أهمية نماذج التعلّم في العملية التعليمية
بقلم الدكتور يحيى القبالي
يحاول المختصون في مجال التربية والتعليم توفير كل ما من شأنه العمل على انجاح العملية التعليميّة على أتمّ وجه وبأقل جهد ووقت، مستثمرين ما خلصت إليه نتائج الأبحاث والدراسات النظرية منها والتطبيقيّة، وقد ساهمت هذه الدراسات بتعريفنا على ما يسمّى بنموذج التعلّم ، فما هو نموذج التعلّم؟
إن نماذج التعلّم هو الطريقة التي يتأثّر بها الفرد أثناء تعلّمه، وفي حين توافرت كافة مكونات هذا النموذج يكون التّعلّم في قمّة أوجه وتألقه، فلكل فرد نموذجه في التّعلّم ، ويختلف هذا النّموذج باختلاف الأفراد فنماذج التعلّم تقرر الكيفية التي يبدأ فيها الفرد تركيزه في كل مرّة يواجه فيها معرفة جديدة أو مهمّة صعبة ينبغي أن يكتسبها أو مهارة يجدر به اتقانها، إن الأطفال يحسنون التّعلّم حين يستعملون نموذجهم في التّعلّم، وبخلاف ذلك تراهم يدرسون ولكنّهم غالبا ما ينسون ما كانوا يسعون إلى تعلّمه ، وباختصار مفيد فإن نموذج التعلّم هو الوضع البيئي والنفسي والجسدي الذي يكون فيه الفرد مهيّأ للتعلم بشكل مجدي وفعّال.
إذا دعونا نستعرض سويا مكونات نموذج التعلّم للأفراد:
أولا – البيئة المباشرة: وتشمل العناصر التالية: الأصوات من حولنا، الضوء، الحرارة، الوضع الرسمي والوضع غير الرسمي، والهيكلة
ثمة أفراد يعزلون أنفسهم عما حولهم وينهمكون في عملهم دون الالتفات للأصوات والضوضاء وينجزون مهماتهم على أكمل وجه، وفي المقابل نجد أفرادا آخرين يتحسسون من كل همس وينفرون من البيئة الصائتة وضوضائها، فإنجاز مهماتهم مرهون بالهدوء التام من حولهم، وهذا الأمر ينطبق على الإضاءة، والحرارة من حولهم كذلك، وبعضهم يفضّل الدراسة في الوضع الرسمي المتمثل بالكرسي والطاولة والسبّورة، بينما يستهوي الوضع غير الرسمي فئة أخرى من الطلبة حيث يفضّلون الاستلقاء أرضا أثناء الدراسة ، أو على الأريكة، أو الجلوس بأوضاع مخالفة للوضع الرسمي وبهذا الوضع يصل انجازهم إلى ذروته
ثانيا – الانفعال: مكونات الانفعال: الدافعية، المثابرة، المسؤولية
ترتبط الدافعية بالتحصيل وهي بالأصل من مكونات التعلّم الأساسية فبدونها ينسحب الطلبة من التعليم ويصبحون عدوانيين، وقد يتسربون من السلّم التّعليمي بالكليّة، في مقابل ذلك نجد طلبة آخرين مندفعين للتعلّم بشغف منقطع النظير لا يثنيهم عن أهدافهم أي عائق.
وتختلف المثابرة عن غيرها من العناصر الانفعالية فهي العنصر الوحيد الذي يرتبط بثبات مع نسب الذكاء، ومن الملاحظ أن التدخل الإيجابي بالتعزيز يزيد الدافعية وذلك من شأنه زيادة المثابرة تدريجيا.
