سيكولوجية الغش في الاختبارت
بقلم: د. يحيى أحمد القبالي
يُعدّ الغش بصفة عامّة ممارسة منحرفة تسهم في هدم العلاقات الاجتماعية، ويترتب عليها نتائج سلبيّة مختلفة أهمها ما يتعلّق بالصحة النفسية، ولا يمكن بأيّ شكل من الأشكال أن تكون نتائج سلوك الغش إيجابية مهما قدّم صاحب ذلك السلوك من تبريرات لأفعاله وأقواله، وتزداد عواقب الغش عمقًا كلما كانت في مناحي حياتية ذات قيمة أكثر من غيرها.
ويعرّف الغش :هو القيام بأفعال ونصرفات تتصف بالخداع أو التضليل من أجل نيل نفع أومزيّة أو إخفاء عيب ما.
ويعرّف الغش في الاختبارات المدرسية إجرائيًا: ما يقوم به الطلبة من طلب العون ، أو سرقة جهد زميل باستراق النظر إلى ورقتة ، أو الاستعانة بأوراق مكتوبة أو أدوات تكنولوجية بهدف الإجابة على أسئلة الاختبار دون وجه حق للحصول على امتيازات شخصيّة.
ولعلّ المجال الأكاديمي المدرسي –وهوما سيقتصر عليه الحديث– أهم ما يعوّل عليه المجتمع لرفعته ورفاهيته، وأيّ فشل فيه له امتداداته طويلة الأمد ويترتب عليه فشل مركّب آخر، ومشكلة الغش في الاختبارات المدرسية مشكلة تعاني منها أغلب المجتمعات ولن نكون مبالغين إن قلنا المجتمعات كافة، بالرغم من المحاولات الجادّة من قبل المؤسسات التعليمية للقضاء عليها فقد أفادت بعض التقارير في الدول المتقدّمة أنّ نسبة الغش بلغت (68% ) وذلك حسب المركز الدولي للنزاهة الأكاديمية في الولايات المتحدة الأمريكية ، ويزداد سلوك الغش لدى الذكور أكثر منه عند الإناث، فوفقًا ل (إلياس و سولسبيري2009م ) فإن الطالبات يرون الغش عملًا غير أخلاقيًا أكثر من أقرانهن من الذكور.
وفي دراسة قامت بها جامعة( بنسلفانيا على أنّ نحو (75%) من مجموع (1800) طالب ينتمون إلى تسع جامعات حكومية أمريكية اعترفوا بأنهم ارتكبوا عملية الغش في اختبارات أو واجبات جامعية مكتوبة.
ويقول علم النفس التربوي في هذا المجال: إنّ تدني الثقة بالنفس عند الفرد تكون بأوضح صورها عند تقديمه للاختبار.
أسباب الغش في الاختبارات :
قد تختلف أسباب الغش في الاختبارات من مجتمع لآخر ولكن بنسب متفاوتة فالإنسان بطبعه يحب النجاح ويسعى إليه – عند بعض الأفراد– ولو على حساب الآخرين، ولا يرضي غروره تراكم الانجازات وتنوعها ويسعى جاهدًا لتكثيرها والمحافظة عليها، وتعود تلك الأسباب، إلى:
1-أسباب لها علاقة بالجانب الأكاديمي، مثل:
أ: ضعف قدرة الطالب على فهم المادة الدراسية، أو بسبب صعوبة المادة الدراسية نفسها.
ب: حرص الطالب للمحافظة على تقديرات المعلمين والأقران.
ج: الخوف من الاختبار، وما يترتب عليه من وضع نفسي قبل وأثناء وبعد الاختبار.
د: التفريط الأكاديمي:الاستهتار بالدراسة والمناهج المدرسية وعدم المذاكرة ، والغياب المستمر.
ه: تحدّي الطالب للمعلّم لإثبات الذات والقدرة على النجاح.
الحلول: استخدام الوسائل التعليمية المعينة للطلبة على الفهم والاستيعاب والحفظ، وإنجاز أوراق عمل مشوّقة تساعد الطلبة على التعلّم، تشجيع الطلبة على المنافسة الشريفة، إيجاد أكثر من نموذج للأسئلة.
2-أسباب اجتماعية،مثل:
أ:حرص الطلبة كسب تقدير المجتمع.
ب: تفشي ظاهرة الغش والتباهي بها، والنشوّة المصاحبة لخبرات الغش بين الطلبة والتندر بها.
ج: تفاوت عملية ضبط الغش من منطقة إلى منطقة داخل البلد الواحد.
الحلول: توجيه وسائل الإعلام للتركيز على نتائج الغش، إجراء ندوات متخصصة حول الغش، تفعيل دور المرشد الطلابي من خلال جلسات جماعية وفردية،وإيجاد العقاب الرادع.
3-أسباب أسريّة، مثل:
أ:حرص الطالب على تقديرات الوالدين والخوف من الفشل.
ب: المنافسة بين الأبناء.
ج: تشجيع الوالدين للطالب أو السكوت على عملية الغش وعدم الاكتراث بنتائجه.
د: ضعف الوازع الديني والقيمي لدى الطالب وأسرته.
الحلول: تواصل المدرسة والمنزل ، وعقد ندوات تثقيفية للأهل لتنمية قيمة الأمانة في نفوسهم ونفوس أبنائهم، إعداد بروشراتونشرات توجيهية لأولياء الأمور، والتواصل معهم من خلال وسائل التواصل الاجتماعي…الخ
4-أسباب التقدّم التكنولوجي، مثل:
أ: سهولةعملية الغش من خلال استخدام الأجهزة الحديثة ، مثل سماعات الأذنين، والكاميرات، والجوالات، وآلات التصوير وقدرتها على تصغير الصفحات…الخ
الحلول: نشر كاميرات بصوت وصورة في قاعات الاختبارات.
*إن إيجاد الوسائل الناجحة للقضاء على الغش المدرسي هي الوقاية من انتقاله إلى المرحلة الجامعية والمجتمع.
نتائج الغش : وسيلة لإيجاد جيل لا يقرأ ، فارغ من القيم ، لا يملك القدرة على تطوير المجتمع.
وزارة التربية والتعليم (moe.gov.jo)