حاضنات التفوّق الأكاديمي

أثر الأمن الوظيفي على العملية التعليمية

حاضنات التفوّق الأكاديمي

Academic acceleration

بقلم: د. يحيى أحمد القبالي

يُعدّ برنامج التّسريع الأكاديمي أحد الخيارات التربويّة المقدّمة للطلبة المتفوّقين أكاديميًا تحديدًا، ويعمل على تكافؤ الفرص في البيئة المدرسيّة، ولأن البيئة المدرسيّة هي أساس هذا التفوّق فإنّها تُعدّ الحاضنة الرئيسيّة للتفوّق الأكاديمي.

تعريف التفوّق الأكاديمي: استعداد أكاديمي خاص مُكتسب، يُحقق الطّالب من خلاله مستوى مرتفع من الانجاز، يحتّل به مراكز متقدّمة تصل إلى( 5% -2%) من مجموع تحصيل مجتمعه الدّراسي( الطلبة الذين هم في مثل صفّه) أو النسبة التي تُحدّدها وزارة التربية والتعليم في البلد الذي يعيش فيه الطالب، ويُطلق عليها ( درجة القطع) واعتماد التحصيل الدّراسي كمحك أساسي لهذا التصنيف، وقد يكون في بعض الحالات غير دائم وغير حقيقي، ويجب أن يخضع الطلبة الذين تمّ ترشيحهم لمرحلة الغربلة، وهي عبارة عن اختبارات وزاريّة تحصيلية مقنّنة تكون من المناهج الدراسيّة للطلبة الذين تم ترشيحهم لبرنامج التسريع من مدارسهم.

ومن الناحية التطبيقيّة: فانّ التّسريع الأكاديمي يعني: إعطاء فرصة للطالب القادر على إتمام المناهج المدرسيّة المقرّرة في مدة أقصر أو عمر أصغر من المعتاد، بفارق سنة أو سنتين كحد أقصى خلال السلّم التعليمي، وقد تكون المبادرة في طلب التسريع من قبل الطالب نفسه أو ولي أمره أو المعلّم، وذلك عندما يكون الطالب مُتقدمًا على أقرانه في الصّف في حدود سنة دراسيّة أو أكثر.

تعريف المفردات التي وردت بالتعريف:

1-الاستعداد الأكاديمي الخاص: مجموعة من الخصائص يتمتّع بها المتفوّق أكاديميًا تشمل: دافعية الإنجاز، المثابرة، الصبر على انجاز المهمّة، هدف يسعى إلى تحقيقه، ومنافسة شريفة.

2-مرحلة الغربلة: اختبارات تحصيليّة وزاريّة مقننّة، تشمل المناهج المدرسية لكلّ مُرشح، يتمّ من خلالها التأكّد من أنّ هذا التفوّق حقيقي وغير مُقنّع.

1-مستوى مرتفع من الانجاز:الحصول على درجات مرتفعة بنتائج الاختبارات التحصيليّة النهائيّة، يصل من خلالها إلى نقطة القطع المحددّة مسبقًا من قبل وزارة التربيّة والتعليم التي يتبع لها الطالب.

2-غير دائم: بما أنّ التفوق الأكاديمي مُكتسب، فقد تتدخّل عدة عوامل في استمراريته مثل🙁 التنافس غير الشريف، الظروف الاجتماعية، الأوضاع الأسريّة، الوضع النفسي للطالب، الغياب المتكرر، تأهيل المعلمينالخ)

3-غير حقيقي: قد تتدخّل عوامل تجعل من الطالب العادي متفوقًا أكاديميًا ، بعيدة عن الموضوعية، 🙁 كالغش، التصحيح الخاطئ للاختبار، الحظكما في الأسئلة اختيار من متعدد، تعاون غير مشروع من المعلمين المراقبين في جلسة الاختبار….. الخ

نبذة تاريخية لنظام برنامج التسريع الأكاديمي

يُعدّ نظام التسريع الأكاديمي من أقدم الممارسات التربويّة المحدّدة التي ارتبطت بالطفل المتفوّق أكاديميًا، وقد احتل مركزًا متقدمًا قبل ظهور المقاييس العقلية وبرامج احتياجات الطلبة الموهوبين والمتفوقين أيضًا، وقد كان يتم تجميع الطلبة حسب القدرات الأكاديميّة، وذلك منذ عام (1891م) حيث ذُكر أنّ التسريع الأكاديمي في الصّفوف الخاصّة بالطلبة المتفوّقين أكاديميًا كان مُطبقًا في بعض مناطق الولايات المتحدة المريكيّة منذ ذلك الحين، وأنّه كان يُسمح للطلبة المتفّوقين أكاديميًا بإكمال المناهج المقرّرة لست سنوات بالنسبة للطالب العادي، وفي أربع سنوات فقط، أو بإكمال مناهج ثلاث سنوات في سنتين.

