قيادة محركات التغيير – الإدارة بدها هيك
بقلم الدكتور محمد يوسف الرحاحلة
من الأهمية كما أشار الدكتور محمود المساد الاهتمام بمضامين مفهوم إدارة التغيير بشكل شمولي أكبر من خلال السياقات التي ترتبط بمعناه الإجرائي، وأن ننظر إلى مفهوم التغيير من منظور جديد شامل يؤسس إلى تَخصُصية واحتراف، واضعين كل الحسابات وتقدير جميع المتغيرات قبل الشروع في عملية التغيير. بمعنى أن نقف على مضمون التغيير ومدى تحقيقه لأهداف المؤسسة ورؤيتها وأهدافها الاستراتيجية في إطار المشهد المعقد المحلي والدولي
بمعنى أن إدارة التغيير ترتبط بشكل رئيس بمن يدير التغيير، كما ترتبط بمنهجية العمل التغييري ومراحله ابتداءً من تحديد الرؤية المتصلة به والوقوف على واقع المؤسسة ساحة انطلاق لعمليات التغيير وانتهاءً إلى إحداثه على أرض المؤسسة بغض النظر عن مستوى تحقيقه
من هذا المنطلق فأن التغيير ينبغي أن يكون وسيلة وليس غاية في حد ذاته فهو وسيلة للتطوير والتحسين بما يتطلب من إحداث في قرارات أو لوائح أو وسائل وطرق وأساليب أو تقييم وغيرها. كما يتحتم دراسة أهمية ودوافع مقاومة التغيير، ووسائل مواجهته، وله عدة أشكال؛ فمنها الشامل، والانسيابي، والتغيير بالدمج أو قد يمتد إلى أكثر من جانب مما سبق. وهناك تحوّلات أساسيّة في النظم أدّت للاهتمام بالتغيير مثل الاهتمام بالكيف لا الكم، ومن الاستقلالية للاهتمام المتبادل، ومن الوحدة إلى التنوّع، ومن السلطة إلى التشارك الحقيقي ما بين أفراد النظام، كما تنبع أهمية التغيير من الحاجة لمواكبة التطورات السريعة في مجالات الحياة المختلفة عامة والنظام التربوي بشكل خاص باعتباره أداة بناء الأجيال، وضرورة امتلاكهم لكفايات التكيّف مع التطورات المستقبليّة وتلبية حاجات المجتمعات المتطوّرة والمتجددة باستمرار
إدارة التغيير (Change Management) هي طريقة منظمة للتعامل عند تغيير أو تعديل أهداف أو عمليات أو تقنيات المنظمة فالغرض من إدارة التغيير هو تنفيذ استراتيجيات لإحداث التغيير والتحكم فيه ومساعدة الناس على التكيف معه، وتشمل هذه الاستراتيجيات إجراءً مهيكلًا لطلب التغيير بالإضافة إلى آليات للاستجابة للطلبات ومتابعتها. وان كفاية إدارة التغيير تمثل القدرة على فهم البيئة المتغيرة للمنظمة، والتحولات الهائلة التي تعتريها، كما تعني القدرة على وضع الاستراتيجيات لإحداث التغيير في الهياكل التنظيمية، وأساليب العمل، والتكنولوجيا، والموارد البشرية في المنظمة
وتشير “محركات التغيير” إلى جميع تلك العوامل الداخلية والخارجية التي تؤثر على الطبيعة والأصول البشرية المنشأ وفوائد الطبيعة للناس ونوعية الحياة الطيبة. أن محركات التغيير التنظيمية الأساسية ينبغي أن تدفع نحو إيجاد خدمة عامة ذات توجه إنمائي فالمعلوم أن كل حركات التغيير الراشدة ترسم أهدافها المحورية في الوصول إلى “بناء مجتمع” واعٍ راشد
فليس الهدف الأساسي من التغيير هو تغيير الواقع أو الغاءه، وان قد يتبادر للبعض أن الواقع غير مرضي فالتغيير وسيلة الارتقاء بالمخرجات للأعلى وللأفضل أو لمعاجة بعض أمور أو تغيير أو تعديل لكن المشكلة قد تكمن بشكل أساسي في رفض التغيير أو مقاومته وقد يكون سببها أصحاب القرار أنفسهم
وذلك للأسباب الآتية
قرار التغيير غير مبني على دراسات أو إحصاءات أو بينات دامغة ومجرد أراء شخصية من أصحاب السلطة والنفوذ أو ضغوطات محلية أو دولية. فذلك البناء السليم متطلب أساسي لإحداث التغيير وإداراته انطلاقا من أساليب الشورى والمشاركة والديموقراطية من أجل تحقيق التغيير الفعّال لأيّ منظمة
الحرص والتركيز على الكم والحجم والنوع على حساب الكيف والجودة. لذا ينبغي أن يكون كنشاط فعلي وجهود متواصلة تهدف بصورة مباشرة أو غير مباشرة إلى الارتقاء بظروف العمل في الوزارات والهيئات والمنظمات المختلفة ويتعدى ذلك إلى الأفراد
