كتاب إدارة التغيير التربوي في المدرسة للدكتور حمد بن دباس بن حمد السويلم

كتاب إدارة التغيير التربوي في المدرسة للدكتور حمد بن دباس بن حمد السويلم

كتاب: إدارة التغيير التربوي في المدرسة

للدكتور حمد بن دباس بن حمد السويلم

تقديم الدكتور محمود المسّاد

مدير المركز الوطني لتطوير المناهج في الأردن

لقد رافقت هذا الكتاب للدكتور حمد بن دباس بن حمد السويلم منذ إعداده أطروحة لنيل درجة الدكتوراه، واطلعت على فكر الكاتب وخبراته المتميزة في مجال الإدارة نظريًّا عمليّا، ووجدت العمق في التفكير والتطلّع الجادّ للتغيير والتحديث، وشاهدت تجاربه العملية في المدارس التي كان يشرف عليها، وتأكدت أنّ في المملكة من يستطيع إحداث التغيير من القيادات الفنية التي تعمل ميدانيّا وتترك أثرًا في مؤسسة المدرسة، إن قادة التغيير في الميدان التربوي هم الثروة الحقيقية الأبرز في عالم اليوم وعالم المستقبل، لهذا سُعدْت كثيرًا عندما وجدت هذا الجهد العلمي وهذه الخبرة التربوية في الإدارة والقيادة قد تم جمعها وتوثيقها في كتاب يرجع إليه المهتمون وقادة الميدان الطامحون لتطوير مؤسساتهم وتحقيقها لأهدافها في إعداد الجيل المعرفي الذي يتصدى لمسؤولية بناء مجتمع الرفاه وإنتاج المعرفة

وإنني أشعر بالسعادة الغامرة وأنا أُقدّم للقارئ هذا الكتاب المرجع التطبيقي الذي يسعف كل من يرغب بإحداث التغيير على مستوى المدرسة، ومن جانب آخر فإنني أكثر سعادة وأنا أقدم للميدان التربوي ورجالاته كاتبًا خبيرًا ملمًّا بالإدارة والقيادة التربوية نظريًّا وعلميًّا، فضلاً عن العديد من السمات والخصائص للكاتب التي يستشفها القارئ بسهولة من خلال عرض محتوى الكتاب مثل: الرصانة، والوضوح، والدقة، والعمق، والانفتاح، وسعة الاطلاعوغيرها الكثير

ولكي لا أنوب عن الكاتب فإني أعرض تاليًّا مقدمة الكتاب التي توضح مضمونه، آملًا أن يلقى هذا الجهد العلمي المتميز ما يستحق من الاطلاع والفائدة

مقدمة الكتاب (إدارة التغيير التربوي في المدرسة 2019)

يُعّد التغيير سنة من سنن الحياة اليومية، ويتجلّى في صور عدَّة، منها: التغيير في الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، والتغيير في أنماط الاستهلاك، والتغيير في وسائل الاتصال، والتغيير في أنماط إدارة المؤسسات، ولا شك في أن مؤسسات الأعمال تمثّل عناصر مهمة في الحياة الاقتصادية؛ ذلك أنها نُظُم مفتوحة تواكب التغيير بصورة مستمرة، وتنمو، وتتطور، وتتفاعل مع الفرص وتحديات بيئتها التي تنشط فيها، فالتغيير ظاهرة طبيعية تقتضي تحوُّل تلك المؤسسات من وضع قائم إلى وضع آخر مستهدف، قد يضمن لها البقاء والاستمرارية في بيئة مضطربة معقدة

يعدُّ التغيير أيضًا أحد أهم عناصر العملية الإدارية، بل يُنظر إليه اليوم بوصفه العنصر الأهم في تقرير نجاح الإدارة أو فشلها في مجال تطوير المؤسسات، أو استمرار نجاحها في المنافسة والتحديث

يُذكر أن التغيير هو العملية الوحيدة المستمرة في المؤسسة، والمؤسسة الفعالة هي التي تتخذ خطوات متأنية لإدارة التغيير بسلاسة. ويمكن لعملية التغيير أحيانًا أن تحدث صدامًا، وقد يكون الهدف الأدنى لمحاولات إدارة التغيير هو تخفيف آثاره على المؤسسة والموظفين؛ ما يحتم على إدارة التغيير أن تعي محتوى التغيير ومراميه ومستوياته، وأن تقتنع به، وتُقنِع المتعاملين به قبل البدء بتنفيذه (مساد، 2003)

إن البدء بعملية التغيير لا يعني الاعتماد فقط على القائد الذي يميل إلى التغيير (مدير المدرسة، وقيادة المدرسة)، والذي تسانده آليات التغيير الفعّالة، وإنما يعني الاعتماد على العاملين (المعلمين، والمعلمات، ومن يساندهم في عمليات التعلم والتعليم)، وهذا يؤكّد أن أهم ما في هذا المجال هو تصرفاتهم وممارساتهم، إلى جانب توفير الدعم اللازم لهم. وتأسيسًا على ذلك، فإنّ أهم أهداف إدارة التغيير هو تحقيق الالتزام بالتغيير (سيد الهواري، 1996)

