دور تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في تعزيز الريادة في التعليم

دور تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في تعزيز الريادة في التعليم

دور تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في تعزيز الريادة في التعليم

إعداد

الدكتورة وفاء فياض الدجاني

الملخص

إن التمكن من استخدام الأدوات التكنولوجية الحديثة والقدرة على توظيفها في كافة المجالات أضحى ضرورة حتمية فرضتها الطبيعة المتغيرة للعصر الذي نعيش فيه لمواكبة ثورة الاتصالات والمعلومات التي تركت أثرها على كافة الميادين والأصعدة، إذ أن استخدامها أصبح يُعد واحداً من أهم المهارات التي اصطُلح على تسميتها بمهارات القرن الواحد والعشرين والتي تُمثل مكوناً رئيساً في التعليم الريادي وفي المناهج التعليمية العصرية. وفي هذه الورقة البحثية سيتم تسليط الضوء على مجموعة من المفاهيم المتعلقة بالريادة في التعليم وأبعادها والآلية الأنجع لنشر ثقافة الريادة عبر التعليم، مع استعراض التجربة الأردنية في هذا المجال.

The Role of ICT in Strengthening Education Pioneering

prepared by

Dr.Wafa Fayyad Dajani

ABSTRACT

The ability to use modern technological tools and employ them in all fields has become an imperative necessity imposed by the changing nature of the era in which we live to keep pace with the revolution of communications and information that has left its impact on all fields and levels. Its use has become one of the most important skills called the skills of the century, which is a major component in pioneering education and modern educational curricula. This paper will shed light on a set of concepts related to leadership in education and its dimensions and the most effective mechanism for spreading the pioneering culture through education, with a review of the Jordanian experience in this field.

مقدمة

أكد جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين في ورقته النقاشية السابعة الصادرة بتاريخ 15/4/2017، والتي كانت بعنوان بناء قدراتنا البشرية وتطويرالعملية التعليمية جوهر نهضة الأمة، أكد على ارتباط صنع التغيير المنشود بمناهج دراسية تفتح أَمام الطلبة أبواب التفكير العميق والناقد؛ وتشجعهم على طرح الأسئلة، وتُعَلِمَهم أَدب الاختلاف، وثقافة التنوع والحوار؛ وتُقَرِّب منهم أساليب التعبير، وتنمّي فيهم ملكة النظر والتدبر والتحليل، وتمكنهم من إتقان لغات عالمية أساسية، وامتلاك مهارات التواصل مع الآخرين ومبادىء العمل المهنية، والقدرة على التحليل والتفكير؛ فالتعليم في عصرنا الحديث لا يقتصر على القراءة والكتابة، بل يتجاوز ذلك في عصر الكمبيوتر والإنترنت ليكون الفرد قادرًا على المشاركة في إنتاج المعرفة، والمساهمة في إحداث التقدم في كافة الميادين. ومن هنا تُعَّدُ توجيهات جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين لتطوير التعليم، ورؤيته بجعل الأردن محوراً ومركزاً لتكنولوجيا المعلومات في منطقة الشرق الأوسط وجعله منارةً للعلم والمعرفة وقائداً لمسيرة تحديث التعليم في العالم العربي ورائداً في التحول إلى مجتمع المعرفة؛ الموجه الأول في عملية تطوير وتحديث التعليم. ونتيجةً لهذا الاتجاه الجديد ظهرت طرائق تعليم حديثة نقلت العملية التعليمية من المادة الدراسية والاعتماد على المعلم إلى الإهتمام بالفرد المتعلم الذي يُعَّدُ مركزًا للفعاليات المنظمة التي تهدف إلى تحقيق أهداف العملية التعليمية التعلُمية (الدجاني، 2018).

