الدكتور ذوقان عبيدات يكتب التعليم قضايا أساسية

التعليم قضايا أساسية

التعليم: قضايا أساسية

ما الحل؟؟

صار واضحاً أن لجنة تحديث الوطنأو لجنة الـ 92 لن تعنى بأكثر القضايا أهميةً وهي : تحديث الخطاب التربوي أو تحديث التعليم، وقضية تحديث الخطاب الثقافي الاجتماعي. وقد خلت أهداف لجنة 92 من أي أهداف تربوية وأهداف ثقافية. كما خلت من تربويين – وأعني ذلكوخلت من علماء اجتماع أيضاً. مما ولد الحاجة إلى مسيرة إصلاح تربوية اجتماعية

(1)

في الإصلاح التربوي

قيل كثيراً عن أوضاع التعليم في بلادنا. ولم يهتز أحد، فباستثناء إنشاء مركز وطني للمناهج والورقة النقاشية الملكية السادسة، لم نشهد أي حركة إصلاحية تربوية

صدرت نتائج فقر التعليم، وثبت أننا فقراء. وصدرت نتائج بيزافي القراءة وثبت أننا ضعاف. و صدرت نتائج تيمس 2019″ وثبت أن أسوأ 10% تحصيلاً في الدول المتقدمة تربوياً يحصلون على درجات أفضل من أحسن 10% من طلبتنا

لم يتصدّ أحد لدراسة النتائج، وكأنها لا تعني أحداً. فالتربية ليست مهمة. سيطرت عليها الفئات الثقافية التقليدية ومنعت أي تغيير فيها حرصاً على أن أي تغيير سيأتي بتعليم التفكير والمنطق ودروساً غيرها!!

ولذلك لابد من تشكيل لجنة لدراسة الخطوط العريضة لإصلاح تربوي شرط أن يكون أعضاؤها من خيارات غير تلك التي اعتدنا عليها!!

تتصدى هذه اللجنة إلى القضايا التالية

 المناهج المدرسية

فلسفة التعليم

وضعت فلسفة التعليم ثانياً، بسبب انعدام الأمل في تغيير منطلقاتها ولأن الدولةالأردنية تخشى اللعب في هذا الملعب!! ولذلك سأتحدث عن المناهج، وأعني

المناهج والكتب المدرسية

الخطط الدراسية

المعلمون والتدريس

ففي المناهج والكتب المدرسية يمكن إصلاح بعض ما ورد في فلسفة التعليم وأعني بصراحة

نحن نعلم المادة الدراسية، ونقدسها، وننقلها كما هي من جيل إلى جيل ونطلب حفظها، ونتأكد من حفظها من خلال الامتحانات

وقلت مراراً إن العالم رفض الوقوف عند هذا الهدف. وقال: في عصر المعرفة علينا أن نتغير و نقول بصراحة أيضاً

إن هدف التعليم ليس نقل المعلومات وحفظها – بل استخدامها كأدوات تقودنا إلى أهداف أرقى مثل

تحليل المعلومات وتطبيقها

فحص المعلومات وتنقيتها

انتاج معلومات جديدة ونشرها

وهذا بصراحة أكبر: التشكيك بصحة المعلومات وإخضاعها إلى النقد والبحث عن الأدلة المؤيدة والأدلة المعارضة، قبل أن تصدر حكماً بصلاحيتها أو عكس ذلك

عندها سيتغير كل شيء: الكتاب، ودور المعلم، والتدريس، والامتحان، وكراهية المدرسة، وسيكون الطالب منتجاً لا مستهلكاً للمعرفة، ولا عابر سبيل على حدودها

عندها سيتحدث الكتاب مع الطالب، وسيقدم له ما يجعله عاملاً في المعلومات لا حافظاً لها. وسيجبر مؤلفو الكتب عن الحديث مع الطالب وليس عنه. والحديث في الموضوع وليس عن الموضوع

أما نتاجات ذلك، فإننا نبحث عن إعداد طالب باحث وليس طالباً عالماً

فما الفرق بين الباحث والعالم؟؟

العالم هو شخص تعب وجد و حصل على قدر كبير من المعلومات في مجال ما، فعالم الفيزياء يعرف في الفيزياء ما لا يعرفه غيره، وعالم اللغة العربية يعرب كل كلمة فيها. وعالم الدين يفتي في كل شؤون اختصاصه

أما الباحث، فهو شخص متدرب، يسعى إلى تطبيق مهارات البحث العلمي بأساليبه كافة، ويحرص على مهارات البحث، واتجاهات الباحث كالموضوعية والتواضع والدقة و وضع الفروض و البحث عن الأدلة

فماذا يحتاج الطلبة؟ الطلبة يحتاجون إلى أن يكونوا باحثين، ولذلك على المنهاج أن تعلمهم على المهارات الآتية

مهارات بناء الفروض والانطلاق منها، وليس من الحقائق المعطاه سابقاً. ولذلك يبقى محايداً لا مدافعاً 

مهارات البحث عن الأدلة والبراهين المؤيدة والمعارضة لفحص فروضه وليس لإثباتها. وسيكون لديه سيان: ثبات صحة الفروض أو عدم ثباتها