الحرص على القديم والاستمرارية الروتينية في المنظمة في البرامج والأساليب والأداء، لذا ينبغي أن يكون التغيير كنشاط فعلي وجهود متواصلة تهدف بصورة مباشرة أو غير مباشرة إلى الارتقاء بظروف العمل في الوزارات والهيئات والمنظمات المختلفة ويتعدى ذلك إلى الأفراد
عدم أقناع المستهدفين بالتغيير – وكما يقال ” الإدارة بدها هيك“ – كناية عن عدم الرضى، حيث لم يتم توضيح الهدف والفائدة والأهمية من إحداث التغيير وإظهار التغيير وكأنه فرض إرادة المسؤول وكل من يبدي رأي آخر فهو في القائمة الحمراء. وينبغي ضرورة اعتبار مثل هؤلاء ضاغطا مهما باتجاه التغيير ومحفزا أساسيا للارتقاء بالوسائل والاستراتيجيات والأساليب للأفضل
عدم تسهيل عملية التغيير وذلك دون توفير المتطلبات الضرورية أو عدم كفاية الشرح والتدريب الكافيان للفهم والتطبيق
عدم المتابعة والتقييم لعملية إدارة التغيير، وذلك بعدم تذليل العقبات والصعوبات التي تحول دون أن تكون ممارسة التغيير على أمثل وجه، وعلى المسؤولين النظر إلى اعتبارها تحديات وفرصة للنجاح والتميز وليست محبطا لعملية التغيير
النقص في تلبية متطلبات التغيير بعدم كفاية الموارد المادية والمالية ومن أجهزة أو وسائل وغيرها
غياب الموضوعية والشفافية في تقييم عملية التغيير والتركيز على النتائج الإيجابية فقط وعدم مواجهة السلبيات وإهمال معالجتها إذ ما عولجت فأنها تفشل عملية التغيير
ولكي يكون التغيير فعالاَ، يجب أن تراعي عملية إدارة التغيير كيفية تأثيرها على الإجراءات والعمليات، والنظم، والموظفين داخل المنظمة. ويجب أن تكون هناك سياسة واضحة في إدارة التغيير لا تتأثر بتغير المسؤولين وخطوات عملية منظمة للتخطيط، واختبار التغيير، والتواصل مع الموظفين بشأن التغيير وأسبابه ونتائجه المرجوة، وخطوات عملية منظمة لجدولة وتنفيذ التغيير، وتوثيقه، وتقييم آثاره. وتعد الوثائق عنصرًا حاسمًا في إدارة التغيير ليس فقط للحفاظ على درب المراجعة، في حالة ضرورة التراجع، ولكن أيضًا لضمان الامتثال للضوابط الداخلية والخارجية بما في ذلك الامتثال التنظيمي
غالبًا ما تواجه المنظمات التي تقوم بتطوير برنامج إدارة التغيير من الألف إلى الياء تحديات هائلة، فبالإضافة إلى فهم شامل لثقافة المنظمة، فان عملية إدارة التغيير تتطلب إجراءات متابعة وتقييم ومحاسبة دقيقة للأنظمة والخطط، والبرامج والتطبيقات، والمسؤولين عن التغيير وكذلك الموظفين الذين سوف يتأثرون بالتغيير ، وذلك الأمر يتطلب من القيادة الحِرفية قراءة وفهم الحاضر أولا ومن ثم التنبؤ بالمستقبل وتوجهات التغيير المحلية والعالمية، وضرورة استيعاب مضامين التغيير والعمل التشاوري والتشاركي على إحداثها لتأمين سلامة المؤسسات وتحقيق أهداف المؤسسة وأهداف التغيير في آن معاً بمستويات متفوقة في ضوء سياسة التغيير وعدم الوقوف عند حد معين. كما يتطلب من المرؤوسين البعد عن النفاق فبعضهم للأسف له دور كبير في عدم إظهار السلبيات وإخفاء العقبات تزلفا للمسؤول، متغافلين عن تبصير من أسندت لهم هذه المهام والتوجيهات الصادرة من اعلى السلطات، من أن تلك التغييرات لا تعطي ثمارها الإيجابية على أكمل وجه فكلنا مسؤولين، فلا ينتهي العمل المؤسسي المتميز في أي يوم وفي مجتمع صحّي، يصبح العمل المشترك من أجل مصلحة المجتمع المحلّي جزءاً لا يتجزّأ من حياة كل إنسان فيه
وخناما إذا ما سمعنا في مؤسسة “الإدارة بدها هيك ” فاعلم يا مسؤول أنك أنت السبب فقد فشلت في قيادة محركات التغيير. فإلى متى تنتهي هذه العبارة؟ وننتهي من غيرها من العبارات
“هيك مزبطة بدها هيك ختم!” – كبرها بتكبر صغرها بتصغر
إقرأ المزيد لمقالات التربويون العرب