ولأننا نعيش في عصر الاقتصاد القائم على المعرفة مع مواجهة التغييرات في الهيكل الصناعي والاجتماعي، وتنويع القيم الاجتماعية، وظهور استراتيجيات متعددة، وبسبب التحولات السريعة والتقدم والتطور في كافة الميادين، أصبحت قضية تطوير قدرات الطلبة على تعلم كيفية التعلموإعادة التعلموإظهار قدراتهم التعليمية مدى الحياة قضية غاية في الأهمية، فالثروة الحقیقیة للوطن هي ثروته البشریة، لأن الإنسان هو غایة التنمیة ووسیلتها معاً؛ ويظهر ذلك جلياً من خلال ســـعي الـــدول وطمـــوح الشـــعوب فـــي امتـــلاك مقومـــات التنميـــة المســـتدامة القائمة على الاســـتقرار بما يحقق الأمن الاقتصادي والنمـــو والازدهار، وهو ما يؤكد علـــى عظم دور ريادة الأعمال في كافة مجالات ونشـــاطات التنميـــة، والذي لن يتحقق إلا من خلال وجود عملية تعليمية تتبنى الثقافة والفلسفة الريادية في كافة المجالات مع توجيه المدارس والجامعات والنظام التعليمي ككل نحـــو الإهتمام بهذه الفلسفة وتوفير متطلبـــات ومقومات التفكيـــر الابتـــكاري والســـلوك التطويري لدى أفراد المجتمع مـــن أجل رعاية وتبني العناصر البشـــرية المتميـــزة الذيـــن يمثلـــون نواة لرواد أعمـــال المســـتقبل القادرين على انشـــاء المشـــروعات الريادية بما يســـهم في معالجـــة الفجوة بين المعرفـــة والتطبيق.

ولابد من الإشارة إلى أن هناك إرتباط بين الريادة في التعليم والتكنولوجيا الحديثة وأدواتها ارتباطاً كلياً؛ إذ يتطلب إعداد الطالب الريادي المبتكر إمتلاكه الحد الأدنى من المهارات المتعلقة باستخدام التكنولوجيا الحديثة وأدواتها المختلفة الأمر الذي يتطلب تضمين البرامج الدراسية والمناهج المختلفة موضوعات يتم تدريسها باستخدام هذه المستحدثات لجعل الطلبة قادرين على التعامل معها وامتلاك مهارات استخدامها في البحث والتعلُم مع أهمية اشتمال البرامج التعليمية في المدارس والجامعات على مقررات متعلقة بتكنولوجيا المعلومات وأدواتها والحرص على التحديث المستمر لمحتوى هذه البرامج والمقررات.

وقد عرَّفت اليونسكو ومنظمة العمل الدولية التعليم للريادةعـام (2006) بأنه:”مقاربـة تربويـة تهـدف إلـى تعزيـز التقـدير الـذاتي والثقـة بـالنفس عـن طريـق تعزيز وتغذية المواهب والإبداعات الفردية، وفي الوقت نفسه العمل على بنـاء القـيم والمهـارات ذات العلاقـة والتـي ستسـاعد الدارسـين في توسيع مداركهم في الدراسة وما يليها مـن فـرص مع تبنـي الأسـاليب اللازمـة لـذلك من خلال اسـتخدام النشـاطات الشخصـية والسلوكية وتلك المتعلقة بالتخطيط لمسار المهنة“(المصري وآخرون، 2010: 9). وبالتالي يمكن القول بأن التعليم للريادة يمكن أن يشمل جميع المدخلات والعمليات والممارسات التطبيقية في التعليم.

مفهوم الريادة

ارتبط مصطلح الريادة منذ منتصف القرن الثامن عشر بالاقتصاد الفرنسي؛ إذ أنه استُخدم كمصطلح للتعبير عن العمل أو النشاط المهم أو المشاريع العملية (Sethi, 2005) وهو كمصطلح يستخدم للإشارة إلى البدء بالأعمال. والشخص الريادي يمثل الفرد الذي ينظم ويدير ويتحمل مخاطر الأعمال أو المشروع (Quick MBA, 2007) والرياديون هم الأفراد التواقون للثروة الذين يتخذون المخاطرة ويصنعون القرار لإدارة الموارد بطرائق غير مألوفة لاستثمار الفرص،

ولذلك نجد الكثيرين منهم أصبحوا قادة الصناعة في العالم. وقد كان مفهوم الريادة يستخدم للدلالة على المخاطرة التي ترافق الحملات الاستكشافية. وبالتالي إذا نظرنا إلى الريادة بكونها عملية تكوين شيء ما مختلف ذو قيمة، فلابد من افتراض مجموعة المخاطر المالية والسيكولوجية والاجتماعية التي من الممكن أن تكون مصاحبة لهذا الأمر، وبعبارة أخرى فإن الريادة تمثل عملية خلق القيمة عن طريق استثمار الفرصة من خلال موارد متفردة تعتمد على السلوك الموجه مع القدرة على اتخاذ المخاطرة والإبداع. ومن الجدير بالذكر أن الهدف من التعليم للريادة هو مساعدة الشباب ليصبحوا مبتكرين وأصحاب مبادرة نشيطين فاعلين في سوق العمل وفي المجتمع. وتتضمن الريادة كمفهوم الإشارة إلى جميع أنواع التجارب التي تعطي الطلبة القدرة والرؤية للوصول إلى الفرص واستغلالها، وبالتالي تنمية قدرات الأفراد بما ينعكس على التنمية المجتمعية بشكل عام. وتتكون العملية الريادية من مجموعة من المكونات أهمها:

الفرصة.