كثير من الطلبة يتحينون الفرصة لتحمل مسؤولية ما، وأقدر الناس على تلمّس ذلك ومعرفته هم المعلمون، فهم الذين يتابعون باستمرار واجبات طلبتهم ويعرفون من منهم ينهي هذه الواجبات بأحسن ما يستطيعون ، وغالبا ما يحقق الطلبة ذلك دون وجود إشراف عليهم ، إن مثل هؤلاء الطلبة يتحملون المسؤولية و يتطلبون فقط:
أ–هدفا واضح الصياغة، أو مهمة يمكن فهمها وإتقانها
ب–مصادر تقدّم المعلومات المطلوبة على مستوى يمكن التكيّف معها
ج–فترة زمن مقترحة لإنجاز المهمة
د–إشارة إلى الموقع الذي يمكن أخذ المساعدة منه إذا تعسّرت المهمة
ه–اقتراحات لتقييم أنفسهم لملاحظة مدى تقدّمهم والجوانب التي تتطلب مزيدا من الجهد والّدراسة
و–الطرق البديلة التي يمكن أن يتبعوها في انجاز أهدافهم
ويعتمد كثير من الطلبة على انجاز مهماتهم على الهيكلة، فمنهم من يحبون أن يعلموا تماما المتوقع منهم قبل أن يبدؤوا المشروع أو المهمّة، ويلتزمون بكل خطوة ولا يحيدون قيد انملة عن المخطط الذي تم رسمه لهم، ومنهم من يرغبون بمعرفة الهدف النهائي للمهمة المكلفون بها ويختارون الطرق التي تناسبهم لإنجاز المهمة، وهناك من يحتاج إلى هامش واسع من الحرية ليبدع ويستكشف.
ثالثا- الحاجات الاجتماعية: يتشابه البالغون والأطفال على حد سواء في تفضيلاتهم الاجتماعية، فبعضهم لا يفضلون الدراسة مع آخرين حتى أنه لا يمكنهم التركيز أو الاستيعاب ، ويفضّلون الدراسة فرادى، وفي الجانب الآخر نجد بعض الطلبة يفضّلون الدراسة ضمن جماعات ومجموعات ويستمتعون في ذلك أيما استمتاع ، ومع كل ذلك فليس المهم مع من يدرس الطالب، ولكن المهم أن يتعلّم بالفعل
رابعا – العناصر النفسية: وتشمل🙁 الميول، التفضيل النصفي للدماغ، الاندفاعية والتأمل)، تختلف العناصر النفسية من فرد إلى آخر وتتنوع هذه الميول حسب تفرده في هذا الكون، فلن نجد فردين في هذا الكون متطابقين تماما لا نفسيا ولا جسديا، وكثيرا ما يقف المعلمون وقد غمرتهم الحيرة بعد تقديم بعض الدروس التي قاموا بشرحها لطلبتهم، فوجدوا اختلافا كبيرا بين فهم واستيعاب تلك المجموعة عن المجموعة الأخرى بالرغم من تشابه كافة الظروف وهنا يتساءل المعلم : ما الذي حدث؟ في مثل هذه الحالة فإن للميول النفسية الدور الأكبر للإجابة عن مثل هذا التساؤل، فما هي العناصر النفسية وما مكوناتها؟
أ–الميول : لقد تبين من خلال الدراسات المعمّقة وبخاصة الدراسات الطولية منها أنّ ميول الأفراد تقسم إلى قسمين رئيسيين: ميول كليّة، وميول تحليلية
الميول الكلية: وهم أولئك الذين يفضّلون المختصر المفيد، ويرغبون في سماع القصة كاملة ثم يناقشون باختصار، فإذا سألت مثلا أحد الطلبة ذوي الميول الكلية ، كيف حضرت إلى المدرسة اليوم؟ فيجيب باختصار أحضرني أبي بسيارته
الميول التحليلية: وهم أولئك الذين يفضلون سماع كل الأحداث بالتفصيل الممل وما بين السطور ، ويناقشون باستمرار ويصّرون بإلحاح شديد على كافة التفاصيل باستمتاع وانغماس، لا ينفكون عن الاستفسار ولا يهدأ لهم بال ما دام في جعبتهم أي تساؤل
