اقــتصاد المعرفــة
بقلم الدكتور يحيى القبالي
Knowledge Economy
يعتبر مصطلح اقتصاد المعرفة من المصطلحات الحديثة التي ظهرت بعد عام( 1950م ) ويعتبر فرعًا جديدًا من فروع العلوم الاقتصاديّة، ويقوم على فهم جديد أكثر عمقًا لدور المعرفة ورأس المال البشري في تطوّر الاقتصاد وتقدّم المجتمع، ويطلق عليه أحيانًا
اقتصاد المستقبلFuture Economy .
الاقتصاد الرقمي Digital Economy.
الاقتصاد الذكي Smart Economy.
لقد لعبت العوامل التالية: الأرض، ورأس المال، والعمالة قديمًا دوراً أساسياً في الاقتصاد ، وكانت الجغرافيا هي الركيزة الأساسية في ذلك حيث ظهر نظام الاقطاع الذي اعتمد رأس المال البشري والموارد الطبيعية والجغرافيا كعامل ندرة، وعندما ظهر اقتصاد المعرفة تلاشت أهمية الموقع الجغرافي تمامًا وأصبح رأس المال مهمشًا ولم يعد للعنصر البشري ضرورة للإنتاج أو التسويق، فباستخدام التكنولوجيا المناسبة يمكن انشاء الأسواق الافتراضية التي توفر السّرعة في الانجاز على مدار السّاعة وفي أي مكان في العالم.
لقد أصبحت المعرفة الفنيّة والمعلومات، والذّكاء، والإبداع، والابتكار هي من الأصول المهمّة في الاقتصاد الحديث، وأصبحت التكنولوجيا، وبرامج الكمبيوتر وإدارتها لها أهمية تتجاوز أهمية رأس المال، والعنصر البشري، والجغرافيا، وأصبح اقتصاد الوفرة مقابلاً لاقتصاد الندرة، لقد كانت الشركات الكبرى ذات الاقتصاديات التقليدية صاحبة الأصول والمعدات وأسطول الآلات ورأس المال الضخم هي المسيطرة على الاقتصاد والمحتكرة له.
وقد رَكَّزَتْ النظرية الاقتصاديّة الكلاسيكيّة منذ ظهورها في القرن الثامن عشر الميلادي على رأس المال والعمّال والجغرافيا كعوامل أساسية، وكان الاقتصاد بمفهومه التقليدي هو علم الندرة؛ أي ندرة الموارد في مقابل التطوُّر اللامحدود لحاجات الناس ومتطلباتهم، وأصبح اقتصاد المعرفة في أبرز خصائصه وخصوصًا في ظلّ التكنولوجيا الرقميّة هو اقتصاد الوفرة، فالمعرفة لا تستهلك (بمعنى أنها لا تستنفد) كالموارد الأساسية المادية، بل تتنامى ذاتياً بالاستهلاك، والاقتصاد الذكي يهتم بزيادة الإنتاجية من خلال الترابط والعلاقات التشاركية Sharing Economy بين الأفراد والمؤسسات معتمدًا في ذلك على سهولة تبادل المعلومات من خلال وسائل التواصل والشبكات الحديثة، ولا يختلف اثنان على أن اقتصــاد المعرفة اقتصادًا حديثًا يتطــور بسـرعة كبيرة وعلــى نطــاق واســع وتتوســع خصائصـه وتتجــذّر مبادؤه وأصبح مسيطرًا على الأسواق المحليّة والعالميّة وكأن العالم أصبح متجرًا تجاريًا واحدًا تجد بداخله كل الماركات العالمية المشهورة، بالإضافة إلى الأسواق الافتراضية المنتشرة على شبكات التواصل الاجتماعي ولا يشترط أن تديرها شركات عملاقة بجيش من الموظفين ، بل بمجموعة قلية من الأفراد في كثير من الأحيان.