المخاطرة.

الابتكار (خلق الفرص).

الريادة (إدراك الفرص).

الموارد (التي تستثمر الفرصة وتنشأ المنظمة الجديدة أو تطور القائمة).

أبعاد الريادة

إن الريادة كمفهوم تتكون من ثلاثة أبعاد وهي كالآتي:

الإبتكارية (Innovativeness): وتمثل الحلول الإبداعية غير المألوفة لحل المشكلات وتلبية الحاجات، والتي تأخذ صيغًا من التقنيات الحديثة وبالتالي التمحور حول الحصول على الأفكار.

المخاطرة (Risk): وتتضمن الرغبة لتوفير موارد أساسية لاستثمار الفرص مع تحمل المسؤولية عن الفشل وكلفته.

الاستباقية (Proactiveness): وتتصل بالتنفيذ مع العمل في آن واحد. (Morris ,et al.,2001)

وتعد الريادة ظاهرة معقدة ومتعددة الأبعاد إذ يعتمد التعريف الحديث لمفهومها على الإطار والمنظور الذي يتم من خلاله تناول معنى الريادة، فقد ينبثق المفهوم من منظور اجتماعي، أو اقتصادي، أو إداري، والريادة كمصطلح لا تخضع لتعريف موحد؛ فهي غير مرتبطة بوظيفة، أو مهنة، أو علم معين. إن بناءالشخصية الريادية يتضمن تحديد الآلية التي يتم من خلالها تشجيع الفرد على توليد الفكرة لرفع قدراته على الابتكار، بينما يرتبط الإبداع بالتنفيذ للفكرة من خلال توفر الموارد والعمليات الضرورية لذلك. لذا يُعد الإبداع من متطلبات بناء وتحقيق الشخصية الريادية وعامل مهم في تنفيذ الأفكار المبتكرة.

وقد أشار ميكليلاند (McClelland) بأن الشخص الريادي هو إنسان غير تقليدي يقوم بالأعمال بطريقة مميزة ومبتكرة، والريادي الناجح يُظهر قدرة عالية على فهم محيطه ويتعامل مع الآخرين بإيجابية، أما الابتكار بتعريف وودمان (Woodman) فهو يشير إلى القدرة على إيجاد فكرة، أو طريقة أو عملية ذات قيمة وفائدة ، والإبداع يمثل عملية إدخال أساليب عمل جديدة أو إجراء تحسينات على ما هو متوفر. وفـــي ضـــوء مـــا تقدم تتمثل أهم خصائص الشخصية الريادية فيما يلـــي:

قوة الإرادة لتحقيـــق ما يصبو اليـــه الفرد والتي يقصد بها الرغبـــة الجامحة في النجاح فـــي ظل هـــدف يعبر عن أحلام وليـــس أوهام .

المبادرة والسعي لاقتناص الفرص والاستفادة منها.

الاستعداد لتحمـــل المخاطـــر في أي عمل إذ لا توجد ضمانة تامة بـــأن العمل ناجح دومًاً .

القـــدرة علـــى التعلـــم مـــن التجربة ذلك أن التجربة تنضوي على الأخطاء في كثير من الأحيان، ولكن الشخصية الريادية يؤمن صاحبها بضـــرورة تكرار المحاولة والتعلم من التجربة.

الدافـــع الذاتـــي المســـتمر الذي يمثل مفتـــاح النجـــاح فـــي كل مناحي الحيـــاة.

الثقـــة بالنفـــس والتي تُعتبر أمرًاً لازمًاً لتحقيـــق النجـــاح في الحيـــاة فهي الأساس الدال على الشـــجاعة والحماس والقدرة علـــى القيادة.

التوجـــه الجـــاد نحـــو العمـــل فليس هنـــاك بديل عن العمـــل الجاد في الحيـــاة.

القـــدرة علـــى اتخـــاذ القـــرار فـــي الوقـــت المناســـب؛ فغياب القدرة علـــى اتخاذ القرار المناســـب فـــي الوقت المناســـب تهـــدر العديد من الفـــرص وتتسبب في تكبد الخســـائر.

