج“
ومن هنا نستنتج أن الأدوار تختلف بين الاشخاص والمواقف والغايات وليس بالضرورة أن يكون الانسان خارقًا للطبيعة ويتكفل بكل الأدوار ولكن نرى أن الضرورة تقتضي بأن الشخص يكون قادر على أداء دوره الحالي بكفاءة وفعالية ولا يتقاعس عن أدائه خوفًا من أن يؤثر سلباً على سير الدور العام للمنظومة. وعمليًّا تختلف الأدوار وتتطور مع تطور الإنسان كنتيجة طبيعية.
ومن الأساسيات المتعارف عليها لضمان سير الأدوار بشكلها الإيجابي والطبيعي:
– عدم تداخل الأدوار فلا تهرف بما لا تعرف ولا تفت بما ليس اختصاصك ولا تتمسك بعصبية القبيلة برأيك وتؤثر سلباً على المنظومة.
– ضرورة توافر أو دمج الأدوار في مواقف معينة وذلك بنتاج الخبرة والمعرفة وليس لبس عباءة ليست لك.
– عدم رمي عبء الدور على الآخرين أو التأخير والتعطيل في الأدوار المتسلسلة.
– كل دور ذو أهمية كبيرة، يصب نتاجه على الهدف العام والأهم للمنظومة، ولا يجوز التهميش بأدوار الآخرين أو التعطيل عليهم.
لنلقِ الضوء على الأدوار الأساسية في مراحل حياتنا وأهميتها:
الأدوار التفاعلية:
والتي تتمثل بالتأثير على الآخرين من خلال العلاقات والاتصالات المختلفة كأن يمثل الشخص قدوة لمن حوله كالمعلم أو المحاضر والذي يمثل قدوة لطلابه وزملائه في العمل ويكون قائداً فعالاً بترسيخ جميع القيم والطرق التي تساعد في بناء الطلبة وتوجيه طاقاتهم للبناء والتأثير الإيجابي في مستقبل المنظومة، بحيث يكون المعلم حلقة وصل لهم بالحياة العملية والواقعية وتأسيسهم. ولا ننسى هنا أيضاً دور الطلبة في الاستقبال والتفاعل مع المعلم لتحقيق معادلة التواصل بشكلها الصحيح.
الأدوار المعلوماتية:
لتكون الأدوار التفاعلية ناجحة يجب أن تبنى على أسس علمية سليمة وموثقة وهنا يكون الدور في الوصول إلى المعلومات و مراعاة الأمانة العلمية في نقل ومشاركة هذه المعلومات وعدم احتكارها كدور المعلم كمرشد لطلابه يعرض المعلومات ويشرحها بوضوح بمراعاة للمستوى العام لطلابه أو دور الاعلامي في نشر المعلومات ومراعاة مدى تأثيرها على المتلقي وبالتالي التغيرات التي ممكن أن تطرأ على دوره هو الآخر، ولا ننسى دور الناطق الرسمي باسم جهة معينه والذي يجب أن يراعي القيم الاخلاقية في نقل المعلومات لما لها من أثر على الصورة العامة للمنظومة.
الأدوار التنفيذية:
من البديهي أن تقوم القرارت على مرجع موثق من المعلومات والمعارف والتي تساعد على بناء قرارات سليمة وناجحة وفعالة بنوع من الثقة والحسم تجاه الموقف وهنا تأتي الأدوار التنفيذية كالدور الريادي والسباق بتقديم كل ما هو جديد وغير اعتيادي مقدماً قيمة مضافه وخلاقة تضفي نوعًا من التميز على المنظومة. ومن المهم هنا أن يقوم المعلم بترسيخ هذا الدور في الطلبة منذ الصغر وتأسيسهم عليه وأيضا في مواقف المشاكل والتحديات يأتي دور المعالج للمشاكل والتعامل مع هذه المشاكل بناءً على المعطيات والموارد المتوافرة بنوع من العقلانية والسيطرة لاحتواء المشكلة وليس تضخيمها أو التهرب منها. وأخيراً دور المفاوض وكل ما يحمله من نقاشات وحوارات وتبادل للآراء وليس تلقينًا أو خدمة عسكرية وذلك لضمان الاستمرارية في الأدوار. فهذا الطالب/ الطالبة المتلقي سيكون في المستقبل في هذا الدور ويجب علية أن يفهم حقيقة وطبيعة الأدوار ليتمكن من القيام بها بالشكل الصحيح وهنا نضمن الاستمرارية في البناء والعطاء وتحقيق الغايات.
وفي الختام على الإنسان أن يدرك دوره في هذه الحياة ويدرك أهمية دوره وتأثيره في سير المنظومة وبنائها ليتمكن من الإعمار والتطور بحماس وفعالية وايجابية وأمل، وينظر للتحديات والعوائق كدافع للتقدم والنجاح والنمو والريادة، فأتمنى لي ولكم الإعمار والنجاح والله ولي التوفيق.