اليوم الأول في المدرسة: كيف غيّر كوفيد-19 مدارسنا وكيف يمكننا أن نكون من الداعمين للتعليم العام
بقلم
الدكتورة وفاء فياض الدجاني
دكتوراه مناهج وتدريس
مقدمة
في غضون الأيام القليلة القادمة ستبدأ المدارس في الأردن فتح أبوابها لطلابها ولكافة المراحل، وهو أمر بالتأكيد سيترافق مع الشعور ببعض القلق من قبل المعلمين وأولياء الأمور والطلبة خاصةً في اليوم الأول من المدرسة، فهناك التحديات التي سيواجهونها وهناك سعيهم لتحقيق النجاح على مدار العام الدراسي الجديد
ومن المعلوم لدى الجميع أن العودة إلى الوضع الطبيعي قبل جائحة كوفيد-19 وانتشار فيروس كورونا بات مستحيلاً؛ فالحقيقة التي يجب علينا تقبُلها هي أن الأوضاع لن تعود لما كانت عليه قبل الجائحة، وبالرغم من ذلك فإن هناك ضغوطاً قويةً من أجل العودة الكاملة إلى الوضع الطبيعي الذي كانت عليه المدارس قبل الجائحة؛ فبعد الشهور الطويلة من التعلُم عن بُعد، والتي مثلت تحديًا للطلبة والآباء والمعلمين على حدٍ سواء، من الطبيعي أن تثير العودة إلى المدرسة خلال جائحة كوفيد-19 مزيجًا من المشاعر لدى المعلمين وأولياء الأمور الذين أرادوا رؤية الطلبة مرة أخرى في المباني المدرسية مع خشيتهم في نفس الوقت من خطر الإصابة بفيروس كورونا؛ فمنذ مارس 2020م كافح العالم للتكيف والتعامل مع جائحة كوفيد- 19 التي لا نزال نعاني منها ومن آثارها العديدة على كافة الأصعدة
ومع تزايد الرغبة في العودة إلى عمليات التعلُم العادية بشكل واضح؛ أظهر الجميع استعدادًا للإمتثال لقواعد السلامة الجديدة التي وضعتها الحكومة من أجل تحقيق عودة آمنة للعملية التعليمية؛ فالعام الدراسي الجديد سيحمل معه بالتأكيد مجموعة جديدة من التحديات تستوجب مواجهتها خاصةً مع أولى أيامه في خريف 2021
تحديات تستوجب مواجهتها عند بدء العام الدراسي الجديد
من التحديات العديدة التي تستوجب مواجهتها بشجاعة كبيرة من قبل المدارس والمعلمين وأولياء أمور، الفاقد التعليمي، والذي لابد من العمل على تقديره وقياس حجمه بدقة عند بدء العام الدراسي الجديد، ذلك أنه من المتوقع في ضوء الظروف الراهنة ملاحظة المزيد من التأخر لدى الطلبة خاصةً الطلبة من الفئات الأقل حظًا، كما أن الآثار النفسية عليهم والناتجة عن شعورهم بالقلق والتوتر على اختلاف درجاته وأعراضه تُعتبر أحد التحديات الصعبة التي تستوجب التوقف عندها والعمل على معالجتها لنُمكنهم من التعبير عن أي قلق أو مخاوف لديهم وبالتالي يتمكن أولياء الأمور من ملاحظة أي صعوبات أو مشاكل تستوجب تدخلهم والقيام بالتصرف على أساسها. فمثلاً عند ملاحظة الأهل إصابة أطفالهم بنوبات بكاء حاد أو الشعور بالمرض في أيام الدراسة بالتحديد وبشكل ملحوظ وظهور أعراض خوف أو انزعاج من الذهاب للمدرسة بشكل عام لابد أن يدركوا بأن أحد أهم أسبابها المعاناة السابقة من أعراض القلق الحادة والتي كان سببها ظروف الجائحة على مدار العام الماضي، وهو أمر لابد من أخذه بعين الاعتبار والعمل على معالجته بالتعاون مع المدرسة.وهنا فإن السؤال الذي يطرح نفسه في هذا المقام،كيف غيّر كوفيد-19 مدارسنا وكيف يمكننا أن نكون من الداعمين للتعليم العام؟