مشكلة الدراسة

يُعد قطاع التعليم أحد قطاعات الخدمات الرئيسية التي تشكّل 5% من الناتج المحلّي الإجمالي في الأردن؛ لذا باشرت وزارة التربية والتعليم في عام 2003 بتنفيذ خطة تطوير تربوي شاملة من ضمن مشروع الإصلاح التربوي نحو الاقتصاد المعرفيوالذي كان من أحد مكوناته الرئيسة بناء مناهج دراسية وأدوات تقويم جديدة ذات نوعية عالية.

ولأن الثقافة الريادية من أهم العوامل التي تُحدد اتجاهات الطلبة نحو مبادرات الأعمال من خلال الدور الذي تلعبه في تهيئتهم للقيام بسلوكيات متنوعة مثل المخاطرة والاستقلالية والإنجاز كان لابد من التركيز على التعليم بإعتباره محورًاً أساسياً في تنمية الثقافة الريادية، إذ يمكن اسىتثمار التعليم في تنمية ريادة الأعمال في سن مبكرة، قد تصل إلى رياض الأطفال، ويمكن أن يمتد هذا الأمر ليصل إلى المراحل المتقدمة من التعليم العالي.

ومن هنا جاءت هذه الدراسة بهدف عرض التجارب الدولية لدعم التعليم التكنولوجي وريادة الأعمال ولبيان دور تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في تعزيز الريادة في التعليم من خلال الإجابة عن سؤالٍ رئيس كالآتي:

ما دور تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في تعزيز الريادة في التعليم؟

مصطلحات الدراسة

تكنولوجيا المعلومات والاتصالات: هي كافة الطرق والخطوات المتبعة عند الاتصال، ونشر المعلومات، باستخدام كافة الأجهزة الإلكترونية المعدة لذلك مثل الحاسوب ووسائل الاتصال المختلفة ضمن ثوابت وقوانين علمية وضعت لذلك.

الريادة في التعليم: مجموعة من أساليب التعليم النظامي الذي يقوم على إعلام وتدريب الطالب وأي فرد يرغب بالمشاركة في التنمية الإقتصادية والاجتماعية من خلال بناء مشاريع تهدف إلى تعزيز الوعي الريادي (منظمة العمل الدولية واليونسىىكو، 2010).

نتائج الدراسة ومناقشتها

حاولت الدراسة الإجابة عن الآتي:

ما دور تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في تعزيز الريادة في التعليم؟

للإجابة على هذا السؤال كان لابد من تحديد الآلية الأنجع التي يمكن من خلالها تجذير ثقافة الريادة عبر التعليم، إذ تُعد عملية تطوير سياسات التعليم والتشريعات الخاصة به واحدة من البدائل المتبعة في نشر الثقافة الريادية في المجتمع؛ وبالتالي لابد من انتهاج سياسات حديثة لتطويرالعملية التعليمية والعمل على تحقيق التوعية المجتمعية الخاصة بالقطاع الريادي التكنولوجي، وهو أمر يعتبر منسجماً مع التوجهات الحديثة التي تسعى دول العالم المتقدمة إلى تحقيقها عبر مؤسساتها التعليمية، من خلال تعزيز اتّخاذ تدابير وسياسات تراعي الحداثة والمواكبة التقنية، واستخدام أدوات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وتوظيفها في التعليم مما يترك أثرًاً على مخرجات العملية التعليمية وعلى القطاعات الاقتصادية في المستقبل. أضف إلى ذلك أهمية دعم متطلبات التعليم للريادة عن طريق الهياكل والممارسات والمقاربات الإدارية على المستويات المختلفة، بما في ذلك المستوى المركزي (مستوى الوزارة) ومستوى المناطق (المديريات التعليمية) والمستوى المدرسي (المؤسسة التعليمية) إذ يمكن للإدارة المدرسية بشكل خاص أن تلعب دورًاً مهمًّا في هذا المجال من خلال إيلاء الإهتمام المناسب بالمدارس كمؤسسات تعليمية لابد من تمكينها وحفزها لأخذ المبادرات وتحقيق الإبداعات التي تساعد على استيعاب التعليم للريادة في العملّية التعليمية التعلُّمية.

ومن الجدير بالذكر أن هذا البديل يتماشى مع سعي وزارة التربية والتعليم في دعم القطاع التكنولوجي، واستحداث أساليب جديدة، وتطوير المناهج، فهو بديل ذو مرونة وكفاءة وفاعلية عالية من ناحية التطبيق من حيث ربط التخصصات بسوق العمل الأمر الذي يساعد على فتح المجال أمام آلاف الخريجين للحصول على فرص العمل بالوظائف، أو التشغيل الذاتي بمشاريع خاصة.

