الانحياز المعرفي بفلم د. يحيى أحمد القبالي

الإدارة الصفيّة ومهارات القيادة

الانحياز المعرفي

Cognitive bias

بفلم: د. يحيى أحمد القبالي

يقع صاحب القرار أحيانًا باخطاءٍ في إصدار أحكامه، ويكون الانحراف في الإدراك المشوّه لديه سبب ذلك وتعرف هذه الحالة ب ( الانحياز المعرفي)، وهذا الانحياز يؤدّي إلى تفسير غير منطقي يُمكن وصف نتيجة القرار الصادر على أثره باللاعقلانية مقارنة بما هو متوقع أو ما هو صحيح، وخلال السنوات الماضية أجريت العديد من الدراسات حول هذا المصطلح للتعرّف على الأسباب الكامنة خلف هذه الحالة في الحكم عند اتخاذ القرارات وتقييم الحالة النفسيّة لأصحاب هذه القرارات، واتضح أنّ هذا السلوك ينتج عن اعتقاد صاحب القرار بأنّ القرارات الأسرع هي الأعلى قيمة كحدس مهني للخروج من حالة الضوضاء الذهنيّة وتشوّه الإدراك، ومما لا شك فيه أنّ العقل البشري يعتمد غالبًا على الاختصارات الذهنيّة والتي تسرّع من قدرته على الحكم ، إلّا أنّها تُؤدّي أحيانًا إلى الانحياز .

ومن أسباب الانحياز المعرفي:

بطبيعة الحال لا ينتج اتخاذ القرار من فراغ فهناك أوضاع نفسية وجسدية واجتماعية يمر بها صاحب القرار تعمل على جودة قراره، ومنها:

الارتكاز: الانطلاق باتخاذ القرار من خلال الميل إلى الاعتماد بشكل مبالغ فيه على بعض المعلومات دون بعض في اتخاذ القرار ، وغالبًا تكون أول جزء متوفّر من المعلومات عن موضوع ما، كشكل من أشكال الاندفاعيّة نحو الحل، وينتج عن ذلك حالة يُطلق عليها( الوهم العنقودي) الميل إلى المبالغة في أهمية هذه الأجزاء الصغيرة وسط العيّنات الكبيرة من البيانات، والوقوع بالوهم.

التأثير العكسي: إنكار الأدلة بالاعتماد على المعتقدات السابقة لصاحب القرار، والانحياز إلى معتقداته و الحكم على قوة الحجج القائمة بمدى توافق خلاصتها مع محتوى معتقداته.

تأثير الغموض: القفز عن الخيارات التي تفتقر إلى الوضوح والمعلومات اللازمة خوفًا من الاحتمالات المجهولة حسب اعتقاده.

نقطة التحيّز العمياء: وهي الميل لرؤية تحيزات الغير وعدم رؤية تحيزات صاحب القرار لتحيزاته، بحيث لا يلتفت إلى مغالطاته ظنًا منه أنّه أقل تحيزًا من غيره.

مغالطة المقامر: الميل إلى قانون الاحتمالات في الرياضيات في أنّ الاحتمالات المستقبليّة ستتأثّر بالأحداث الماضية، في حين أنّها في الواقع لا تتغيّر وهو تصور خاطئ فليس من الضرورة إذا ظهر وجهة العملة المعدنيّة( كتابة) اكثر من مرة فإنّه سيظهر وجه (الصورة ) في المرة القادمة.

متلازمة المؤمن الحقيقي: الميل والتحيّز إلى الإيمان بمعتقدات مغلوطة حتى لو ثبت بطلانها.

انحياز العزو العدائي:الميل إلى تفسير سلوك الآخرين على أنّه مدفوع بنيّة عدائيّة ، حتى لو كان السلوك غير واضح تمامًا أو حسنًا.

انحياز الإدارك المتأخّر: الميل إلى أن توقعاته الباطنية كانت صحيحة ، وذلك عندما يقول أحدهم: كنت أعرف أنّ ذلك سيحصل طوال الوقت، فهو يميل إلى رؤية الأحداث الماضيّة وكأنّها كانت متوقعة تمامًا عندما حدثت.

انحياز عربة الموسيقى: ينتج هذا الانحياز بفعل التفكير الجمعي ، وهواعتقاد الفرد بشكل أساسي على كثرة عدد المؤمنين باعتقاد ما.

طرق تجنّب الانحياز المعرفي:

في كثير من الأحيان لايرى الفرد أخطاءه، وقد يتفاجأ في كثير من الأحيان عندما يرى نتيجة سلوكه، ويعيد حساباته ولكن قد لا يسعفه الحظ في ذلك ويدرك بأنّ القطار قد فاته، وفيما يلي بعض الطرق لتجنب الانحياز المعرفي:

1-العمل ضمن فريق: كلّف أحد أعضاء الفريق بتحضير كلّ ما يلزم للاجتماع عوضًا عنك، حتى يتسنى لك النظر إلى الأمر من زاوية أخرى، وحارب الأفكار المسبقة والانحياز التأكيدي، ولا تستخدم فقط المعلومات المتاحة أمامك أو الأفكار التي تُؤمن بها بشدّة، وكن واحدًا من فريق عملك وتبادل الأفكار معهم ضمن فترة زمنيّة أطول.