ولنكرر نفس الموقف السابق بالسؤال لأحدهم، كيف حضرت إلى المدرسة اليوم؟ فيجيب بكل التفاصيل المملة والتي تعتبر حمولة زائدة في نظر المعلّم وحشوا لا فائدة منه ، حيث يجيب: أيقظتني أمي صباحا مثل كل يوم وكان الجو باردا بعض الشيء، وغسلت وجهي، واستبدلت ثيابي، وتناولت فطوري المكّون من….الخ. ولسان حال المعلم يقول: ليته سكت
وهنا نتوقف قليلا ونسأل أنفسنا كتربويين، كيف نتعامل مع هذه الميول، فثمة اختلافات بين الطلبة، والتجانس فيما بينهم محدود نوعا ما وبخاصة في العناصر النفسّية، فكيف إن كان المعلم نفسه ذو ميول كليّة، أو ميول تحليلية؟
وهذا الحال ينطبق على أفراد المجتمع كافة، ونلاحظه جليا بين الأزواج فكثيرا ما تنشب المشكلات بينهم من خلال اختلاف ميولهم، والعكس صحيح عندما نرى زوجين متآلفين يسود بينهما المحبة والتفاهم لأبعد الحدود وذلك بسبب تلاقي ميولهما ، فهما– ان كانا تحليليان– يستمتعان بالحديث ويستغرقان فيه دون حساب للوقت، وقد تعاد القصة والحدث أكثر من مرة أثناء حديثهم وفي كل مرة يلبسون هذا الحدث أو القصة ثوبا جديدا دون كلل أو ملل، ويفهم كل منهما الآخر بمجرد الإيماء، وفي المقابل قد نجد زوجين – كليين– يجلسان ساعات طويلة مع بعضهما وعلى أريكة أو طاولة واحدة دون أن ينبس أحدهما ببنت شفة ، ويقتصر الحديث بينمها على أساسيات الحياة فقط، ويسود بينهما الود والتفاهم
أما في حال اختلاف الميول بين الزوجين فالحياة لا تطاق وينشأ الخلاف بينهما، ويسود اختلاف الرأي، ويبحثان عن نقاط تلاقي بينهما فلا يجدان، ويمكننا هنا القياس على المجال التربوي أيضا، فالمعلم ذو الميول الكليّة قد ينهي موضوع درسه بدقائق ويخلق المواقف لإنهاء حصته، أما المعلّم ذو الميول التحليلية قد يفاجئه قرع الجرس إيذانا بانتهاء الحصة وهو لم يكمل بعد فكرة الدرس لأنه توسع كثيرا أو لأنه استمتع بمداخلات طلابه
التفضيل النصفي: لقد شهدت العقود الأخيرة تطورات علمية واسعة في فهم العقل البشري، وأكدت الدراسات أن نصفي الدماغ يؤديان وظائف متنوعة ويتصف أحدهما بمستوى من الإثارة أعلى من الآخر، وأن هذه الفروق في وظائف الدماغ تعزى جزئيا إليها الفروق في أساليب التعلّم الفردية بين الناس، فالطفل ذو الاستثارة في الجانب الأيسر من الدماغ يمكن أن يكتسب مهارات القراءة بشكل أسهل بالطريقة الصوتية التحليلية ، بينما الطفل ذو الاستثارة في النصف الأيمن للدماغ يمكن أن يتعلّم القراءة بشكل أفضل بالطريقة البصريّة، وأثبتت الدراسات بأن كلا الفريقين يتعلمان تحت ظروف مختلفة جدا عن بعضهما البعض، فعلى سبيل المثال : فإن الطلبة الذين يغلب فيهم تفضيل النصف الأيمن للدماغ
يكونون أقل ازعاجا من الصوت عند الّدراسة، بل ربما يحبون أشياء تبدو مشتّتة لمن يغلب فيهم تفضيل النصف الآخر من الدماغ مثل: الضجيج والحركة والطعام أثناء التعلّم
غالبا ما يفضلون النور الخافت
يحتاجون غالبا وضعا غير رسمي
هم أقل دافعية في ظروف المدارس التقليدية من ذوي النصف الأيسر
