التعلم واضطراب فرط الحركة وعجز الانتباه
بقلم الدكتور يحيي القبالي
يعتبر التعلم عملية تتسم بالصعوبة فهو يمثل تحد لقدرات الأفراد، وكلما ارتقينا في السلم التعليمي كلما ازدادت المناهج الدراسية تعقيدا، لكي تستحث العقل على التفكير واكتساب مهارات التعلم المتنوعة لتشكيل سلوك جديد مرغوب فيه لدى أفراد المجتمع، ويزداد التعلم صعوبة وتعقيدا إذا ما واجه متغير يعيق هذا التعلم، ويعتبر اضطراب فرط الحركة وعجز الانتباه من أشد معيقات التعلم،
واتخذ هذا الاضطراب مسميات عدة ، مثل:
1-نقص الانتباه مع فرط النشاط.
2-فرط الحركة وتشتت الانتباه.
3-قصور الانتباه وفرط الحركة.
4-نقص الانتباه وفرط الحركة.
ومهما تعددت التسميات فقد توجب على المربين إيجاد طرق التشخيص والعلاج، سيما وأن مثل هذا الاضطراب السلوكي لا يؤثر على الفرد الذي يعاني منه فقط بل يؤثر على البيئة المحيطة به بمجملها، ولقد أشارت بعض الدراسات إلى مصاحبة السلوك الاندفاعي إلى الأعراض السابقة، ولكن استقر رأي المختصين في هذا المجال على وجود ثلاثة أعراض رئيسية لهذا الاضطراب تظهر إما بشكل متلازم تلازما كليا أو تلازما جزئيا/أو منفردة ،
وهذه الأشكال:
1-الشكل المشترك: وهو عبارة عن تلازم ظهور وهيمنة الأشكال الثلاثة معا ، أي عجز الانتباه و النشاط الزائد والاندفاع في السلوك.
2-الشكل الذي يسود فيه عجز الانتباه: وهو عبارة عن هيمنة سلوك عجز الانتباه على الفرد بشكل أكبر من سلوك فرط النشاط والاندفاع.
3-الشكل الذي تسود فيه الحركة المفرطة: وهو عبارة عن هيمنة سلوك فرط الحركة وظهورها أكبر من سلوك عجز الانتباه.
خصائص اضطراب فرط الحركة وعجز الانتباه
لقد أورد فيلك (Flick) الخصائص التالية :
1-تشتت الانتباه.
2-الحركة الزائدة.
3-الاندفاعية.
4-الفوضى وعدم النظام.
5-السلوك العدواني.
6-ضعف مفهوم الذات والثقة بالنفس.
7-ضعف العلاقات مع الآخرين.
8-ضعف التناسق والتآزر الحركي.
9-مشكلات الذاكرة.
10-التضارب وعدم الترابط.
أسباب اضطراب فرط الحركة وعجز الانتباه:
1-الإصابات الدماغية: قد ينتج من خلال إصابة المنطقة الأمامية من الدماغ، وهي من أكثر المناطق تعقيدا، وقد تحدث هذه الإصابة من خلال السقطات المتكررة للطفل في سنين حياته الأولى سواء في البيت أو الحضانة أو الروضة.
2-التدخين وتعاطي الكحول: أشارت الدراسات على أن الأطفال الذين ولدوا لأمهات مدخنات أو ممن يتعاطون الكحول والمخدرات يكونون أكثر ميلا لظهور هذا الاضطراب.
3-التسمم بالرصاص: يزيد ارتفاع نسبة الرصاص في الدم لدى الأطفال من ظهور هذا الاضطراب، ويعتمد ذلك على مناطقهم السكنية القريبة من دخان المركبات والمصانع.
4-الصدمات والمضاعفات أثناء الحمل والولادة: قد يؤدي تناول الأم الحامل للعقاقير أثناء الحمل دون استشارة طبيّة أو تعرضها لتسمم الحمل ، أو لأمراض معينة أو الاشعاعات ، بالإضافة لتعرض الأم لصدمات كل ذلك مجتمعا أو منفردا يؤدي إلى ظهور هذا الاضطراب لدى الطفل.