تتطلب إدارة التغيير الناجحة مراعاة ما يأتي

أنواع التغيير الرئيسة

كيفية تأثير التغيير في الأفراد

عملية التغيير

كيفية إيجاد الالتزام بالتغيير

يتفق معظم المهتمين بالبحث في مجال التغيير على وجود نوعين رئيسين للتغيير، هما: التغيير الاستراتيجي، والتغيير الوظيفي

أمّا التغيير الاستراتيجي فيعني التغيير طويل الأمد للقضايا الرئيسة ذات البُعْد المستقبلي، التي تتطلب قدرات استشرافية من مدير المدرسة، بوصفها المحرك الرئيس لعمل المدرسة، والمؤثر الأساس في مستوى أدائها؛ لذا يمكن تعريف التغيير الاستراتيجي بأنه الرؤية الاستراتيجية للمؤسسة، بما في ذلك هدف المؤسسة، ورسالتها، وفلسفتها المشتركة عن النمو والجودة، والابتكار، والقيم التي تخص العاملين، واحتياجات الفئات المستفيدة، والتقنيات المستخدمة (علي عبد الوهاب، 1996-205)

يستند التغيير الاستراتيجي إلى عوامل عدَّة، هي: البيئة الخارجية، والموارد الداخلية للمؤسسة، والإمكانيات، والثقافة، والهياكل، والأنظمة الخاصة بها. ويتطلب التنفيذ الناجح للتغيير الاستراتيجي تحليلًا وتفهُمًا كاملين لهذه العوامل في مرحلتي التكوين والتخطيط (يحيى عبد الكريم،203-38)

للمزيد من التوضيحات لآليات حدوث التغيير، نستعرض ما قررته نظرية (باندورا) للمعنيين بإدارة التغيير

كلما توثقت الصلة بين تصرف معين ونتيجة ازدادت احتمالات قيامنا بهذا التصرف

كلما اشتدت رغبتنا في تحقيق النتائج ازدادت احتمالات قيامنا بهذا التصرف الذي نعتقد أنه يؤدي إلى هذه النتائج

كلما ازدادت ثقتنا في القيام بتصرف جديد فعليًّا ازدادت احتمالات محاولتنا القيام به

وهذا يقودنا إلى توجيه النظر إلى مداخل التغيير في تصرفات العاملين وسلوكهم؛ إذ يجب علينا: تغيير البيئة التي يعملون بها، ثم إقناعهم أنهم قادرون على القيام بالتصرف الجديد (التدريب مهم في هذه الحالة)، ثم إقناعهم أنّ هذا التصرف سيؤدي إلى نتيجة تنال رضاهم. صحيح أن تطبيق ذلك ليس سهلًا لكننا بحاجة إلى بذل المزيد من الجهود إذا رغبنا في إحداث التغيير المطلوب

وتأسيسًا على ذلك، فإنه يسهل فهم عملية التغيير وإدراكها على أساس أنها عملية تحليل الماضي لاستنباط التصرفات المطلوبة للمستقبل” (روزابث)، وإن عملية التغيير يجب أن تُعنى بالتحرك من حالة حاضرة إلى حالة انتقالية حتى نصل إلى الحالة المنشودة مستقبلًا (سعيد عامل، 1995-36)

وبعبارة أخرى، فإن عملية التغيير تعني تبدل الحال؛ سواء سعينا إلى ذلك أم سعى إليه غيرنا، وكان بطلب منا واجتهاد. أو فُرض علينا، وسواء اقتضته الضرورة داخليًّأ وخارجيًّا، أو كان ترفًا بغرض التغيير فحسب” (مساد، 2003)

وهنا تبدأ العملية بإدراكنا الحاجة إلى التغيير، وتحليل هذه الحالة والعوامل التي أوجدتها، بتشخيص الصفات المميزة للموقف (عناصر القوة والضعف)، وبيان الاتجاه الذي تتم فيه هذه التصرفات. ثم يمكننا تعرُّف الطرائق الممكنة للتصرف، وتقييمها، واختيار أفضلها

ومن الضروري أن نقرر بعد ذلك كيفية الانتقال من حالة إلى أخرى. والحقيقة أن إدارة عملية التغيير في هذه الحالة الانتقالية تمثِّل مرحلة حاسمة في هذه العملية؛ إذ تنشأ مشكلات إدخال التغيير التي يجب التغلب عليها، والتي يمكن حصرها في مقاومة التغيير، وفترات الاستقرار البسيطة، ومستويات الضغط المرتفعة، والطاقة غير الموجهة، والصراع للإبقاء على ما كان، وفقدان القوة الدافعة

وهنا تكون الحاجة إلى بذل كل ما يمكن من جهد لمقاومة ردود الأفعال والمعوقات المحتملة لإدخال التغيير (طارق السويدان، 2001-56)

ينظر إلى اتجاهات العاملين نحو التغيير نظرة مهمة دقيقة؛ إذ لا يكفي أن تكون إدارة التغيير وقيادته مؤمنة به، ومجتهدة فيه، ومبشرة به، وإنما يتعيَّن أن تكون اتجاهات العاملين والمتعاملين معه إيجابية؛ يحكمها اندفاع وتفاعل نشط، ويستعجلها ويضبط إيقاعها قناعة وثقة وانسجام (مساد،2003)