ولتحقيق هذا الأمر لابد من إتخاذ مجموعة من الإجراءات أهمها الإهتمام بالتدريب المهني عالي المستوى للمتعلمين، والعمل على توعيتهم بأهمية الريادة واستخدام التكنولوجيا وأدواتها للمشاركة في سوق العمل بعيدًاً عن التخصصات المعتادة والمقبولة مجتمعيًاً، والتي سببت فائضًاً في أعداد الخريجين.

ومن هنا يمكن القول بأن هذا البديل يقوم على العديد من الأنشطة المتداخلة نذكر منها:

وضع سياسات واستراتيجيات وخطط عمل لتفعيل دمج التكنولوجيا الحديثة وتوظيفها في العملية التعليمية من خلال إعتماد التعليم المدمج في التعليم وذلك كخطوة ريادية لتطوير العملية التعليمية التعلُمية من خلال إرساء مفاهيم جديدة لتنمية القدرات وصنع المهارات المختلفة لدى الطلبة وخلق الفرص التعليمية المتنوعة لتشجيع المتعلمين على العمل التشاركي والتفاعل والإبداع والذي لن يتحقق إلا باستغلال الفرص التي تتيحها عملية استخدام أدوات تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات الحديثة.

تطوير المناهج التعليمية باستخدام الأدوات التكنولوجية والبرمجيات لرفع قدرة الأفراد على استخدام المستحدثات التكنولوجية والتي أضحت واحدة من أهم متطلبات العمل في سوق العمل في ظل المجتمع القائم على المعرفة.

إعداد المعلمين وتأهيلهم قبل وأثناء الخدمة؛ إذ أنه يمكن للمعلم أن يكون أكثر المصادر تأثيراً في ريادة التعليم عن طريق استخدام أساليب التدريس والتقويم المناسبة وتنمية الاتجاهات المختلفة لدى المتعلمين من خلال تطوير جميع المهارات التي تنمّي الإبداع والريادة عن طريق استخدام الأساليب التعليمية الملائمة والتي تتضمن :التعلّم الذاتي وحل المشكلة والتفكير الناقد والتقويم الذاتي واستخدام التقنيات الحديثة وغير ذلك من الأساليب المختلفة التي يمكن أن تحقق مستويات عليا من الأهداف التعليمية كالابداع والابتكار. وبالتالي يجب التركيز على الدور الفاعل للمعلمين في تحقيق الريادة وهو ما يلقي الضوء على أهمية إعداد المعلمين قبل الخدمة وفي أثناء الخدمة لضمان جودة الأداء للمدرسين وإثراء المقررات بالمحتوى الرقمي المتاح عبر النظم التعليمية الإلكترونية باختلاف أشكالها، فباستخدام تطبيقات الهواتف الذكية واللوحات الرقمية ومنظومات التعلم الإلكتروني ومنصاته يمكن تشجيع الطلبة في مختلف المستويات على الإقبال على التعلم من خلال البحث عن المعلومة والاتصال والتواصل مع أقرانهم وذوي الخبرة والاختصاص في المجالات المختلفة وهو أمر بحد ذاته ينعكس إيجاباً على العملية التعليمية ويخلق روح الريادة والمبادرة لدى الأفراد.

تطوير سياسات البحث العلمي والتجريب البرمجي من خلال مختبرات حاسوب متطورة تساهم في توفير تدريبات عملية متطورة، إضافةً إلى توفير بيئة بحثية مواكبة للتطور في هذا المجال.

العمل على تطوير البنية التحتية التي تتمثل في شبكات الاتصالات المتطورة والآمنة التي تقوم عليها الأنشطة الاقتصادية، كوسيلة لتحقيق توسيع مساهمة التكنولوجيا في مختلف القطاعات الخدمية والصناعية.

العمل على نشر الوعي لدى المجتمع والمقبلين على الدراسة الجامعية، بشكل خاص، بأهمية وجدوى دراسة تخصصات معلوماتية، وأهمية التدريب على استخدام الأدوات والمستحدثات التكنولوجية والأعمال الريادية وذلك لأهمية عوائدها الاقتصادية المجدية، وفرص العمل التي تخلقها.

تفعيل البرامج اللامنهجية في المدارس والتي تخضع الطلاب لتجارب مختلفة تزودهم بالعديد من المهارات مثل التفكير الخلاق والتحدي وروح المغامرة والمبادرة.