5-العوامل الغذائية: في بعض الأحيان يمكن الربط بين هذا الاضطراب والحساسية لبعض أنواع الأطعمة التي تحتوي على نكهات وأصباغ صناعية.
6-العوامل الوراثية: أشارت الأبحاث التي بحثت في العلاقة بين العوامل الوراثية وهذا الاضطراب إلى أن ما بين حوالي 55% إلى 92% من أعراض هذه المشكلة مرتبطة بعوامل وراثية.
7-العوامل الكيميائية: وجد من خلال الدراسات أن مادة (الدوبامين) هي المسؤولة عن هذا الاضطراب عند الأطفال ، فضعف إفراز هذه المادة يؤدي إلى خلل في السيالات العصبية ، وبالتالي حدوث تنبيه ضعيف لخلايا الدماغ العصبية المسؤولة عن الانتباه.
معايير تشخيص اضطراب فرط الحركة وعجز الانتباه:
وضعت الجمعية الأمريكية للطب النفسي المعايير الأساسية التي يتم على أساسها تشخيص هذا الاضطراب ، وقد نشرت هذه المعايير في الدليل التشخيصي الإحصائي للاضطرابات العقلية في كافة طبعاته وتم اعتماده في آخر طبعة (DSM5)، وحددت ثلاثة أبعاد رئيسية لهذا الاضطراب وهي: عجز الانتباه، والاندفاع، وفرط الحركة.
وقد حددت الجمعية معايير رئيسية من خلال المساعدة في تشخيص هذه الأبعاد والاستدلال على وجودها وهي:
1-أن يتوفر لدى الطفل إما خصائص عجز الانتباه بشكل منفرد، أو فرط الحركة المصحوب بالاندفاع بشكل منفرد ، أو تجتمع لدى الطفل الخصائص المميزة لكل من عجز الانتباه أو فرط الحركة معا.
2-يجب ظهور أعراض الاضطراب في مرحلة مبكرة من العمر ، أي قبل السنة السابعة من عمر الطفل .
3-يجب ظهور هذه الأعراض في أكثر من بيئة أو مكان ، حيث يجب أن تظهر في مكانين أو أكثر من الأماكن الآتية: البيت، المدرسة، والمجتمع، ومكان العمل أيضا بالنسبة للراشدين.
4-يجب أن يكون هناك دلائل على وجود قصور واضح في أداء الفرد في واحدة أو أكثر من المهارات التالية : المهارات الأكاديمية، المهارات الاجتماعية، المهارات العملية ، والمهارات الرياضية.
5-يجب أن تستمر لأكثر من (6) أشهر متواصلة.
علاج اضطراب فرط الحركة وعجز الانتباه:
يعتمد علاج الطفل المصاب بهذا الاضطراب على نتيجة تشخيصه، فقد يحتاج الطفل للجمع لأكثر من طريقة من الطرق التالية:
1-برنامج دوائي من خلال تناول الأدوية المعروفة الخاصة بهذا الاضطراب تحت رعاية واستشارة طبية متخصصة.( يوجد لمثل هذه العقاقير أعراض جانبية مثل : الأرق، وضعف الشهية) ولكن يمكن التغاضي عن هذه الأعراض مؤقتا لحين انتهاء فترة العلاج، والتي قد تستمر لسن البلوغ (13 سنة تقريبا).
2-برنامج تعديل سلوك ويشمل المدرسة والمنزل ، بالإضافة لإعداد خطة تربوية فردية للطفل .
3-جلسات علاجية نفسية للطفل والوالدين ليتمكنوا من التعامل والتعايش مع ما يعانيه طفلهم من هذا الاضطراب.
الاعتبارات التربوية:
في مثل هذه الحالات يجب تهيئة البيئة المدرسية( المعلمون، الطلبة، والبيئة المادية) لاستيعاب سلوك مثل هؤلاء الأطفال، والتعاون من أجل تخطيهم مرحلة العلاج بسلام.
المرجع: أساسيات التربية الخاصة: (يحيى القبالي وآخرون ،2012م)