لقد تساءل ميشيل بيير هو وزملاؤه في مقالة تمهيدية نشرتها مجلة هارفارد بيزنس ريفيو: لماذا لا تُحدِث برامج التغيير تغييرًا؟ ولاسيما أن معظم هذه البرامج التي توجهها نظرية التغيير تتصدع أساسًا. ومن ثَمَّ تقرر هذه النظرية أن التغييرات يُشبه تجربة التحول، فما إن يلتزم به الناس حتى ما تتابع التغييرات في تصرفاتهم (عبد الحليم الخزامي، 1998-245)

إن التصرف الفردي في الحقيقة ترسخَّه تمامًا الأدوار التنظيمية التي يقوم بها الأفراد؛ لذا فإن الطريقة الفعالة لتغيير التصرف هي وضع الأفراد داخل إطار تنظيمي جديد يفرض عليهم أدوارًا ومسؤوليات وعلاقات جديدة. وهذا يفضي –بمعنى آخرإلى نشوء موقف يفرض مواقف وتصرفات جديدة على هؤلاء الأفراد

يحدَّد بيير هو وزملاؤه ست خطوات للتغيير الفعال، تركز على ما يسمونه تنظيم المهام؛ أي إعادة تنظيم أدوار العاملين والمسؤوليات والعلاقات لحل مشكلات العمل المعنية في الوحدات الصغيرة؛ للتمكن من تخديد الأهداف والمهام تحديدًا واضحًا. والهدف من الخطوات المتداخلة الآتية هو بناء دورة معزَّزة تعزيزًا ذاتيًّا للالتزام والتنسيق والكفاءة

 والا – تهيئة الالتزام بالتغيير عن طريق التحليل المشترك للمشكلات

 ثانيا – إيجاد رؤية مشتركة للتنظيم والإدارة وتحقيق الأهداف، مثل إيجاد روح المنافسة

 ثالثا – توفير الإجماع على النظرة الجديدة والكفاءة لتشريعها، ثم التقدم بها

 رابعا – نشر الحيوية والعزم الجاد على الأقسام جميعها من دون دفعها من القمية لكيلا تفرض الخلافات وجعل كل قسم يكتشف طريقة للنظام الجديد (إبراهيم سلطان، 1996-213)

 خامسا – تأسيس الحيوية والعزم الجديد عن طريق السياسات والأنظمة والهياكل الرسمية

 سادسا – مراجعة الاستراتيجيات وتعديلها وفقًا للمشكلات الناجمة عن عملية التغيير

إن المدخل الذي اقترحه ميشيل بيير هو وزملاؤه يعدُّ مدخلًا أساسيًّا إلى الإدارة الفعالة للتغيير؛ ما يدفع باتجاه إجمال الخطوات اللازمة لإحداث التغيير الأنسب بحسب رؤية الباحث لإجراء هذا البحث في ما يأتي

 اولا استيعاب عمليه التغيير ومحتواها ومتطلباتها وما يترتب عليها وآليّات تنفيذها ووسائل متابعتها وتوجيهها من قبل إدارة التغيير

 ثانيا الاقتناع بها وبجدواها الايجابي على مؤسسات المدرسة والعاملين فيها والطلبة التي يدرسون فيها، وأولياء أمورهم

 ثالثا العمل على اقناع أطراف عمليه التغيير في المدرسة المعلمون والطلبة بها

  رابعا التدريب اللازم لأطراف العمل بغرض سلامه التنفيذ

  خامسا المتابعة والتوّجيه في أثناء التنفيذ وفق آليات وخطط إجرائية وزمنية واضحة مُعلنة

  سادسا التشجيع المستمر باعتماد نظام تحفيز فعال

  سابعا التقويم المرحلي، والأخذ بالتغذية الراجعة والتعديل وفقها

اداره التغير التربويون العرب

وبوجه عام فإنّ هذا الموضوع تحديدًا (التغيير) يحتاج إلى قناعات راسخه ودافعية قوية تحكم السلوك المنسجم مع التغيير، وبوصفه يمثل عادات جديده وقواعد سلوكية لم يعرفها المعنيون في أعمالهم وممارساتهم وحتى أفكارهم؛ ولذلك فقد استند البحث إلى جملة من الافتراضات نحصرها في ما يأتي

يعد اختيار العاملين بالمدرسة لسلوكهم اختيارًا واعيّا

يستمد العاملون مرجعية سلوكهم من البيئة التي يعملون فيها

يتحمس العاملون لاختياراتهم استنادًا إلى أهميتها لهم وأثرها في مصالحهم

يعتمد مستوى الاندفاع في سلوك العاملين نحو التغيير على تقديرهم لقدراتهم، أو حتى معرفتهم لذواتهم

يؤثر في اقدام العاملين نحو السلوك المطلوب أو إحجامهم عنه توقُعُهم العواقبَ المترتبة عليها

أقرا المزيد

You May Also Like