اعتماد العمل المجتمعي والتطوع والنشاطات اللامنهجية الهادفة ضمن معايير القبول في الجامعات وذلك اقتداءً بالمؤسسات التعليمية العالمية.

العمل على تطوير منهاج الزامي للتربية الوطنية والريادية لتعزيز الحس الوطني والروح الريادية بين الطلاب.

التوعية بأهمية ربط التخصصات بسوق العمل، الأمر الذي يوسّع فرص الشباب في الحصول على فرص العمل بشكل أوسع.

على الجامعات الاردنية وفي نطاق برامج التعليم الريادي على وجه الخصوص ان تبدأ بالانتقال التدريجي من كونها جامعات بحثية الى جامعات تطبيقية. فمن المهم ان تحتوي برامج التعليم الريادي في الجامعات وحتى في كافة المراحل على الجانب التطبيقي وان لا تقتصر على الجوانب النظرية.

احياء التواصل الاسري وتعزيز التفاعل في فضاء الاسرة وذلك لدوره في تنمية المهارات المختلفة لدى الابناء قد يكون من الامثلة على ذلك الوقت الاصيل الذي يقضيه الابناء مع الجد والجدة كافضل الامثلة على الممارسات التي تعزز القيم والمفاهيم الاصيلة.

الحرص على توفير التجربة والتطبيق في التعليم المدرسي والجامعي بمعنى ان تحتوي على الجانب الملموس والمحسوس في اصول التعلم والتفاعل مع السماح للجميع بالانخراط في الأنشطة التطبيقية بشكل متساوٍ بغض النظر عن الدين واللغة او اللون والجنس، لخلق تيار ايجابي وتاثير كبير في المجتمع)المبيضين، 2018).

تجارب الدول في دعم التعليم التكنولوجي وريادة الأعمال

لقد أثبتت تجارب العديد من الدول أن اهتمامها بالتكنولوجيا والمعلوماتية وما يرتبط بهما من عمليات ومجالات، ساهم، بشكل ملحوظ، في تحسن وضعها الاقتصادي، ورفع الناتج القومي، وساهم في تحسين شامل لجودة حياة مواطنيها، والتغلب على جزء كبير من مشاكلهم، من خلال تطوير نوعية التعليم، والخدمات الصحية، والقدرات التشغيلية، والرفاه إلخ. ومثال ذلك دول جنوب شرق آسيا، مثل اليابان وكوريا الجنوبية، وماليزيا وسنغافورة، فهي من التجارب الأكثر نجاحاً وإنجازاً في هذا المجال.

ووفقاً لإحصائيات البنك الدولي للعام (2016) تحتل الصين قائمة الدول المصدرة للتكنولوجيا المتقدمة، تليها ألمانيا، والولايات المتحدة الأميركية، وسنغافورة وكوريا الجنوبية، فيما جاء المغرب الأول عربياً في هذا المجال ،بينما نجد أن صادرات الأردن تقدر بنحو 84.9 مليون دولار، ولبنان 32,7 مليون دولار، أما سنغافورة، فتقدر بنحو 126 مليار دولار، في حين تبلغ قيمة صادرات الصين 496 مليار دولار. وتشمل صادرات التكنولوجيا المتقدمة المنتجات ذات الكفاءة العالية من حيث التطوير والبحوث، مثل مجال الفضاء، وأجهزة الحاسوب، والمنتجات الصيدلانية، والأدوات العلمية، والأجهزة الكهربائية (المصري وآخرون، 2018).

التجربة الأردنية في ريادة التعليم

لقد كان مثل هذا التوجّه والهدف مدعوماً من قبل وزارة التربية والتعليم الأردنية لسنوات كثيرة كأحد المكوّنات الرئيسة لجميع خطط التطوير التربوي، ومن المحاولات الجادة التي قامت بها وزارة التربية والتعليم في هذا المجال مشروع تجريبي أطلق عليه اسم تجربة المدارس الاستكشافيةالتي بوشر بتنفيذها كتجربة منذ سنوات وذلك على عينة مكوّنة من مئة مدرسة حكومية كمرحلة أولى بهدف دمج تقنيات المعلومات والاتصال في العملية التعليميّة التعلّمية عن طريق مزيج من التعلّم الالكتروني والتعلّم التقليدي (وجهاً لوجه) بدعم من بيئات مدرسية جديدة. وقد أصبح يطلق على هذا النوع من التعلّم التعلّم المدمج أو الممزوج، وذلك بهدف تطوير قدرات المتعلمين على التعلّم الذاتي بالإضافة إلى استخدام مصادر المعرفة المختلفة المتاحة عالمياً.