التغيير الأول هو الأهم: يجب علينا جميعًا أن ندرك أن العودة إلى المدرسة في خريف 2021 لن تكون “عملًا كالمعتاد”، فيجب أن نتحلى جميعًا بالمرونة، فمن المحتمل جدًا أن تفتح بعض المدارس وتغلق، وربما أكثر من مرة، كما أنه من المحتمل جدًا حدوث أخطاء، ومن الممكن أن يتم تعديل وتغيير بروتوكولات السلامة العامة في ضوء تطورات الحالة الوبائية في البلاد، لذا لابد من الاستعداد للتعامل مع كافة الظروف وبمرونة عالية
أما التغيير الثاني والذي لايقل أهمية عن السابق فهو تحقيق عودة آمنة للطلاب والمعلمين: فيجب أن تكون المدارس آمنة ماديًا لعودة الطلاب والمعلمين وتشتمل على جميع مستلزمات تحقيق السلامة العامة في عصر كوفيد-19. وتُعتبر عملية مراقبة النسبة المئوية لاختبارات كوفيد-19 الإيجابية داخل المدينة الواحدة من أهمها. وهنا يمكن الإفادة من تجارب دول العالم في هذا المجال، فمثلاً ينص الاتحاد الأمريكي للمعلمين على أن المدرسة تكون آمنة فقط عندما تكون نسبة اختبارات فيروس كورونا الإيجابية أقل من 5٪ في المنطقة الواحدة
أما التغيير الثالث فيتعلق في آلية الحفاظ على سلامة الطلبة داخل الغرفة الصفية، وهنا لابد من الإشارة إلى أهمية توعية الطلبة بضرورة التباعد والحفاظ على الإبقاء على المسافات الآمنة فيما بينهم، فعلى سبيل المثال، أوصت المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها بالفصل بين الأطفال في المدرسة بمسافة ستة أقدام على الأقل كإجراء احترازي، مع المحافظة قدر الإمكان على إرتداء الأقنعة لتحقيق الأمن في حالة عدم التباعد، ذلك أن العديد من الدراسات مثل دراسة جون بيلي، الخبير في السياسة المحلية في معهد أمريكان إنتربرايز، أظهرت أن التباعد لمسافة ثلاثة أقدام تكون وقائية تمامًا مثل مسافة ستة أقدام من التباعد عندما تكون هناك أقنعة
وإلى جانب التقنيع، ماذا يمكن للمدارس أن تفعل؟
أما التغييرالرابع الذي لابد أن يستعد له المعلمون والمعلمات هو مواجهة التغيير التربوي الهائل الذي يلبي احتياجات الطلبة في التدريس الوجاهي والطلبة الذين يدرسون عن بُعد (عبر الإنترنت) في وقت واحد
هذه المهمة الكبيرة التي تنتظر معلمينا والموظفين العاملين في الميدان، فبالنسبة للمعلمين والمعلمات هناك خطوات مختلفة يجب اتخاذها للمساعدة في الانتقال السلس إلى تنسيقات التدريس المختلط الجديد فاستخدام مواد المناهج الدراسية المتشابهة أو نفسها والتسلسل في التدريس الوجاهي مع القيام بتدريس الطلبة عن بُعد (عبر الإنترنت)، وذلك حسبما يفرضه الوضع الصحي لهم، بما يسهل مشاركة الطلبة مع بعضهم البعض ويُيسر التواصل الإجتماعي الآمن؛ يشكل أحد التحديات والتغيرات التي ينبغي أن نضعها في الحسبان ونتعامل معها بطريقة مرنة، فالتعاون بين مؤسسات المجتمع المدني وأولياء الأمور والمدرسة مهم جداً لتحقيق أعلى مستوى من التكيف، فمن المهم أن يتحلى الآباء وأفراد المجتمع بالمرونة وأن يتفهموا هذا التحول، ذلك أن المعلمون والمعلمات سيبدؤون التدريس في خضم أوضاع مجهولة حاليًا
إن العودة إلى التدريس الوجاهي داخل الغرفة الصفية يمثل عملاً رئيسياً في الخطوط الأمامية يستحق كل الدعم من أولياء الأمور والمجتمع ككل. لذا يجب أن نستمع إلى المعلمين وما يخبروننا به حول ما يمكن تنفيذه في الميدان وما يصعُب تنفيذه عند إعادة فتح المدارس ليتم التعديل وفقًا لذلك، فمفتاح نجاح مدارسنا يتمثل في تحقيق الدعم العام وعلى كافة الأصعدة