أقل مثابرة
يفضلون التعلّم مع زملائهم
يفضلون التنبيه اللمسي أكثر من التنبيه السمعي أو البصري في مستوى المدرسة الثانوية
الاندفاعية مقابل التأمل: يميل المعلمون غالبا إلى الطلبة الهادئين الذين لا يشكّلون عبئا على سير الحصة الدّراسية، وغالبا ما يعتبرونهم بأنهم أذكياء لأنهم يسلكون بطريقة تأملية، ويبدون أكثر تجاوبا مع الضوابط، ويجد المعلمون التقليديون صعوبة في التسامح مع الطلبة الاندفاعيين هؤلاء الذين يتحولون إلى مزعجين ويتصرفون بعفوية ويعملون قبل أن يفكروا
ولا يمكننا الحكم هنا على رأي المعلم فيما إذا كان يعتبر هذه الصفات إيجابية أم سلبية ، فلكل موقف تعليمي ظروفه الخاصة التي تصنّف هذه السلوكيات حسب الموقف التعليمي
خامسا – الخصائص الجسميّة: لو عدنا بذاكرتنا قليلا إلى الوراء وتفحصنا بعض سلوكياتنا سواء كنا طلبة، أو معلمين أو آباء ، فإننا بلا شك سنلاحظ وندرك تماما تلك الاختلافات التي كنا نظنها مستهجنة ، وتدفعنا إلى الحديث عنها بشغف، وبعضها يدفعنا إلى الاستغراب إلى حد النكران، وبعضها يستوقفنا مليّا لمعرفة كنهها، ومن هذه المواقف : أنّ هذا الطفل كان لا يعجبه أن يذاكر إلّا في غرفة المعيشة حيث الضجيج، والطّعام، والعائلة، والتلفاز… ومع ذلك كان إنجازه رائعا، وفي المقابل كنا نلاحظ طفلا آخرا لا يمكنه المذاكرة إلاّ في جو من الهدوء التام ويغلق على نفسه باب الغرفة، ويزعجه أي صوت ولو كان عابرا كصوت الطائرة مثلا، أو منبه السيارة… الخ وآخر لا يمكنه الجلوس أثناء المذاكرة إلا بوجود الحركة الدائمة فنجده يذاكر للامتحان–مثلا– في الشارع أو في مناطق خالية مع المشي والحركة الدائمة، وآخر نجده يلخص ويكتب كل ما يقرأه ويعيد كتابته مرات ومرات، وآخر يعلّق ما كتبه على الجدار وينظر إليه في كل مرة… الخ
هذه المواقف تقودنا إلى القول بأن الأفراد يتعلمون عبر حواسهم المختلفة، وهناك نسبة تراوح بين 20-30% ممن هم في سن الدّراسة يتذكرون ما يسمعون ، و40% يتذكرون ما يرون أو يقرؤون وهناك الكثير ممن يحب أن يكتبوا أو يستخدموا أصابعهم بطريقة حركية معينة لكي يساعدوا أنفسهم على التذكر. ونعلم كتربويين بأن التعلّم يتناسب طرديا مع عدد الحواس المستخدمة
إن هذه القوى الإدراكية هي نفسها قنوات التعلم لدى الأفراد، فمنهم السمعيون، والبصريون، واللمسيون ، والحركيون، وعند الإشارة بأن هذا الطفل سمعي، فنعني بالقول هنا أنه يتعلم عن طريق القناة الإدراكية السمعية أكثر من باقي حواسه، وهذا القول ينطبق أيضا على البصريين، واللمسيين، والحركيين. فتكون قناة إدراكية أقوى من غيرها على التّعلم، وفي الوقت نفسه فإن باقي القنوات تعمل ولكن ليس بنفس كفاءة القناة الإدراكية الأقوى
المتعلمون السمعيون
يعتمد كثير من المعلمين إلى التلفظ بالأمور التي يريدون لطلبتهم تعلّمها أو تذكرها، ولكن هل يتعلم معظم الناس بالإصغاء؟
يعرّف المتعلّم السمعي بأنه الشخص الذي يتذكر على الأقل 75% مما يناقش أو ما يسمع خلال فترة (40 – 45) دقيقة.