وقد باشرت وزارة التربية والتعليم في عام 2003 بتنفيذ خطة تطوير تربوي شاملة من ضمن خطة الإصلاح التربوي نحو الاقتصاد المعرفي إذ كان من أحد المكونات الرئيسة للمشروع وضع مناهج دراسية وأدوات تقويم جديدة ذات نوعية عالية بعد أن أقر مجلس التربية والتعليم المناهج الجديدة لجميع المباحث في التعليم الأساسي والتعليم الثانوي وذلك بعد إعتماد الإطار العام للمناهج وأدوات التقويم. هذا ويشكّل نظام الجوائز أحد الأدوات المعروفة لتحقيق الأهداف المحددة لها لتشجيع الريادة وخاصةً في الميدان التربوي ويتوافر في الأردن في حقل التعليم العديد من هذه الجوائز التي تساهم في دعم الريادة والابداع بأساليب ومقاربات مختلفة (الدجاني، 2017) وفيمل يلي شرح موجز لبعض هذه الجوائز ذات العلاقة المباشرة بذلك.

أولاً: جائزة الملكة رانيا العبدالله للمعلم المتميّز

أنشئت هذه الجائزة السنوية التي تديرها وتتولاها جمعية جائزة الملكة رانيا العبدالله للتميز التربوي بهدف تعزيز ثقافة التميّز والريادة عن طريق نشر الوعي بمفاهيم الأداء المتميّز، وتحفيز المعلمين المتميّزين، ويستند نموذج الجائزة على ركائز الشفافية والعدالة بالإضافة إلى استهداف الطلبة والعمليات والنتاجات، ويشكّل الابداع والريادة العناصر والمعايير البارزة للجائزة، بالإضافة إلى عناصر أخرى تشمل فاعلية التدريس، والتنمية الذاتية المستدامة، وٕادارة الموارد، ومشاركة أولياء الأمور والمجتمع، والأداء، وغير ذلك. ومن الواضح ان هذه الجائزة تدعم أهداف التعليم للريادة عن طريق تعزيز قدرات وتميّز المعلّم، ومن المتوقع ان تنعكس على أدائه وأساليب تدريسه. فقد كان حجم المشاركة في الجائزة عالياً ففي عام 2009 على سبيل المثال تنافس على الجائزة 1298 معلماً شكلّوا 5.2% من حجم الهيئات التدريسية.

ثانياً: جائزة الملكة رانيا العبدالله لمدير المدرسة المتميز

أنشئت هذه الجائزة والتى هي صورة طبق الاصل في اهدافها وركائزها ومعاييرها لجائزة المعلم المتميز في عام 2009 حيث تنافس على الجائزة حينها 269 مدير مدرسة يشكلون 10 % من الفئات المستهدفة.

وكما في حالة جائزة التميز للمعلم، فأن هذه الجائزة تدعم التعليم للريادة في النظام التعليمي عن طريق تعزيز قدرات مديري المدارس وتميزهم، مما يتوقع معه ان ينعكس ذلك على ادائهم الاداري الذي يصب في البيئة المدرسية بشكل عام.

ثالثاً: مبادرة مدرستي

تم اطلاق هذه المبادرة في عام 2006 من قبل الملكة رانيا العبدالله، وتديرها وتتولاها احدى مؤسسات المجتمع المدني وهي مؤسسة نهر الأردن، أمّا الهدف الرئيس من المبادرة فهو بناء قنوات وروابط قويّة بين المدرسة وبين أحد الشركاء إذ استهدفت المبادرة خمسمئة مدرسة من المدارس الأقل حظًاً مع العمل على إخضاع بعض أبعاد التعليم للريادة لعملية الاستقصاء والتقييم.

رابعاً: مشروع انجاز

تم اطلاق مشروع انجازوهو أحد مشاريع مؤسسات المجتمع المدني في الأردن في عام 1999 ، بهدف حفز الشباب الأردني وٕاعدادهم ليكونوا اعضاء منتجين في مجتمعهم وناجحين في اقتصاد عالمي ويعتمد انجاز إلى حد كبير على الخدمات التطوّعية وعلى ايجاد واستدامة الشراكة بين المانحين والقطاع الخاص والمؤسسات غير الربحيّة والمؤسسات التعليمية والوزارات وغير ذلك من الشركاء على المستوى الوطني والاقليمي والعالمي. و يستخدم إنجاز دورات مختلفة لتنمية القدرات والتي تُستمد من المجتمع إلى الغرف الصفية في انحاء مختلفة من البلاد إذ يتم توجيه هذه الدورات لأغراض تطوير المهارات القيادية والوظيفية والمالية والريادية لدى المتعلمين.

