التّعليم المتمايز بقلم الدكتور يحيى القبالي

التّعليم المتمايز بقلم الدكتور يحيى القبالي

التّعليم المتمايز

يمكننا أن نعرّف التّعليم المتمايز من خلال هدفه العريض : ( اكتشاف قدرات الطّلبة وتلبية احتياجاتهم). ولقد تعددت المفاهيم التربوية في الآونة الأخيرة وإن دل ذلك فإنما يدل على حيوية ودينامية العملية التربوية ومدى الاهتمام بها، ، فظهرت لدينا عدة مفاهيم تختلف في مسمياتها وتتفق في جوهرها مثل: المدرسة الشاملة، المدرسة الدامجة، مدرسة الجميع، وإذا ما تتبعنا الهدف العام من ظهور هذه المفاهيم نجد أنها انبثقت في المقام الأول من مفهوم الفروق الفرديّة لدى الطّلبة وتسعى جاهدةً لتوفير البيئة المناسبة لكل حالة، أي توفير العدالة بينهم ولا ضير من تكرار عبارة: إنّ العدل في التربية هو إعطاء كل طفل ما يحتاجه لا معاملة الجميع المعاملة نفسها، فالمساواة لا تعني العدل؛ لأن العدل يعني تكافؤ الفرص، وفتح المجال للمنافسة الشريفة، وتلخص لنا الصورة أدناه ما نقصده تماماً

بقلم الدكتور يحيى القبالي

من هنا ظهرت فكرة تطبيق التّعليم المتمايز، ولا نعني هنا بالتأكيد الجانب الأكاديمي فقط بل الاهتمام بكامل شخصية الطالب من الناحية : الجسمية والنفسية والاجتماعية، وتوفير بيئة حاضنة له يشعر فيها بإنسانيته وتفرده 

وقد كان لتعريف Carol Ann Tomlinson ” للتعليم المتمايز: ضرورة مراعاة الطبيعة الخاصة لكل طالب على حدة مع مراعاة عناصر القوة التي يمتلكها والتي يمكن البناء عليها وكذلك احتياجاته التعليمية التي يمكن تلبيتها، وذلك بهدف تحقيق الحد الأقصى من النجاح في إنجاز عملية التّعلم “صداه بعد أن كانت قد عرّفته سابقا بتعريف مقتضب : “استجابة المعلّم لاحتياجات التّعلم المتنوّعة للطّلاب داخل الصف ”.

خطوات تطبيق التعليم المتمايز:

لا بد قبل تطبيق أيّة استراتيجية تعليمية جديدة من تهيئة الظروف لهذا التطبيق، ولكن الحديث خارج الغرفة الصفية يختلف عن داخلها ، فعملية ضبط الطلبة من قبل المعلم تحتاج إلى خبرة عميقة في الإدارة الصفيّة وقد يحتاج المعلّم لبعض الوقت لدراسة نفسيّة طلبته وكيفيّة التعامل معهم زمرًا وأفرادًا، فالتغيّر هو الشيء الوحيد الثابت في هذا الكون فلن تتساوى أيام المعلم داخل الغرفة الصفيّة مهما حرص على ذلك، وعلى ما تقدم يجب أن يترك المعلّم هامشّا مرنًّا للتعامل مع طلبته ولا يتوقع منهم الاستجابة نفسها في كلّ مرة.

*إذا لا بد من تهيئة المعلم.

تتفاوت مستويات الطلبة أكاديميًا وكذلك اجتماعيًا واقتصاديًا وكلّ ذلك يلقي بظلاله على سلوكهم داخل الغرفة الصفيّة، فكلّ طفل عالم بحد ذاته له فرديّته وبصمته التي لا تشبه الآخرين وعلى المعلّم الإحاطة – قدر المستطاع .

*إذا يجب معرفة قدرات الطلبة الأكاديميّة وأحوالهم النفسيّة والاجتماعيّة وحاجاتهم الجسميّة.

لا تستقيم العمليّة التعليميّة/ التعلميّة دون توفر بيئة تربويّة تتوفر فيها الشروط اللازمة للتّعلم، فعدد الطلبة ومساحة الغرفة الصفيّة وتوفر الكادر التعليمي والإداري، والكتب المدرسيّة والساحات المناسبة الخ كل ذلك يعتبر أساسًا في تحقيق أهداف العملية التربويّة.

*إذا يجب تهيئة الجو والبيئة التعليمية/ التعلميّة الصحيّة.

لا يخفى على أحد ولا يختلف اثنان على دور الأسرة في العملية التعليميّة، فهي المكمّلة لدور المدرسة وعليها تقع مسؤولية الرعاية الاجتماعيّة خارج المدرسة، وجزء من العبء الأكاديمي، والتنسيق الدائم مع المدرسة حتى يحصل الطّفل على كامل حقوقه ، فالأسرة تمثل الحقل الذي نبتت فيه البذرة وتهيأت لها الظروف لتنمو وتكتمل مسيرتها في بستان التّعليم .

*إذًا يجب ألا نهمل دور الأسرة في تطبيق استراتيجيّة التّعليم المتمايز.

تلعب الاستراتيجيات التعليميّة دورًا هامًا في نجاح عملية التّعليم المتمايز، فعلى المعلًم ألا يألو جهدًا في تجريب كلّ ما يتوفر لديه وما تسمح له الظّروف من استراتيجيات لتحقيق أهداف درسه ، واستخدام كافة الوسائل التعليميّة فالوسيلة التعليميّة النّاجحة تعدل ثلثي التّعليم، وهي الجناح الذي يحلّق فيه المعلّم لتحقيق أهداف درسه بمتعة وفائدة، مع الأخذ بالاعتبار عدم ترك المعلّم بمفرده في هذا البحر المتلاطم الأمواج المليء بالمتناقضات ، فإذا أردت أن تطاع فاطلب المستطاع، وحتى نكون منصفين فإنّ استراتيجية التّعليم المتمايز يمكن أن تكون من أنجح الاستراتيجيات في الصّفوف الثّلاثة الأولى حيث يمكن للمعلم/ معلمة (معلم الصّف) الاحاطة بكل احتياجات الطلبة كونه قريب منهم ويقضي معهم أطول وقت في الغرفة الصفيّة حيث يقوم بتدريسهم مواد اللغة العربيّة والرياضيات والعلوم والمواد الدينيّة والاجتماعيّة والتربية الرياضيّة، والتربية الفنيّة ، ودائم الملاحظة لسلوكياتهم، وكلما ارتقينا بالمراحل التعليميّة ازدادت متطلبات المراحل العمريّة للطلبة، ووجب التّنوع والتعدد بالاستراتيجيات المستخدمة حتى تتواءم واحتياجات كل مرحلة.

مهما اختلفت المفاهيم وتنوعت الاستراتيجيات يبقى المعلّم هو مالك مفتاح عقول طلبته والأقدر على اختيار ما يناسب كل منهم وما يوافق تمايزهم.

انضم إلينا على صفحة فيسبوك

You May Also Like