تعريف التسريع الأكاديمي إجرائيًا: برنامج يتمّ من خلاله السّماح للطالب المتفوق أكاديميًا، بالتقدّم عبر درجات السّلم التعليمي إذا تجاوز الطالب درجة القطع المحددّة من قبل وزارة التربيّة والتعليم ، بسرعة تتناسب مع قدراته، ودون اعتبار للمحدّدات العمريّة أو الزمنيّة.

درجة القطع: هي الدّرجة التي تحددّها وزارة التربية والتعليم والتي تفصل مابين المتفوّق أكاديميًا وغير المتفوّق أكاديميًا، وتمثّل نسبة مئويّة من التحصيل العام للطلبة.

وكما هو معلوم بأنّ أعلى تحصيل يمكن أن يحصل عليه الطلبة هو (100% )، ودرجة القطع لا يتمّ اعتمادها اعتباطًا بل عن دراسات لاعتبارات تربويّة، بحيث تعمل على توازن في أعداد الطلبة الملتحقين بالتّعليم، فكما أنّ هناك نسبة محددّة لرسوب الطلبة في المجتمع المدرسي، يجب أن تقابلها نسبة مُحددّة للتسريع الأكاديمي وبهذا يضمن الميزان التربوي ديمومته.

مثال: إذا كانت درجة القطع قد تمّ تحديدها ب( 2%) من مجموع تحصيل الطلبة، فهذا يعني أنّ كلّ طالب حصل على( 99% و 100%) يتمّ ترشيحه لهذا البرنامج.

وكمثال عملي : فإنّ الولايات المتحدة الأمريكّية تتفاوت فيما بينها في تحديد درجة القطع، فمنها من يعتمد( 2%، 3%، 4%، 5%).

الهدف العام من برنامج التسريع

إتمام الطلبة المتفوقين أكاديميًا المراحل التعليميّة العامّة بأقل من المدة المعتادة، ويصل الطالب إلى الجامعة في عمر أقل من أقرانه، بحيث يستفيد المجتمع من قدرات الطّلبة المسرّعين لأقصى حدّ ممكن، وفي الوقت نفسه يُعدّ هذا البرنامج مكافأة للطالب لاجتهادة ومثابرته، ومن ناحية أخرى يُعدّ تطبيقًا عمليًا لمبدأ تكافؤ الفرص في المجتمع الدراسي

محكّات التّسريع الأكاديمي( الأردن)

المجال الأكاديمي، ويشترط أن يكون تفوّقًا أكاديميًا حقيقيًا

الحصول على مُعدل عام(98%) بمواد المنهاج كآفة، و(97%) كحد أدنى في مواد ( العلوم،الرياضيات، اللغة عربيّة) كحد أدنى

 موافقة ولي الأمر

*لا يجوز تصنيف الطالب بأنّه متفوقًا أكاديميًا إلّا في حال تجاوزه لتلك المحكّات

مصوغات التسريع الأكاديمي

قد أورد بعض الباحثين والمختصين عدداً من الفوائد والمزايا التي تتحققّ من برامج التسريع الأكاديمي للطلبة المتفوقين أكاديميًا أنفسهم، وتنعكس آثارها على المجتمع بكامله، ومنها:

 1-تحسين مستوى الدّافعية والثقة بالنفس لدى الطلبة المتفوقين أكاديميًا والشعور بالإنجاز وتحسين الاتجاهات نحو التعليم

2-التقليل من فرص الملل في المدرسة ، ومنع الخمول العقلي جرّاء التّعلم القائم على التكرار، عن طريق تقديم مستوى مناسب من المحتوى الذي يتحدّى قدرات الطلبة المتفوقين أكاديميًا، ويكسبُهم بالإضافة لذلك عادات دراسيّة جيدة تجنبهم تدني التّحصيل.