2-عليك الإيمان المطلق بأنّ كلّ شخص يمكن أن يعاني من الانحياز المعرفي وأنت لست استثناءً.

3-تخلّص من طرق التفكير العادية ومارس استراتيجية العصف الذهني، وعليك المشاهدة من خارج الملعب فالدماغ لا يفضّل الالتزام دائمًا.

4-ابتعد عن شلل التحليل ، وهي حالة تصل فيها المجموعة إلى قمّة التوتر ولا يبدو فيها أنّ الوصول إلى نقاط تقاطع ستكون متاحةً بين أعضاء المجموعة في تلك اللحظة، والاضطرار إلى الانحياز القطعي، خذ أنت ومجموعتك قسطًا من الراحة بعيدًا عن قاعة الاجتماع وليس بشكل مجموعات بل فرادى، ومن ثمّ أكملوا من حيث انتهت الجلسة.

5-ابدأ بالأهداف قصيرة المدى وفي الوقت نفسه التفكير بإنجاز الأهداف بعيدة المدى.

6-ناقش أفكار أعضاء الفريق والتصويت عليها ومقارنة البديل الذي تم اختياره ومناسبته للهدف الذي تسعون إليه.

7-إذا كان هناك شخص من أعضاء الفريق قد أيّد فكرتك ، فلا تحاول إطرائه، فإنّ ذلك سيشجع أعضاء الفريق لتقليده، وسيكون ذلك بمثابة انحياز شرطي، مما يترتب عليه وضع قيمة مرتفعة لفكرتك.

8-إذا كان هناك أحد من أعضاء الفريق يدافع عن فكرته بلا هوادة ، استمع إليه مع أعضاء الفريق حتى النهاية، ودعه يستمع إلى أفكار الآخرين بعد ذلك .

9-ضع نصب عينيك عدد من السيناريوهات وقم بمناقشتها بشكل جماعي بعيدًا عن الذاتية.

10-تجنّب المغالطات الكبرى: مما لا شك فيه أنّ هناك أفكارًا استرتيجية وعقلانيّة تدعوا إلى سلوك أسلوب جديد، فكلّ المعطيات تدل على ذلك، ولكنكم قطعتم شوطًا طويلًا بما أنتم عليه ، فستأتي أصواتًا من الخلف تدعوا إلى عدم التغيير ( قوى الشد العكسي) فكلّ جديد له تكلفة، وتصبح الغلبة للأصوات التي تدعوك إلى تجنّب ما يعتبرونه خسارة ، والتشبث بما هو متوفّر عوضًا عن الموضوعيّة.

11-حاول الابتعاد قدر الامكان عن تأثير الهالة، ويعني ذلك باختصار الحكم على الأشياء بأنّها جيدة تمامًا أو سيّئة تمامًا.

12-الإنحياز لايجابيات الاختيار: النظر إلى إيجابيات الفكرة وغض البصر عن سلبياتها .

13-انحياز النعامة: الميل إلى تجاهل السلبيات اعتقادًا بأنّالمشاكل ستنتهي إذا قمنا بتجاهلها بدلًا من مواجهتها ومحاولة حلّها،

14-اتخاذ القرارات: مما لا شك فيه أنّ أسوأ انواع الاجتماعت تلك التي لا يُؤخذ في نهايتها قرار، وينتهى الاجتماع في ظل قائمة كبيرة من الأفكار والمهام، وأسوأ ما في الأمر الّا يُحدّد من سيقوم بها، عليك تذكير أعضاء الفريق بأنّ اتخاذ الموافقة على اتخاذ القرار منوط بشخصك كمدير؛ وهذا ليس من أشكال الدكتاتورية لأنّ الموضوع ببساطة: سيتحمل المدير تبعات سلبيات القرار إن حدث ذلك، ولكن النجاح سيشمل الجميع.

وأخيرًا ، فهذه بعض من الانحيازات المعرفيّة وأكثرها شيوعًا، فإن كنت مديرًا أو أحد أعضاء فريق عمل لإنجاز مهمّة ما، فلا تُصبح أسير أفكارك ومعتقداتك، واعمل بروح الفريق وبعقل منفتح ، وتذكّر بأنّك أنسان غير كامل والوصول إلى كمال الأفكار يأتي من خلال فريق عمل متكاتف متعاون حريص على المصلحة العامة.

وزارة التربية والتعليم (moe.gov.jo)

Loading...
Play ButtonPlay Button

You May Also Like