الباحث يبحث، والعالم يمتلك الحقيقة

(2)

أخطاء أساسية

ما يحدث في التعليم في مدارسنا ومدارس غيرنا، لم ينجح في تحسين صورة المدرسة لدى المتعلمين، فالأطفال مازالوا يتمنون إغلاق المدارس ولو عن طريق تساقط الثلوج!! والأطفال أيضاً ليسوا سعيدين بما يتعلمون، ودليلي أنهم يلقون بكتبهم في الشارع! ومهما حاولنا تفسير ذلك فلن نجد مبررات إيجابية. فالكتب لا تعني لديهم أكثر من هموم تنتهي بالامتحانات

قدمنا لهم مواد دراسية من خيارنا ، ونحن من قرر أنها مفيدة لهم. وأبدع مؤلفو الكتب في حشوها بكل تفاصيل وحقائق، فتضخم حجمها. ولم يجد المعلمون والطلبة الوقت الكافي لها فصارت عبئاً عليها

ارتكبنا أخطاءً في الكتب وفي التدريس الذي كان تلقيناً و تكراراً وأعطيناهم واجبات مرهقة لهم ولأهلهم. و أخضعناهم لعشرات الامتحانات تحت شعار التقويم المستمر، ورفعنا بوجههم شعاراً : عند الامتحان، يكرم المرء أو يهان! وهكذا أرهقنا المعلمين والطلبة والأهل

ما أسباب الإرهاق؟

سأتحدث باختصار عن إرهاق الطلبة: دوام مدرسي طويل على مدى خمسة أيام، يتبعها واجبات بيتية ممتدة في إجازة نهاية الأسبوع! حرمنا الطلبة من إنسانيتهم، إذن سلسلة من الدروس وسلسلة من الواجبات وسلسلة من الامتحانات قد تكون على رأي المجتمع التربوييكرم المرء أو يهان 

في المنطق التربوي وفي كل الأدلة بل في البراهين، إن حب الطالب للمدرسة وللمادة وللبيئة المدرسية والمعلم، عوامل إيجابية في تحسين التعلم

(3)

نتائج الاختبارات الدولية

قالت نتائج اختبار تيمس الدولي للعلوم والرياضيات ما يأتي: وأنقل دون إضافة

نحن في مراتب متأخرة في الربع الأخير من الترتيب الدولي

نحن في المرتبة الخامسة عربياً في العلوم والرياضيات بعد قطر والبحرين والسعودية والإمارات وعمان ولبنان( في الرياضيات). وهذه نتيجة ليست جيدة. لأن معظم الدول العربية لم تشارك في هذا الاختبار

إن تحصيل أسوأ 10% من طلبة الدول المتقدمة تربوياً أعلى تحصيلاً من أفضل 10% من طلابنا

لم يحصل أي طالب أردني في العلوم أو الرياضيات على درجات المستوى المتقدم وهو 625 درجة

حصل 6% فقط من طلبتنا على المستوى العالمي ( الثاني ) أما الباقي فهم مستوى ضعيف ومتوسط

هناك نتائج مذهلة تشير إلى أن مناهجنا – وقد تعدلت سنة 2020- في العلوم والرياضيات لا تقل حجماً وكماً ومدة عن مناهج الدول المتقدمة بل إن مؤهلات معلمينا لم تقل عن مؤهلات معلمي الدول المتقدمة

وفي النتائج أيضاً ، إن مدارس البنات أفضل تحصيلاً من مدارس الذكور، ومدارس المدينة أفضل تحصيلاً من مدارس القرية. والمدارس الخاصة أفضل، ومدارس الوكالة أفضل

أين المشكلة إذن؟

المشكلة بعضها أو معظمها معروف، وهي أننا لا ندرس نتائجنا ونحللها، ولا نعرف موطن الخلل!! والمشكلة أيضاً أن وزيراً افتخر بتراجع نتائج المدارس الخاصة في تيمس 2015، وكأنها عدوة لنا وله

المشكلة من وجهة نظري وأنا آمل أن تتحدد علمياً من قبل لجنة ليست 92 ولا حتى 22 تدرس أوضاع التعليم

لجنة تختار كما قلت ليست على غرار خيارات الدولة. بل خيارات حكماء ومخلصين مثل محمد أبو قديس وعزمي محافظة!! لجنة وطنية تعيد وضع التعليم على سكة التعليم الحديث بفلسفته

إن هدف التعليم تنمية التفكير من خلال فحص الحقائق والوثائق والمعلومات والشك فيها. وهدا يعني تغييراً جذرياً وبسيطاً في التعليم

هذا الهدف كفيل بتغيير الفكر التربوي المسيطر والذي يحدث لغة ما قبل القرون الوسطى، و تغيير الخطة الدراسية القائمة حالياً، و الذي لم يجرؤ أحد على مناقشتها. و تغيير برامج إعداد المعلمين. وتغيير أنماط التدريس، بل وتغيير مفهوم التعليم

أدرك أنها معركة قد تكون بالسلاح الأبيض مع أصحاب الفكر التربوي التقليدي المدعوم بسلطات قويةلكنها معركة ضرورية

انضم إلينا على صفحة فيسبوك

You May Also Like