3-اختصار الفترة الزمنية اللازمة كي يُكمل الطلبة المتفوقون أكاديميًا السّلّم التعليمي، وإعدادهم للبدء في الإسهام المهني والإنتاجية المبكّرة مما يؤدي إلى زيادة الدخل القومي.

4-تكييّف سرعة التّعليم وفق قدرة الطالب المتفوق أكاديميًا.

5-تسهيل عملية التّعليم وإغناؤها بتقليل مدى الفروق الفرديّة بين الطّلبة.

6-إعطاء فُرص أكبر للتأثير المتبادل بين عُقول متقاربة المستوى من حيث القدرة أو الاستعداد الأكاديمي.

7-القضاء على المنافسة غير المتكافئة بين الطّلبة سريعي التّعلّم وبطيئي التعلّم في نفس الفصل، وما ينجم عنها من اتجاهات سلبية.

 8فتح آفاق جديدة للتنميّة القياديّة لدى الطلبة العاديين بعد خلاصهم من تسلّط الطلبة المتفوقين أكاديميًا من وجهة نظرهم

9-توفير فرص أكبر للبحث الأكاديمي.

10-لا يتطلب التسريع الأكاديميلا سيما القبول المبكّر في المدرسة الأساسيّة أو الجامعة أو الترفيع الاستثنائي – ترتيبات إداريةّ أو فنيّة تُؤثر على البرنامج المدرسي، كما أنّه لا يتطلب خبرات خاصّة من جانب المعلمين إضافة لما هو متوافر في المدرسة. أصلًا.

*(من أهم النقاط التي تعمل على تغيير اتجاهات المجتنع السلبية نحو برنامج التسريع الأكاديمي)

11-يُوفّر تطبيق نظام التسريع الأكاديمي مبالغ طائلة تنفقها الدولة على الطلبة في مراحل التعليم العام.(جروان، 2008؛ سرور، 2003؛ (NAGC, 2004; Southern, Jones,& Stanley,1993.

12-استثمار القدرات التعليميّة التي يتمتّع بها المتفوقون أكاديميًا بشكل أمثل، والاستفادة من عمرههم الزمني لأقصى ما يمكن.

13-مساعدة الطلبة المتفوّقين أكاديميَا ليكونوا أكثر نضجاً في المجالين النفسي والاجتماعي.

14-متابعة التقدّم العالمي بمجال الاهتمام بالمتفوقين أكاديميًا أسوة بالموهوبين والمتفوقين عقليا، وذوي الإعاقة.

15-تكافؤ الفرص والعدل التربوي في أوساط المجتمع المدرسي.

16-تنويع طرق وأساليب التعليم، وفتح باب المنافسة في المجتمع المدرسي.

أشكال وأنواع التسريع الأكاديمي:

1-القبول المبكر في الروضةإن كانت الروضة ضمن التعليم الإلزاميأو الصف الأول: Early Entrance to KG or First Grade

2- الترفيع الاستثنائي أو تخطي الصفوف:: Grade Skipping

3-التسريع في مادة دراسية أو أكثر كالرياضيات واللغات وغيرها.

4- تكثيف المنهاج:: Grade Telescoping

5- القبول المبكر في الكلية الجامعيّة: Early Admission to College

6-الالتحاق الثنائي/ المتزامن في المدرسة والجامعةConcurrent/ Dual Enrollment

التسريع الأكاديمي بين المؤيد والمعارض:

يقول المؤيدونلبرنامج التسريع الأكاديمي:

يعمل على زيادة الدافعية لدى الطالب وأسرته، ورفع تقدير الذات لديه.

يميلون إلى عدم التأكيد على العمر الزمني، وبدلاً من ذلك يؤكدون على القابلية العقلية لدى الطالب، والتي يجب عدم التضحية بها لصالح اعتبارات أخرى، ويرى المؤيدون لوجهة النظر هذه أن عدم الاهتمام بالإمكانيات الكامنة للتعلم لدى الطلبة قد تؤدي في حدّ ذاتها إلى مشكلات عدم التكيف. فالطلبة المتفوقون اكاديميا مختلفون أصلاً عن كثير من زملائهم في الصف العادي، وإجبارهم على كبت قدراتهم التعليمية قد يعيق تطورهم الانفعالي والاجتماعي أكثر من أي ضغط قد يواجهونه بسبب التسريع (Mackay, 1994).

