بندولات الحياة، وموقفك منها
بقلم الدكتور محمود المساد
البندول أو البندولات الطاقية نظرية للمفكر الروسي ” فاديم زيلاند” وهي عبارة عن طاقة بدأت مع اطلاق فكرة معينة ، ثم تستمر مع استمرار اهتمام الناس بها ، حيث ينشأ مع هذه الفكرة وتجاذب الناس لها تيار طاقي .(بعدها لا يحتاج الناس إلى من أنشأها فتبقى موجودة نتيجة اهتمام الناس بها أو معارضتهم لها). وبتعريف زيلاند فالبندول طاقة بدأت ثم خرجت خارج السيطرة والتحكم ، وأن البندول يبقى ويتغذى عن طريق اهتمام الناس به . لذلك فكل العالم بندولات ، باعتبار أن أي فكرة نطلقها تصنع لها ترددات تنطلق بالبداية ما بين من يطلق هذه الفكرة ومن يسمعها فيؤيدها أو يعارضها ، وتستمر خارج حدود سيطرة من أطلقها في البداية مثل أية إشاعة أو فكرة تكبر بعدد من يؤيدها ( أتباع) أو من يعارضها ، فضلاً عمن يتجنبها أو يحاول التحرر من الدخول في أتونها.
وتنجرف الناس في البندولات دون أن تدري ، فالشخص الذي ذهب لحضور مباراة كرة قدم لم يكن يخطط لدخوله في بندول التشجيع لأحد الفرق وإحداث الصخب والتلفظ بألفاظ خارجة عن السيطرة . لهذا يكبر البندول بازدياد عدد الناس معه أو ضده . حاول دائماً أن يكون لك موقفك الخاص وأن تخرج نفسك أو تحررها من الانجراف مع أو ضد هذه البندولات التي تبث الغضب أو الكراهية أو الانتقام وذلك بتغيير السيناريو إلى احتمالات أخرى هادئة وخيرة ومحبة ( موجة) تريح بها نفسك ونفوس الآخرين . من هنا نطلب من التربوي والداعم لذاته وذوات الآخرين أن يعود أو يُعيد لنفسه ونفوس الآخرين فطرة الخير والمحبة والسلام فيكون محترماً باعتبار التربوي هو بالأصل المحترم .
وفي الحقيقة نعم أنت جزء من هذا الواقع الجمعي ، لكنك أيضاً مستقل قادر على اختيار احتمالاتك ، كما أنت قادر على تحمل تبعات قرارك . لا تكن كمن يضع راسه بين الرؤوس ويقول … هكذا نكون وهذا ما أراده الناس معاً ، بنفس الوقت الذي من الممكن أن تغير به من هذا الواقع وتؤثر فيه إيجابياً ، بل وربما تصنع واقعاً جديداً لك ولغيرك من المقربين قد يمتد ليكون واقعاً جديداً للمجموعة
حاول دائما البحث عن نقطة الاتزان والمكان والحالة التي تكون بها منجزا وقادرا على الإنجاز المتميز. ومن الشكل أدناه تستطيع ان ترى الشروط الواجب توافرها والحالة من مستوى الدافعية المصاحبة للقلق المعقول الذي يوفر أفضل شروط النجاح .
إن كل الاحتمالات واردة ، بمعنى أنك تحصد وترى ما تزرع . تخيل نفسك تقف أمام المرآة أو المرايا، ، كيف ترغب بأن ترى نفسك ….. في أي وضع وعلى أي نحو . كيف لنا أن نتصرف أمام الأحداث التي ترسلها لنا مرايا الكون التي تحيط بنا ونتفاعل معها تأثراً وتأثيراً بالضرورة ، فبها الحزن والألم و بها الفرح والبهجة ، بها الخوف والقلق و الحب والإعجاب . كيف نتكيف معها من داخلنا ، ما القرارات التي تصدر عنا ، بمعنى ما الاحتمالات التي نختارها إزاء هذه الأحداث . هل نُعدّل بها أم نقبلها أم نغيرها ، ماذا يصدر عنا من طاقة إيجابية أو سلبية كردة فعل لهذه الأحداث .
إن إدارة الذات تركز ابتداءّ على معرفة الذات ، ماذا لديها ، وماذا ينقصها ، ما الذي تحتاجه من مهارات ليوظفها في أداءه لمهامه ويتجاوز بها أية صعوبات تعترضه ، وكيف يحصل على هذه الخبرات ، وأين يجدها . هذه التساؤلات وغيرها يثيرها مع نفسه ، حيث تُشكّل لديه فضولاً ودافعية ، كما يستفيد من هذا الاهتمام مزيداً من التركيز على تشخيص الذات فتظهر له واضحة مضخمّة استناداً لمرجعيات متقدمة يقيس عليها ما لديه من معارف ومهارات واتجاهات . إن هذه اللوحة للذات بما لها وما عليها هي البداية الصحيحة التي لا بد منها للدخول في المرحلة الأهم وهي القناعة والإيمان . إن العالم الذي يتفاعل معه، يتأثر به ويؤثر به ، لا يتغير إلا إذا تغير هو من الداخل ، ( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفس. الرعد 11) . عليه أن يتأكد من أن المعرفة التي تنقصه والمهارات التي يحتاج إليها من السهل الحصول عليها والتمكّن منها إذا كان إيجابياً ويرغب بذلك حقاً ، ويقتنع أن لديه قوة خفية في عقله الباطن ستستجيب لرغباته وتحققها إن تأكدت أنه يريد ذلك فعلاً . وهذا ما توضحه الآية الكريمة من أن الله يُنعم على الناس بالفرح والخير والتوبة والبركات إن هُم غيروا وتابوا وعادوا إلى الله .
أما المرحلة التطبيقية فهي التي تبدأ بعد مراحل التشخيص والفضول والقناعة والتركيز .
نعم ونعم تبدأ مرحلة توجيه الواقع عملياً . حيث ولتحقيق النجاح لا بد من الوصول إلى نقطة الاتزان بحسب الموقف وما تمليه الظروف والمتغيرات ، أي التأرجح الممزوج بالثقة والسيطرة بين الفرح والحزن ، بين الإقدام والحذر ، وبين الحب والكره … لتقف على النقطة الأنسب كنقطة اتزان مع القناعة بأن ما يصدر عنك ينتقل سريعاً كالفيروس للآخرين . فعندما تبتسم في وجه الآخر أو الآخرين تذيب جبالاً من الجليد بينك وبينهم ، وتُشعر نفسك وأنفسهم بالراحة والاطمئنان ، وعكس ذلك عندما تُعبّر بوجهك عن غضب وازدراء أو تتلفظ بكلمات تفيد التهكم والشتم والنظرة الدونية ، إلا أن هذه المرحلة تحتاج إلى مهارات عالية في الاستشراف وقراءة الموقف بسرعة واختيار السيناريو الانسب والمرور الآمن وصولاً إلى السلام ونقطة الاتزان وحصد النتائج الإيجابية المتوقعة .
إقرأ المزيد لمقالات التربويون العرب