الأستاذة إسراء المسَاد أخلاقيات العمل ودورها في حلقة التعليم

الأستاذة إسراء المسَاد أخلاقيات العمل ودورها في حلقة التعليم

أخلاقيات العمل ودورها في حلقة التعليم

الأستاذة إسراء المسَاد
ماجستير في إدارة الموارد البشرية

تُعد الأخلاق الركيزة الأساسية لدعم تطورالأمم والمجتمعات، كما تعد من أهم المبادئ المنظمة للسلوك الأنساني التي تنعكس على الفرد والمجتمع من حوله سواء بشكلها الإيجابي أو السلبي. وقد عرَّف الجرجاني الخلق بأنَّه: (عبارة عن هيئة للنفس راسخة تصدر عنها الأفعال بسهولة ويسر من غير حاجة إلى فكر ورويَّة، فإن كان الصادر عنها الأفعال الحسنة كانت الهيئة خلقًا حسنًا، وإن كان الصادر منها الأفعال القبيحة سميت الهيئة التي هي مصدر ذلك خلقًا سيئًا) وقد عرف بعض الباحثين الأخلاق من وجهة نظر الإسلام بأنها (مجموعة المبادئ والقواعد المنظمة للسلوك الإنساني، التي يحددها الشرع، لتنظيم حياة الإنسان، وتحديد علاقته بغيره على نحو يحقق الغاية من وجوده في هذا العالم على أكمل وجه)
يقول الله تعالى {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ {القلم (4)

ومع أن الأخلاق في العرف الفلسفي ناتجة عن اختيار حر للفرد، حيث يقرر الضمير الأخلاقي السلوك المناسب. فالأخلاق هي خيار يعاقب عليه الضمير، بينما الأخلاق المستمدة من الشرع يعاقب عليها الشرع المستمدة منه

نخلص من ذلك، أن الأخلاق مكتسبة من المحيط الاجتماعي وبالذات من التربية والتعليم، ويتم تعزيزها من خلال المواقف والخبرات على مّر السنين، سواء بشكلها الإيجابي أو السلبي. لكن بطبيعة الحال وبهدف التوجه للأفضل سنتحدث عن التعزيز الإيجابي ونبذ السلبي منها. وعليه فمن الضروري لأي فرد سواء كان موظف في شركة أو ربة منزل أو معلم أو طالب، أن يتحمل مسؤولياته وواجباته، وأن يؤديها ضمن مجموعة من القواعد والضوابط والأخلاقيات الإيجابية، وأن يعمل على تقديم قيمة مضافة لشخصه وللمجتمع من حوله بهدف دفع عجلة التطور والارتقاء للمجتمع إلى الأمام

وحقيقة أن المواقف الحرجة أو الطوارئ تظهر القيم الأخلاقية للفرد، كما نرى في اليابان في حالات الكوارث الطبيعية، أن حجم الالتزام ومراعاة الأولويات، بهدف تخطي المعضلة بأقل الخسائر وهذا بحد ذاته تحدﹴ هام جداً، ففي الوقت الراهن وبغية مسايرة التحولات المختلفة ومواكبة التطورفي ظل – جائحة كوفيد ١٩- يترتّب على الفرد أن يؤدي دوره في المجتمع سواء كان طالبًا أو موظفًا أو رب أسرة على اكمل وجه، وهذا يفرض علينا ضرورة المحافظة على مضامين العملية التعليمية والتربوية من قبل الطلبة أو المحاضرين أو قيادة المنظومة التعليمية من خلال الالتزام بالأدوار والسلوكات والأخلاقيات في أداء العمل واستخدام الأدوات والوسائل المتاحة بأفضل المستويات، واحترام أطراف ومكونات العملية التعليمية بهدف الارتقاء والتقدم وتحقيق الغايات المرجوه
وفي واقع الحال فإن أي تقصير في جزء من هذا الدور يترتب عليه حدوث خلل في المنظومة التعليمية، والمنظومة في حال تأمل المعنى العميق لها هي : مجموعة من القوانين واللوائح والمبادئ التي تنظم جوانب العمل وتوصيفات الوظائف داخل هذه المنظومة والأساسيات التي تقوم عليها بما يشكل دستوراً للمؤسسة لا يمكن خرقه أو تجاوزه، وأشار (المسَّاد) في كتابه “الاحترام قيمة أساسية لفعالية التطوير التربوي” إلى أنه ” بدا واضحاً أن المؤسسات تتسابق لإصدار مدونات بأخلاقيات العمل، خاصة بعد أن ظهر لبعضهم أن الكفايات الأدائية هي وحدها مركز الاهتمام لتميز الموظف…. إلا أن تدارك هذا الأمر فرض نفسه بقوة، حيث أصبحت الأخلاقيات تحظى بالاهتمام الأكبر، الأمر الذي فرض إعادة النظروالمراجعة الواعية لصياغة الأهداف والسياسات وفقها بطريقة تبرز المسؤولية الأخلاقية أولاً، وبالذات الموظف الذي يحب أن يتميز ويكون محترماً ويستحق بجدارة احترام الآخرين”

ومن الضروري تسليط الضوء على دور الإشراف والإدارة في تعزيز السلوكات الإيجابية والقيم الأخلاقية لبناء بيئة عمل صحية، وثقافة تنظيمية سليمة، وتمثل هذه الإدارة القدوة الحسنة التي تجسد السلوكات الاخلاقية وتراعي القواعد والمعايير وأخلاقيات العمل. ويكون هذا التعزيز عمليا من خلال ممارسات إدارية كالبحث والتطوير التدريبات والمكافآت وتحقيق العدالة وتكافؤ الفرص، للاستثمار في الموارد البشرية بما ينعكس على انتماء الفرد وتحقيق أهداف المنظومة

وهنا ما يدعو للتساؤل: هل سنبقى نقاوم ونعطل سير المنظومة التعليمية بشكلها المستجد، أم سنرتقي بها – كلٍ بدوره- لتحقيق الغايات والمضامين وبالذات الأخلاقية بجودة عالية؟

أقرا المزيد

You May Also Like