بين التعلّم المدمج ومنهج المهارات الرقمية

بين التعلّم المدمج ومنهج المهارات الرقمية بقلم الدكتور محمود المسَّاد

بقلم الدكتور محمود المسَّاد

مدير المركز الوطني لتطوير المناهج

إن استشراف المستقبل وقراءاته فيما يتصل بالتعليم العام والعالي هو الجذع المشترك الذي يربط بين مفهومي التعلّم المدمج ومنهج المهارات الرقمية، حيث تتفق معظم الآراء والتوجّهات العالمية على أن التحوّل باتجاه التعليم القائم على المهارات والمفاهيم بدلًا من المعلومات، والتفكير بها واستنتاج الارتباطات بينها وتشكيل الرأي الخاص حولها ودعمه بحجج وشواهد بدلًا من تبني آراء الغير دون تمحيص وتقصي، يفرض على أنظمة التعليم قبول هذا التحول وفقًا لقيم جديدة وأدوار جديدة لجميع الأطراف المشاركة والمنفعلة بعمليات التعليم والتعلّم، إضافة إلى التحوّل نحو صياغة أشكال جديدة للهياكل ومؤسسة المدرسة.

مفهوم التعلم النشط

فالتعلّم المدمج هو الذي تظهر فيه الكثير من التطبيقات التكنولوجية الحديثة التي باتت تشكّل مضامين الذكاء الاصطناعي، سواء ظهرت في محتوى الكتب المدرسّية ومصادر التعلّم المختلفة، وفي محتوى البيداغوجيا والتكنيكات التي يعمل من خلالها المعلم على توصيل المعرفة الحديثة المشوّقة إلى المتعلم، ومن خلال ثراء بيئات التعلّم بما يتصل بالتجهيزات والأجهزة التكنولوجية التي يوظفّها كل من المعلم والمتعلم للتمكن من التعلّم، والتي عموماً تصلح لممارسة مهنة التعليم في الظروف الطبيعية وفي الظروف الاستثنائية.

أمّا منهج المهارات الرقمية فهو المنهج الذي من خلاله نخطط لتعليم المتعلم ما نريد سواء في داخل غرفة الفصل أو في مجال المدرسة أو خارجها، فالمنهج القائم على المهارات الرقميّة المتجددة عبر السنوات يسمح للمتعلم التمكّن من لغات البرمجة والتطبيقات وتوظيفها في تعلّمه لأي مادة دراسيّة وفي أي صف في التعليم العام والعالي على طريق بناء مهارات التعلم الذاتي المستمر لديه.

من هنا يتوجه التعليم العام والعالي إلى قراءة المستقبل وما يحتاجه المتعلم لنجاح حياته وتمكينه من المهارات المطلوبة لذلك، وما تفرزه الحياة من ابتكارات وتجديدات في التخصصات الدراسية وتسهيل الحياة ورفاه البشر. وفي هذا المجال لم يعد المتعلم مستهلك للمعرفة، بل مساهم بها ومنتج لها وموظف ومستخدم لها.

ونحن في المركز الوطني لتطوير المناهج بصدد تطوير منهج مبحث الحاسوب ليواكب التجديدات في مجال الذكاء الاصطناعي من جهة، ويرتقي باكتساب المتعلمين لمهارات هذا المجال الواسع ومفاهيمه ولغاته المتعددة في البرمجة والتصميم وأمن المعلومات والتطبيقات المتعددة التي يستطيع المتعلمين تطبيقها في تعلّمهم ونشر معرفتهم وتطورها بين الحين والآخر من صف (7-12). وسيأخذ هذا المنهج بأكثر من مكون منها: ما يغطي تعلّم الطلبة لحصص الحاسوب المقررة أو التي يمكن إضافتها من صف (1-6)، كما يمكن أن يكون هناك مكون لإدماج المعرفة الحاسوبية وتوظيف تطبيقات الذكاء الاصطناعي في جميع المباحث وجميع الصفوف، فضلًا عن استحداث تخصصات تتصل بمجال الذكاء الاصطناعي في التعليم العالي. علمًا أن الأهم في الموضوع هو ترجمة هذا المنهج في محتوى الكتب المدرسية والأدلة الضامنة لوصول هذه الغايات وتحقيق النتاجات بطرائق فاعلة.

وزارة التربية والتعليم (moe.gov.jo)

Loading...
Play ButtonPlay Button

You May Also Like