يوفّر تطبيق نظام التسريع الأكاديمي مبالغ طائلة تنفقها الدولة على الطلبة في مراحل التعليم العام،

ويرى بعض الباحثين أن التسريع أسلوب عملي، يعمل على تنظيم وقت التعلم ليقابل قدرات الطالب الفردية، مما يقود إلى مزيد من التفكير الإبداعي والعمل ضمن المستوى المتقدم.

لايؤثر التسريع على سير الملية التعليمية في المدرسة.

أمًا المعارضون فلهم وجهة نظر أخرى:

1-يعرّض التطور الاجتماعي والانفعالي، وحتى العقلي لدى الطلبة للخطر، كما أنهم يؤكدون على أهمية العمر الزمني لتطور الطفل الذي يتطلب أن يكون بين أقرانه الذين يعكسون مستوى تطوره الجسمي والانفعالي والاجتماعي.

2-والتسريع من خلال وجهة النظر هذه الفئة قد يوقع الفوضى في أنماط الخبرة ومسارات النقل أو الترفيع الاعتيادي لسنوات ما قبل الجامعةز

3- ترفض بعض إدارات المدارس والأسر فرصة تسريع الطالب ، لعدم المامهم بالجوانب الايجابية لهذا البرنامج، أو لخبرات سلبية مشوّهة سابقة.

*قد نتفق مع معارضي برنامج التسريع الأكاديمي في حال تمّ قبول الطالب في برنامج التسريع لفترتين متقاربتين في السّلم التعليمي ، فهنا يمكن أن يلعب عامل العمر الزمني وحتى الجسدي دورًا سلبيًا في المجتمع الدّراسي، وقد يكون لفارق السنتين أثر أكبر بكثير من فارق السّنة عند التسريع لمرة واحدة، وفي هذه الحالة يتطلب الأمر تدخلًا ببرنامج إرشادي نفسي للطالب.

*وفي دراسة ميدانيّة أجريت في الأردن(قبالي، جرادات، 2023م) بعنوان : “واقع ممارسة مدراء المدارس الحكوميّة في الأردن لدورهم في الإشراف على برنامج التسريع الأكاديمي للطلبة المتفوقين أكاديميًاوأظهرت نتائج الدراسة: أن نتيجة هذه الممارسة كان متوسطًا، بمعنى أنّ هناك( 50% ) من مدراء المدارس يعارض تطبيق هذا البرنامج في مدرسته، وقد يعود السبب إلى الممارسات الخاطئة في تطبيق ذلك البرنامج، وعدم تعرّض هؤلاء المدراء لدورات تثقيفيّة حول فوائده.

آلية تطبيق برنامج التسريع الأكاديمي في المدرسة:

يتمّ ترفيع الطالب المتفوّق أكاديميًا في مدرسته من الصّف الرابع الأساسي إلى الصف السّادس الأساسي، أومن الصّف السابع إلى الصّف التاسع، أومن الصّف العاشر إلى الصّف الثاني ثانوي( التوجيهي)، ولا يحقّ للطالب التسريع أكثر من مرتين خلال السّلم التعليمي، كما يمكن قبول الطالب في الصف الأول االأساسي بعمر خمس سنوات، وهنا تجدر الإشارة إلى أنّ على الطالب دراسة مناهج العلوم والرياضيات واللغة العربية للصف الذي تم تخطيه، قبل الالتحاق بالصف الذي تم تسريعه إليه ( إمّا منزليًا، أو بمساعدة المدرسة) في العطلة الصيفيّة.

يُعدّ برنامج التسريع الأكاديمي البرنامج الوحيد من بين الخدمات المقدّمة للطلبة (الموهوبين والمتفوقين) يتخلله الظلم، حيث أنّ لا بديل عن درجة القطع ، لذلك قد يحصل بعض الطلبة على درجات متقاربة جدّا من درجة القطع بأعشار ولا يُسمح لهم بالترشّح لهذا البرنامج.

وأخيرًا : تُعدّ المدرسة هي الحاضنة الأساسيّة للطلبة للمتفوقين أكاديميًا، حيث أن البيئة المدرسية تُمثّل الوسط الحيوي لهذا التفوّق، وإنّ برنامج التسريع الأكاديمي حقّ مشروع للطلبة المتفوّقين أكاديميًا وليس منّة تمنّها عليه الأوساط التربويّة، ولا يجب إهماله.

وزارة التربية والتعليم (moe.gov.jo)

Loading...
Play ButtonPlay Button

You May Also Like