إن المتعلمين السمعيين يتذكرون ما يسمعون ويستطيعون إعادة ما سمعوه في مناقشات أو مواقف لاحقة ، فالقناة الإدراكية السمعية لديهم أقوى من القنوات الأخرى، فهم يختزنون الكلمات في أدمغتهم بنفس طريقة المسجل ويستخدمونها متى أرادوا ، وأن الطلبة الذين يتعلمون بسهولة وكفاءة بالاستماع يجب أن تقدّم لهم المعلومات الجديدة بالاستماع إليها، ومن المفيد تشجيع الطلبة السمعيين على قراءة المواد المطبوعة بصوت مسموع وتسجيلها على شريط، وثم يعمدون إلى استرجاع ما قرأوا ويصغون إليه ثانية
ونلاحظ بأن الطلبة السمعيون يرفعون أصواتهم عند مذاكرتهم للاختبار ويعيدون ما قرأوه مرات ومرات بصوت مرتفع، ويحبّون أن يسمّع إليهم آخرون ليتأكدوا من حفظهم للمعلومات، ويتذكرون ما قاله المعلّم داخل غرفة الصف بكافّة تفاصيله
المتعلمون البصريون
هم أولئك الذين يتعلمون بسهولة بالرؤية والملاحظة، ويتذكرون ما يرونه ويستطيعون استعادة تفصيلات ووقائع كثيرة منه بالتركيز على الأشياء التي رأوها ، فهم يستطيعون تذكر صفحات الكتاب التي تحتوي اجابات الاختبار بكل تفاصيلها، وربما برقم الصفحة أيضا والسطر، ويضعون في كل مرة إشارات فارقة على بعض الصفحات أو الفقرات
ويذكر لنا التاريخ بأن الإمام الشافعي كان بصريا، حيث أنه كان يحفظ كل ما يقع بصره عليه لدرجة أنه كان يخفي صفحة الكتاب المقابلة عند القراءة بيده اليسرى خوفا من أن يقع بصره عليها فيحفظها فتختلط عليه الأمور وكذلك كان الشاعر الكبير المتنبي أحمد بن الحسين
المتعلمون اللمسيون
وهم أولئك الذين يسهل عليهم التّعلّم باللمس، فهم يستعملون أصابعهم وأيديهم ويركّزون في العادة على ما يفعلونه بأيديهم ويتذكرون بسهولة أكثر عندما يكتبون أو يخربشون أو يحركون أصابعهم وتستميلهم الأعمال المهنية مثل الخياطة، والتصليح، والصميم، والرّسم والتشكيل، ، واللعب بالتراب والصلصال …ويتتبعون كل كلمة أثناء دراستهم بأصبعهم، وكثيرا ما نلاحظهم يتتبعون الكلمات على شاشة الحاسوب بالفأرة ويقعون في أخطاء كثيرة إذا ما أجبروا على التخلي عن استخدام أصابعهم أثناء القراءة
المتعلمون الحركيون
تغلب على الطّلبة في الصفوف الدنيا الحركة والتململ بشكل عام ، فهي صفة عامة للطفولة، ومن الأمور المؤكدة أن معلمي هذه الفئة العمرية يكونون مدربين من خلال مساقات جامعية نظريا وعمليا على التعامل مع تلك المواقف قبل انخراطهم بمهنة التدريس، و قد يكون من ضمن هؤلاء الّطلبة من يعاني من اضطراب فرط الحركة وعجز الانتباه، وبحاجة إلى برنامج علاجي( دوائي– سلوكي) ، وعودة على بدء فإن هؤلاء الطّلبة لا تعيق الحركة تعلّمهم وقد يكونون أول من يجيب على سؤال المعلم في الوقت الذي يظن فيه المعلّم بأنهم لا يلقون له بالا، وتستهويهم الأعمال الي تتطلب حركة ونشاطا، كالتمثيل والتقليد، والرحلات والبناء ، ويعّبرون عما يجول في أفكارهم بلغة الجسم، ومثل هؤلاء الأطفال لا يترك لهم الحبل على الغارب ، بل هم بحاجة لمراقبة وملاحظة من قبل المربين ضمن حريّة مقيدّة