خامساً: جائزة الامير الحسن للشباب

أنشئت هذه الجائزة في الاردن في عام 1984 ، بهدف اتاحة الفرص للشباب الاردني من الفئات العمرية 14- 25 عاماً للمشاركة في برامج خارج المدرسة تتحدى قدراتهم التربوية وغير التربوية في مجال تقديم الخدمات، والمهارات والرحلات، والنشاطات الجسدية للمساهمة في التنمية المتوازنة لشخصياتهم.

ويتضمن نظام الجائزة القيم المتعلقة بالنمو الشخصي والاجتماعي، وتشمل اهدافها تشجيع قيم المشاركة وروح العمل الجماعي والمواطنة الفاعلة، والنشاطات الحياتية، وغير ذلك. ومن الواضح ان كثي ا رً من هذه الأهداف ذات علاقة وثيقة بالابداع(المصري وآخرون، 2010).

التوصيات والمقترحات

ختاماً نورد بعض التوصيات والمقترحات التي يمكن أن تسهم في دعم ريادة التعليم من خلال استثمار ما توفره أدوات التكنولوجيا من فرص تعليمية متنوعة تدعم هذا المجال وذلك من خلال:

اولا – أن تتولى وزارات التربية والتعليم والتعليم العالي والبحث العلمي والعمل؛ التعليم للريادة كمفهوم شامل ومتعدد الجوانب بحيث ينعكس على المدخلات والعمليات المختلفة للنظام التعليمي والتدريبي

ثانيا – وضع سياسات واستراتيجيات وخطط عمل لتفعيل دمج التكنولوجيا الحديثة وتوظيفها في العملية التعليمية.

 ثالثا – الإهتمام بتضمين الخطط الدراسية في المدارس والجامعات ببرامج التعليم الريادي ولكافة المراحل مع التركيزعلى الجانب التطبيقي وعدم الإقتصار على الجوانب النظرية.

رابعا – بناء القدرات للمعلمين وإعدادهم وتأهيلهم قبل وأثناء الخدمة في مجال استخدام التكنولوجيا في التعليم.

المراجع

الدجاني، وفاء فياض (2017). تقويم منهاج الكيمياء المُحوسب للمرحلة الثانوية في ضوء معايير الجودة العالمية وتطوير وحدة دراسية مُحوسبة وقياس أثرها في تنمية عمليات العلم لدى الطلبة. أطروحة دكتوراه غير منشورة، كلية الدراسات العليا، جامعة العلوم الإسلامية العالمية، عمان، الأردن.

الدجاني، وفاء فياض(2018). تطوير قائمة معايير لضمان جودة التعليم الإلكتروني في مؤسسات التعليم العالي في الأردن(دراسة نظرية). ورقة مقدمة في المؤتمر الذي نظمته جامعة الزرقاء بعنوان:” التعليم العالي في الوطن العربي في ضوء التحديات والتحولات العالميةوالذي عُقد في الفترة من 2-3 أيار 2018 في جامعة الزرقاءالزرقاء –الأردن.

مبيضين، ابراهيم (2018).البيئة الريادية في الأردن، كيف ننهض ونطوّر بيئة تنشئة الريادة للشباب الأردني؟. متوفر على الموقع الإلكتروني: https://www.hashtagarabi.com/18931

المصري، منذر والجمني، محمد والغساني، أحمد و بدوي، أبوبكر(2010). التعليم للريادة في الدول العربية. منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة.

المصري، روز وحميدات، شيرين والحروب، عبد الجبار وزماري، عبد الله (2018).التفكير الإستراتيجي وإعداد السياسات. مركز مسارات للدراسات الاستراتيجية.

منظمة العمل الدولية واليونسكو (2010) . نحو ثقافة للريادة في القرن الواحد والعشرين. بيروت: مكتب اليونسكو الإقليمي للتربية في الدول العربية.

 Morris, M., Noel, T .,& Schindehutte, M.(2001). Entrepreneurial and the need

for Management Control: Efficiency vs. Effectiveness, Second Annual

USASBE/SBIDA, Joint National Conference in Orlando, Florida, Feb: 7-

10:2001, p p 3- 4.

Quick MBA(2007). Entrepreneurship, Internet Center for Management & Business Administration, inc.

Sethi, J(2005 (.Entrepreneur & Entrepreneurship. p 5.

You May Also Like