تعريف اقتصاد المعرفة
تعريف منظمة التعاون والتنمية الاقتصاديّة لاقتصاد المعرفة: هو ذلك الاقتصاد المبني أساسًا على انتاج ونشر واستخدام المعرفة والمعلومات
أما البنك الدّولي فيعرّفه بأنّه : الاقتصاد الذي يعتمد على اكتساب المعرفة وتوليدها ونشرها واستثمارها بفاعلية لتحقيق تنمية اقتصاديّة واجتماعيّة متسارعة
وعرّفه التقرير الاستراتيجي العربي بأنّه: اقتصاد جديد فرضته طائفة جديدة من الأنشطة المرتبطة بالمعرفة وتكنولوجيا المعلومات من أهم ملامحه : التجارة الالكترونية
مما تقدّم يتبين أنه تمّ بناء الاقتصاد الحديث ( اقتصاد المعرفة) على فكرة المعرفة، والاتصالات، وتكنولوجيا المعلومات ( التكنولوجيا الرقمية) التي ساهمت بحدوث تطوّر كبير بالنشاط والفكر الإنسانيّ في كافة المجالات؛ إذ لم يعد يحتل كلُّ من النّفط والذّهب والمواد الخام … هرم الصناعة التقليديّة، بل أصبحت البرامج المعلوماتيّة ذات أهمية اقتصادية تفوق بمردودها المادي النفط والذهب وغيرها من الموارد، وذلك من خلال استخدام تقنيات المعلومات بدلاً من الموارد ورأس المال؛ ممّا ساهم بأنّ تصبح المعرفة من أهمّ عوامل تحوُّل الدول الناميّة إلى دول متطورة وحديثة، وانعكس تأثير هذا الشيء على التّجارة العالمية، كما شكّلَ الاستثمار الخاص بالتكنولوجيا، والإبداع، والابتكار دافعاً لدعم النموّ الاقتصاديّ، فقد ولّد هذا الاقتصاد شركات تفوّقت برأس مالها عن ميزانيات دول بأكملها، وأحد أبرز الأمثلة العالمية على ذلك هو نموذج شركة أوبر وكريم ، وأمازون، وعلي بابا، وأبل… والتطبيقات التي تقدم خدمات التوصيل والصيانة والتطبيقات الطبية وتطبيق تأجير العقارات، وغيرها، وبنظرة عابرة على شركات الاتصالات نجد أنها أصبحت امبراطوريات عملاقة في غضون سنوات محدودة، ولو أخذنا مثالا واحدًا على البعد التكنولوجي في صناعة الجوالات نجد أن المواد الخام التي تشكّل منها جهاز الجوّال فقد لا يتعدى دولارات معدودة ، وفي الوقت نفسه يساوي ثمنه عشرات براميل النفط، ويوفر اقتصاد المعرفة طيفاً هائلاً وكثيفًا من المنتجات المتنوعة تُلبي حاجات مختلف شرائح الأفراد والشركات ورغباتها، بعد أن كانت تُسَتهدفُ الشرائح الكبرى فقط، وتتخطى الحدود والعقلية المركزية الضيقة وتتمتع بمهارات وخبرات عالية وقابلة للتطور بشكل مستمر، وتعمل من خلال فريق عمل متكامل يستطيع كل فرد فيه أو خارجه أن يبدي ملاحظاته واقتراحاته
يتميز اقتصاد المعرفة بخصائص عدَّة تجعل منه نمطًا اقتصاديًا جديدًا يعمل على تغيير الاقتصاد التقليدي وأسسه،
ومن أهم هذه الخصائص:-
1-المعرفة:Knowledge :
2-العالمية:International
3-التنوع :Diversity :
4-الانفتاح: Openness
5-قوة عمل: Work’s Strength :
6–التكيف الموسع لموافقة رغبات الزبائن: Mass Customization
7–تقليل الكوادر والمهارات: Staff/Skill Shortage
8–الخدمة الذاتية: Service Self – Service
9–التجارة الالكترونية :Electronic Commerce
10–الابتكار:Innovation
المدرسة واقتصاد المعرفة
لقد تأثرت المدرسة كغيرها من المؤسسات باقتصاد المعرفة فقد وفرّت الحكومات البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات وتسهيل نشر المعرفة وتكييفها مع الاحتياجات المحليّة، حيث أصبحت تستخدم التكنولوجيا الحديثة في تقديم المعلومات وتبادل الخبرات في مجال المناهج المدرسية بين الدّول، والتعلّم عند بعد، واستخدام الشبكة العنكبوتية على نطاق واسع داخل الغرفة الصفيّة، وحل الواجبات المنزلية ، وأصبح الطلبة مشاركين بدلاً من كونهم متلقين للمعلومة وهذا ما دعت إليه النظرية البنائية منذ عقود، لقد أصبح الطالب كونه فردًا من المجتمع مواطنًا عالميًا global citizen يتأثر بالآخرين ويؤثر فيهم بسبب اقتصاد المعرفة وتطبيقاته.
دور المدرسة في ترسيخ مصطلح اقتصاد المعرفة
يحتاج اقتصاد المعرفة إلى مجموعة من المتطلبات الرئيسيّة؛ من أجل ضمان استمراريّته وتطوّره، ومن هذه المتطلبات
توفير البنية التحتية للاتصالات وتكنولوجيا معلومات داخل الغرف الصفيّة
تأسيس وتطوير وتدريب رأس المال البشريّ( المعلمين) على الاستخدام الأمثل للاقتصاد المعرفي
تهيئة الطلبة للانخراط في اقتصاد المعرفة، من خلال عرض النماذج الفردية والجماعية الناجحة.
نشر ثقافة اقتصاد المعرفة وتهيئة الفرص للطلبة للمشاركة في التطوير والابتكار.
التعاون بين الجهات المختصة لتطوير القوانين المستخدمة لتتناسب مع اقتصاد المعرفة.
إدراك أهمّيّة اقتصاد المعرفة في تطوير المجتمعات وتقدمها
تبادل الخبرات حول اقتصاد المعرفة مع المجتمعات المتقدمة والتواصل معها والاستفادة من تجربتها
توفير برامج ارشادية لتوجيه وإرشاد الطلبة إلى الاستخدام الأمثل لاقتصاد المعرفة سواء وهم على مقاعد الدراسة أو بعد تخرجهم، وهذه النقطة جديرة بالاهتمام نظرًا لأنّ مجال التكنولوجيا يعتبر فضاء مفتوحًا على مصراعيه لكل شرائح المجتمع ومن الصعوبة بمكان السيطرة عليه
.