مثال تطبيقي على أشكال التعلّم من خلال القوى الإدراكية( البصريون، السمعيون، الحركيون، اللمسيون)
مهارة التعرف على الأشكال الهندسية التالية ( الدائرة، المربع، المثلث، المستطيل)
المتعلمون البصريون: يقوم المعلم بعرض الأشكال كل شكل بلون معين مع الإشارة إليه وتسميته
مثلّث مربّع مستطيل دائرة
كأن يقول: إن الشكل الذي قمنا بتلوينه باللون البرتقالي هو ما نسميه المثلث، ويشير إليه. وهكذا مع باقي الأشكال، مع كتابة اسم كل شكل تحته
المتعلمون السمعيون: يقوم المعلم بالإشارة إلى الأشكال وتسمية كل شكل مع التكرار المستمر و ترديد الطلبة خلفه بشكل فردي، مع إجراء بعض المسابقات
المتعلمون الّلمسيون: يقوم المعلم بإحضار المعجون، والمقصات والكرتون المقوي، والتراب… وتشكيل هذه الأشكال مع الطلبة وتسميتها وإجراء المسابقات والتدريبات المناسبة
المتعلمون الحركيون: يقوم المعلم برسم الأشكال على أرض الغرفة الصفيّة بحجم مناسب، ويجري التدريب التالي: إذا لفظت اسم شكل من الأشكال( مثلث، مربع، دائرة، مستطيل) يجب أن تقفز بداخله، وهكذا مع باقي الطلبة. أو تشكيل الأشكال بالطلبة أنفسهم على شكل مثلث أو مربع أو دائرة أو مستطيل
في هذه الحالة يمكن للمعلم اشراك كافة القنوات الإدراكية للطلبة بطريقة المسح العام والشامل لطلبة الفصل، كما يمكنه باستغلال التقنيات الحديثة كالشبكة العنكبوتية فهي مليئة بكل ما يحتاجه المعلم من تدريبات تناسب كافة النماذج الإدراكية للطلبة
الخلاصة
لقد حرص المختصون على بناء المناهج المدرسية بحيث تراعي كافة الجوانب الجسمية والنفسية والاجتماعية لكل مرحلة سنيّة، كما تم الحرص على تأهيل المعلمين لأعلى درجات الكفاءة المهنية، ولكن مع وجود هذا الكم الهائل من الفروق الفرديّة بين الطلبة تنتاب المعلم في كثير من الأحيان لحظات إحباط يشعر فيها بعجز إزاء بعض المواقف التي يبذل فيها قصارى جهده ولا يوازي الناتج حجم ما بذل من جهد، إن التنوع الكبير بين مستويات الطلبة يتطلب دوام تأهيل المعلمين بشكل مستمر ومتابعة كل جديد في حقل التربية وأخذ ما يناسب كل بيئة تعليمية من هذه الدراسات والأبحاث، وتوفير البيئة المحفّزة على التعلم، فحقل التعليم هو العصب الرئيس في حياة كل الأمم، والاهتمام به يجب أن يحتل قمّة هرم الاهتمامات ولا أولوية تسبق أولويته